مخيم اليرموك والحسم العسكري
نيبال هنيدي
استماتت المجموعات المسلحة وحضرت مراراً لما يسمى «معركة دمشق» في إطار محاولاتها لتغيير المعادلات على الأرض التي يمسكها الجيش السوري جيداً، وفشلت هذه المحاولات تحت وطأة جاهزية واستعداد الجيش السوري لصد أي هجوم من هذا النوع وحماية العاصمة دمشق.
وكان مخيم اليرموك جنوب العاصمة أحد المحاور التي حاولت المجموعات الإرهابية استخدامه لدخولها عام 2012، ومنذ حوالى أسبوعين وفي الأول من هذا الشهر دخل مسلحو تنظيم «داعش» من جهة الحجر الأسود وبتسهيل من «جبهة النصرة»، وللمرة الأولى، إلى المخيم واستطاعوا السيطرة على قسم كبير منه، وذلك عقب سيطرة «النصرة» الإرهابية على معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
القيادة السورية حرصت على التعاطي بقدر عالٍ من المرونة مع مخيم اليرموك تاركة المجال للقوى الفلسطينية لتتخذ قرارها باستعادة المخيم ومنع أن يكون منصة لإطلاق النيران باتجاه الجيش العربي السوري والعاصمة دمشق، على رغم المحاولات العديدة التي قامت بها الحكومة السورية لتحييد المخيم من خلال مبادرات المصالحات والتي انهارت أمام هجمات المجموعات المسلحة، كما أن خصوصية مخيم اليرموك فرض طوال السنوات الماضية من الأزمة خصوصية التعامل العسكري معه.
فهل ما زالت الاحتمالات مفتوحة بأن يكون دخول «داعش» إلى المخيم مقدمة لدخول دمشق؟
معاناة الأهالي في المخيم اضطرتهم إلى النزوح وترك بيوتهم بسبب ممارسات المجموعات المسلحة، من اغتيالات بلغت خمس عشرة محاولة لاغتيال وجهاء في ملف المصالحة، إضافة إلى تطبيق هذه المجموعات ما يسمى «الحدود الشرعية» والتي أعدم من خلالها ثمانية وعشرون مدنياً منذ اقتحام المخيم، كما قامت منظمة التحرير الفلسطينية بإجلاء 400 عائلة من مخيم اليرموك بعد أسبوع تقريباً من اقتحامه بفتح معبر آمن من بيت سحم والبلدية، بحسب رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، أنور عبد الهادي.
فهل هذا سيسهل التدخل العسكري للجيش السوري وحسم قضية المخيم؟
دخول تنظيم داعش الإرهابي المخيم لم يترك خياراً أمام الحكومة السورية والفصائل الفلسطينية سوى القيام بعملية عسكرية مشتركة واسعة يشارك فيها الجيش العربي السوري والفصائل الفلسطينية لطرد التنظيم وإعادة الأمن والاستقرار إلى المخيم.
وكان عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أنور رجا أكد لـ«توب نيوز» أن قوى التحالف الفلسطيني تخوض معارك شرسة مع «داعش» في مخيم اليرموك، وباتت تسيطر على نحو 40 في المئة من المخيم، فيما يسيطر «داعش» في المقابل على 60 في المئة.
يبدو أن التسوية لم تعد ممكنة في ظل الظروف الراهنة في مخيم اليرموك، وآن لجميع القوى الفلسطينية أن تستخدم القوة من أجل تطهير مخيم اليرموك من تنظيم «داعش» والمتحالفين معه ودائماً بالتنسيق مع الدولة السورية.