رسمياً: الجامعة العربية عادت إلى سورية
} رنا جهاد العفيف
تبدأ سورية من حيث انتهى آخرون بعد استعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية، وبالإجماع ومن دون اعتراض، اتخذت جامعة الدول العربية قرار استعادة سورية عضويتها، كيف؟ نلخص مخرجات بيان القرار العربي تجاه سورية؟ وأيّ عنوان ستحمل المرحلة المقبلة ما بعد العودة؟
تلقت دمشق قرار جامعة الدول العربية باهتمام بحسب الخارجية السورية التي أكدت أهمية الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها الدول العربية، مشيرة إلى المرحلة المقبلة التي تتطلب نهجاً عربياً بناءً وجماعياً يستند إلى قاعدة الحوار والاحترام المتبادل، فيما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أنّ مراحل الأزمة السورية أثبتت أن لا حلّ عسكرياً، بينما أعلن الناطق باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف أنّ دبلوماسية الحوار ومساعي التكامل العربي التي تتبناها العراق كان لها إسهام حقيقي في عودة سورية إلى جامعة الدول العربية…
هنا لا نتحدث فقط عن عودة سورية إلى الجامعة، إنما عودة جامعة الدول العربية نفسها إلى سورية التي اجتازت الصعاب التي عصفت بها، معلنة بذلك انتصارها، لا سيما أنها أثبتت صوابية خياراتها من حيث الشكل والمضمون دون أن تتنازل قيد أنملة عن مبادئها ذات الصلة في وزن السياسة الدولية العربية والعالمية التي رسمت أبعاداً للخارطة السياسية الجديدة في المنطقة، وعندما تؤكد سورية على النهج العربي القائم على الحوار والاحترام، تعني بذلك أنّ على الدول العربية أن تنظر إلى الوحدة العربية الجديدة فكراً وأن تسعى لها عملاً وأن تناضل من أجلها باستمرار، لما في ذلك من أهداف حياتية بارزة للأمة بما في ذلك القضية الأولى التي أخطأ العرب خطأ فادحاً بحقها، بغضّ النظر عن التفاصيل العابرة، وبالتالي أنّ هذا القرار وبالإجماع دون اعتراض من أحد، يمثل اعتذاراً رسمياً من سورية، أيّ العرب اعترفوا رسمياً بالخطأ الكبير عندما أخذهم المشروع الأميركي على حين غرة إلى محاولة تقسيم سورية وفشلوا بذلك، وها هي اليوم سورية تتصدّر مركزها الطبيعي والحقيقي كبلد عربي كانت قد أخطأت أيضاً جامعة الدول بحقها عندما جمّدت عضويتها، وهذا نتاج الاجتماعات التي جرت في جدة وعمّان، وكان لها وقع بارز في الخطوات مقابل الخطوة، ومن هذا المبدأ اتفق وزراء الخارجية العرب على السير بخطوات عملية وفاعلية لتتدرّج نحو حلّ الأزمة بجميع تبعاتها مؤكدين الاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية.
إذن بداية طريق ما بعدها ستحضر سورية في الجامعة، إذ قال الأمين العام للجامعة العربية إنّ بإمكان الرئيس السوري بشار الأسد المشاركة في القمة إذا ما رغب، وإلى حين ذلك وما تحمله هذة المرحلة من دلالات على قدر الأهمية، جدّدت دمشق موقفها بضرورة تعزيز التعاون العربي المشترك للتصدي لتحديات المنطقة، أيّ بمعنى يجب على الدول العربية أن تُفعّل سياسة التوازن الاستراتيجي بينها وبين سورية تعويضاً ربما عن الخلل الذي أصاب الموقف العربي العام ذات يوم، وعليه سيكون له أهمّ أثر على طاولة المفاوضات، وأن تواصل ترسيخ الكفاح من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية والقومية، لتحقيق تضامن عربي فعّال في وجه تحديات العدو الإسرائيلي وغطرسته بعدما ادركوا أنّ سورية نقطة ارتكاز أمن المنطقة وصمام أمان عالمي…
هذا كان ربما جوهر صوابية الخيار، لا سيما أنّ القرار الصادر لا يتحدث فقط عن عودة العرب إلى البيت السوري،بقدر ما يتحدث أيضاً عن سيادة سورية وضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، الذي رحّبت فيه سبعة عشر دولة لديها الإرادة الكاملة أو الرغبة لنقل بالوقوف مع سورية صفاً واحداً في وجه الرياح العاتية، قد يقول قائل هنا ولكن هناك دولاً تعترض أو ترفض عودة سورية؟ اليوم كلّ من يرفض او يعترض هو يمثل المشروع الأميركي الفاشل أو يصنّف أميركياً، هذا في حال تجرّأ أحد على مواجهة القيادة السعودية التي تقف خلف هذه المبادرة، عدا عن أنّ القرار صدر ولن يكون هناك مساومة لأنّ ذلك سيرتدّ سلباً على مَن يناور، ما لم تكن الرسالة واضحة بالمجمل والأيام المقبلة ستحمل عنوان ما بعد العودة وقد نشهد حراكاً دبلوماسياً من نوع آخر تجاه سورية التي تتحضر ربما لحضور كافة الأنشطة والفعاليات في الجامعة العربية لتفعيل أداء الدور العربي الحقيقي على مستوى إقليمي ودولي ضمن المسارات المفتوحة التي ربما يتفاجأ بها بعض النخب السياسية في ظلّ تسارع وتطورات مجريات الأحداث ومتغيّراتها…