رائدُ أدب… إضاءات
} د عماد فغالي*
كان بعدُ ههنا، عندما تناهى إلى مسامعي شخصًا وفعلاً. الأدبُ الوجيز وصاحبُه أمين الذيب.
يسحرُكَ الطرحُ للوهلةِ الأولى، كأنّما يضعُكَ أمامَ عجزٍ لِما تسمع: ما معنى هذا؟ لكنّ المقصود ليس جديدًا حتى عليك. أعتقدُ أن صاحبَ المشروع عارفٌ أنّه لا يأتي ابتكارًا، إنّما يضيء على نوعٍ أدبيّ أراد له هويّةً خاصّة في المنظومة الأدبيّة بعامّة!
الومضةُ، الخاطرة، القصّة القصيرة والقصّة القصيرة جدًّا، أشكالٌ أدبيّة كتبها كثيرون، من دون أحيانًا كثيرة أن يقصدوا كتابة أدبٍ وجيز، أو شكلاً ينتمي إليه. لكنّها أشكالٌ جديرٌ درسُها أسلوبيّةً ودلالةً، لِما تقولُ كثيرًا في نصّ صغير… واسمحوا لي هنا ادّعاءَ انحيازي الكبير لقولةِ الحبيب جورج طرابلسي: «لا أقول بكلمتين ما أستطيع قولَه بكلمة واحدة». وإنّ كتاباتي في هذه لشاهدة!
لا يدّعي «لقاء» من أمسيته الليلةَ تعاونًا مع ملتقى الأدب الوجيز، ولا تمتين صداقةٍ مع عائلة أمين الذيب، خصوصًا تلك القائمة مع الغالية تمارا… «لقاء» في مسيرته الأدبيّة، يستنيرُ فقط بشخص الرجل، ويسعى لإضاءةٍ على حالةٍ أدبيّة وُلدتْ لا شكّ، وتنمو بدلال ما تأسّسَ لها…
قرأتُ أنّ المؤسّس نظرَ تباشيرَ مشروعه قيدَ الحياة، وارتحلَ مرتاحًا لانطلاقِ القاطرةِ من المحطّةِ الأمّ، تسوقُ عرباتٍ محمّلةً رؤىً استشرافيّة وآليّاتٍ نقديّة ونماذجَ تطبيقيّة، مستندة كلّها على قدراتٍ تنظيريّة وأعمالٍ إبداعيّة، إنْ ينتظرْ في عليائه ثمارَ جهوده، ينظرْ إلى دأبٍ مستمرّ، لا بدّ يرسي معالمَ واضحةَ وخواتيمَ مرجوّة.
الأساتذة المداخلون، واقفون على ما أسلفت، يقدّمون لنا المادّةَ من فيض عارفين. أنا من موقع «لقاء» آتيكم مساحةً تبسطُ للوجيز ورائده، لأنّنا مؤمنون بالقضيّة الأدبيّة في صفائها الخام، وبكلّ مشروعٍ أدبيّ وصاحبه. فكيف لو جاء الأخيرُ بجديدٍ يُهديه للفكر والجمال؟!!
أيّها الأحبّاء،
أمين الذيب، لا أعتقدُه اليومَ يسألُ عن نفسِه. ولا أحسبُه يريد لاسمِه ذكرًا أو تكريمًا. كان الرجلُ صاحبَ مشروعٍ ورؤية. يهتمّ من حيثُ هو لأن تكونَ العينُ دومًا على مطْلقتَه، تلك الاقتنعَ بها وروّجَ لها. وهو لها شفيع.
أمين الذيب، إن كنّا تواعدنا ذات تعارف على جلسةٍ، حسبُنا الليلةَ نلتقي على وعدنا… أخالني أقولُ لكَ بعدَ شرحكَ المتحمّس لرؤيتكَ الأدب الوجيز، «خلّينا نعمل شي بـ «لقاء». وأخالكَ الليلةَ تضيء شمعةً إضافيّة على نيّةِ من يسمع للمرّةِ الأولى، لا باسمكَ الواهج، بل بحلمكَ الذي يحبو بخطىً بطيئة ربّما، لكن واثقة، مشيةَ ملك!
في هذا السياقِ تحضرني قولةُ المزمور: «الذين يزرعون بالدموع، يحصدون بالترنيم». الحصادُ كثير، أمّا الفعلة فيكثرون. دعوةٌ أجدها ههنا ضروريّةً: تعالوا إلى أمين الذيب، نتعرّف به، نقرأه، نتبيّن نيّاتِه بواكير أدبٍ أسّسَ له… ونعتلي مدارجَ الجمال في جديدٍ من قامة فكر!
*أستاذ جامعي ورئيس منتدى لقاء.