الولايات المتحدة والحرب على اليمن

حميدي العبدالله

ليس خافياً على أحد أنّ الولايات المتحدة دعمت بشكل واضح الحرب التي شنّتها السعودية وحلفاؤها على اليمن، ولولا هذا الدعم العلني والمصرّح عنه، لما نجحت السعودية في حشد من حشدته من الدول المشاركة معها في هذه الحرب.

لكن ما يحتاج إلى نقاش أكثر هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتبر هذه الحرب حربها، ومستعدّة لمواجهة كافة الاحتمالات المترتبة عليها.

من حيث المصالح لا شك أنّ الولايات المتحدة تعتبر حرب حلفائها حربها، لأنّ الاستقرار في السعودية وسيطرة حلفاء الولايات المتحدة على اليمن وعلى مضيق باب المندب هو مصلحة حيوية أميركية، ولو أنّ الحرب على اليمن اندلعت قبل خوض الولايات المتحدة حرب أفغانستان والعراق لشنّت بنفسها الحرب على اليمن، وكانت مشاركة السعودية وحلفاؤها في الحرب مشاركة ثانوية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين ودول «الناتو» استنزفوا قدراتهم في حروب كثيرة وفجّروا أزمات في كافة أنحاء العالم، غطت هذه الأزمات القارات الخمس من أوكرانيا في أوروبا، إلى فنزويلا في الأميركتين، إلى ليبيا ومالي والصومال والسودان ومصر في أفريقيا، إلى سورية والعراق واليمن في آسيا، وفي ظلّ تزامن كلّ هذه الأزمات التي تحوّلت غالبيتها إلى حروب، بعضها مباشر وبعضها بالوكالة، لم يعد لدى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة صاحبة المصلحة الأساسية في الحرب على اليمن، فائض قوة يمكنها من دخول الحرب مباشرة لذلك اكتفت بتقديم الدعم اللوجستي والعتاد الحربي المدفوع ثمنه كاملاً عدّاً ونقداً من قبل المملكة العربية السعودية. لكن الولايات المتحدة صاحبة المصلحة الأساسية في الحرب على اليمن ليست متحمّسة كثيراً لهذه الحرب، ليس لقلة الحيلة فقط في مواجهة القوى الصاعدة في اليمن التي تصفها الدول الغربية بأنها امتداد للنفوذ الإيراني، بل لأنها تخشى تداعيات هذه الحرب، وعدم اليقين من الانتصار فيها، وهذا ما عكسته الأبحاث التي نشرتها مراكز الأبحاث الأميركية وبعض وسائل الإعلام الأخرى ووصفت الحرب بالمغامرة.

تخشى الولايات المتحدة هزيمة السعودية في هذه الحرب، وإذا ما ألحقت الهزيمة بالسعودية فإنّ الخطر لن يظلّ في إطار قيام نظام مجاور للسعودية يناصبها العداء ويفصله عنها بحر من الدماء تسبّبت بها الحرب التي شنّتها السعودية وحلفاؤها، بل قد يتحوّل إلى مواجهة مفتوحة مباشرة وغير مباشرة، وقد تمتدّ إلى داخل المملكة العربية السعودية، وقد تهدّد الاستقرار فيها، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة، كما أنّ الولايات المتحدة على قناعة بأنّ ما فشلت به هي وحلفاؤها عندما شنّوا حربهم على أفغانستان والعراق التي حظيت بدعم دولي منقطع النظير، لا تستطيع السعودية بقدراتها المحدودة هي وحلفاؤها المأزومين أساساً، الذين يواجهون أزمات سياسية وأمنية مصر وباكستان أو اقتصادية، أن يوفروا قدرات توفرت للولايات المتحدة وحلفائها ومع ذلك فشلت حروبها جميعها ولم تربح حرباً واحدة، ومن موقع التجربة تدرك الولايات المتحدة أنّ المغامرة الحربية السعودية في اليمن ستجلب المصائب أكثر من الفوائد، ولهذه الأسباب لم تبد حماساً كبيراً لهذه الحرب، وقد تسعى إلى إيقافها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى