وللتحرير تتمّة من القبضات الحديدية
} د. رائدة علي احمد
ترجّل سامي من السيارة، ومشى مشية الضفدع الملدوغ نحو أشجار حرج الدمشقية على مقربة من حاجز الذلّ والانكسار، مدّعياً أنّ له حاجة ملحّة تحت بنطاله الذي بدأ يجرّ فضيحته بقدميه، وإذا بأنذال الحاجز يصرخون بأصواتهم الخنزيرية، ويتقدّمون نحوي بقافلة مؤلّلة بالحديد الجارح، تقدّم حيدو بصوته الجعاري:
انزل من سيارة، اشلخ ثياب، أرفع أيديك، انبطخ أرض…
لم يبق على جسدي إلا ما يستر عورتي، وعيناي تفضح خوفهم وجبنهم وحيرتهم، هل رأيتم طرزان في عزّ شباط؟ لقد كنتُه في ذلك اليوم، وكان دمه يغلي في أوردتي. ضحكت في سرّي، لقد نجا الملعون سامي من معرض التعرّي، لكنه حضّر مع الرفاق وسائل حديثة لتعريتهم. ووقع جسدي تحت مرمى عيونهم، وأقدامهم وبنادقهم، وشفتاي تفترّ عن بسمة هزء ورضى وانتصار، أفكر ماذا هم فاعلون؟ لم يجرؤ أحدهم على فعل الاغتصاب، فهم أجبن من أن يلمسوا لحمي، وتحت لحمي بركان يعوي، والرافق يحرسونه من خلف حجاب.
الفئران ينغلون في السيارة، يقلّبونها، يقشّرون حديدها برؤوس بنادقهم الحذرة، كأنهم يقلبون قُمامة نتنة، وهم النتانة كلها، يبحثون عن مصدر خوفهم، والمصدر مسجّى على زفت الطريق حيث يتجمّعون، دنا أحدهم مني، قلّب ظنونه بيديه على جسدي الحافي، جحظت عيناه فشعّ نزقُها في المكان، غير أنه لم يجن مني إلا تلك العين الجائعة، فهو لا يعرف أنّ جوعها للموت أقوى، وأنّ اللغز بيد سامي، وقاذف الـ B7 أيضاً.
لحظات عبرت، وكان لحمهم يتطاير مع رصاصات سامي ولولا، وطوني، اختلطت مياه شباط بسيل عرقنا، ورعده بعويلهم، وظلّ دمهم يهرب على زفت الطريق باحثاً له عن مخبأ يحتمي به…