خامنئي يكشف الغطاء عن المرحلة المقبلة!
روزانا رمّال
لا يمكن تلقي تصريح مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي الموجّه إلى السعودية بنفس العين التي كانت تحرص على حفظ خيط من الوصل الكفيل بإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي والتلاقي في منتصف طريق حول مختلف أزمات المنطقة.
السيد علي خامنئي قال من دون ان يترك للتأويلات مكاناً أنّ العدوان السعودي على اليمن يشبه الاعتداء «الاسرائيلي» على غزة، الأمر الذي يمثل تحوّلاً جذرياً في السياسية الإيرانية في الشرق الأوسط.
يعرف عن السياسة الإيرانية الصبر والهدوء والتروّي، ولو طال الزمن، وكثرت المواقف المناهضة لحراكها، ولطالما تحمّلت إيران عبء الضغوط النفسية والاقتصادية والعقوبات وغيرها من أجل بناء علاقات جيدة مع مختلف الدول المجاورة، أما على الصعيد الديبلوماسي فإنّ الحرص والحذر من توجيه أيّ إساءة للسعودية كان سيد الموقف قبل الحرب على اليمن بشكل خاص، وبالتالي كانت هناك مكانة خاصة للسعودية او مساحة محفوظة من الدولة الشريك في المنطقة، والتي يمكن ان تكون الدولة التي يمكن ان تتقاسم معها إيران النفوذ في أيّ تسوية شاملة مقبلة، هذا بالاضافة الى رمزية السعودية في العالم الإسلامي السني وقدرتها على جمع المسلمين ولعب دور هامّ في هذا الإطار وسط التناحر المذهبي القائم في الخفاء.
يعرف السيد خامنئي جيداً انّ وصف ممارسات السعودية أو تشبيهها بممارسات النظام الصهيوني الإجرامي حسب تعبيره، ليس هفوة أو زلة لسان تخرج عن أيّ ناطق رسمي حكومي إيراني أو مسؤول ديبلوماسي، وبالتالي يمكن التراجع عنها أو لملمتها.
يعرف خامنئي وقع كلامه كمرجعية دينية أولاّ وكقائد سياسي ثانياً عند من يتبعون إرشاداته ويسيرون على خطى سياساته، ويعرف انّ هذا الوصف رسالة وموقف أراد إطلاقهما وبالتالي أطلق معهما المرحلة الجديدة في الشرق الاوسط.
إيران الخارجة من مفاوضات لوزان منتصرة بانتزاع حقها النووي بين الدول الكبرى، تعرف أنّ وقع تصريحاتها ما قبل اتفاق لوزان لا يشبه ما بعده، وأنّ التعاطي معها مختلف أيضاً ويبدو جلياً في هذا الإطار أنّ إيران أرادت كسر المحظور ونسف أيّ فتات علاقة باقية مع السعودية، لا بل تصنيفها بأسوأ خانة وأكثرها وحشية الى جانب الصهيونية فماذا يعني هذا؟
يعني هذا انّ إيران تبدأ مرحلة جديدة في الخليج لا تريد للسعودية فيها بعد حربها مع اليمن ايّ دور مريب وملتبس، ويعني أنّ إيران باتت تدرك حاجة الأميركي والغربي الى توقيع اتفاق معها أكثر من أيّ وقت مضى، وأنها تقصد بموقفها اللاذع تجاه السعودية إعلانها بيقين المعرفة انّ العين الغربية الاميركية حتى تبدّلت وتغيّرت تجاه السعودية، وأنّ التوازنات الجديدة مقبلة بغير شكل وبغير منطق.
يعني أيضاً أنّ تقاسم نفوذ المنطقة مع الشريك السني فيها بالعين الأميركية الغربية المتعلقة تحديداً بمكافحة الإرهاب لا يمكن أن تكون مع الشريك السعودي الذي يضمّ عقائدياً أعلى نسبة من المنتسبين إلى الفكر الوهابي الذي يصدّر فكر «القاعدة» الى العالم، بل تتخطاه الى «شريك» تركي هذه المرة، والذي سيكون أكثر المستفيدين، وقد حملت إشارات زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومساعي مبادرات نحو حلّ سياسي لليمن ذلك… والتي أكدت انّ الأمر يتعدّى اليمن، وربما يصل استراتيجياً الى ما هو أكبر.
يفيد التذكير في هذا الإطار بأنّ حلفاء إيران كحزب الله أيضاً كانوا قد سبقوا تصريحات السيد خامنئي بتصريح للأمين العام السيد حسن نصرالله خاطب فيه السعودية بشكل لاذع، ووصل الى حدّ مخاطبة المملكة والمعنيين فيها بآل سعود بدلاً من السعودية بشكل يؤكد أنها سياسة حلف وليست تصريحات عبثية…
التحوّلات واضحة ومعالم الموقع السعودي الجديد بدأت تظهر متأثرة بشكل مباشر بالاتفاق النووي الإيراني مع الغرب الذي أعلن ايران بطريقة غير مباشرة شريكاً رئيسياً في مكافحة الإرهاب.
السيد خامنئي يعيد رسم خريطة المنطقة…
«توب نيوز»