أخيرة

دردشة صباحية

حكاية العصافير الذين صاروا شهداء
يكتبها الياس عشّي

 

تحلّق الأطفال حول موقد شتوي يصغون للجدّة تروي لهم حكاية العصفور ورفقائه الذين صاروا من الشهداء.
تقول الجدّة:
شبّ حريق في غابة.
تكوّمت العصافير تحت أجنحتها؛ يتابعون بعيونهم الحادة ألسنة النار تلتهم الأشجارَ، والفراشاتِ، وشقائقَ النعمان.
غنّتِ العصافير، وحلّقوا فوق ألسنةِ اللهب، علّ الفيلةَ تسمعهم أو تراهم، فتسرع إلى المكان حاملةً الماءَ في خراطيمها وتشارك في إطفاء الحريق.
كانت الفيلة غائبة عن المشهد، كانت بعيدة، فلم يصلها صوت العصافير الخافت، ولم ترَهم يرفرفون فوق الأغصان.
*****
فكّرت العصافير:
إنّهم يفتشون عن مخرج.
رأوا جدولًا من الماء.
طاروا إليه.
حملوا بمناقيرهم نقاطاً من الماء، وبدأت عملية الإطفاء.
*****
الذين رأوا العصفافير يفعلون ما يفعلون، تساءلوا:
ماذا بإمكان هذه الطيور الصغيرة أن يفعلوا، والنار في كلّ مكان، والغابة كلّها تحترق؟
لم تأبه العصافير… كانوا يؤدون واجبهم، وخير لهم أن يحترقوا، وأن يكونوا الأضحية بين كلّ سكّان الغابة الذين يلعنون النار ولا يفعلون شيئاً.
تزداد حركتهم، ويزداد الخطر في أن يموتوا، لكنهم لا يأبهون.
إنه الواجب… كانوا يقولون في ما بينهم.
إنها وقفات العزّ… كانوا يردّدون.
*****
وسكتت الجدّة، ولاحظ الأطفال دمعة تتدحرج من عينيها، فسألها واحد من أحفادها:
وماذا جرى بعد ذلك يا جدّتي؟
تابعت الجدّة:
احترقت الغابة… ومات من مات… وفرّ من فرّ… لكنّ العصافير صاروا وحدهم الشهداء.
*مهداة إلى شهداء حلبا أحمد نعوس ورفقائه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى