كيف لا… تزغرد «إسرائيل»؟
شهناز صبحي فاكوش
كيف لا نصبح محط أنظار العالم؟ وكيف يمكن للغرب المستعمر بطبعه اللئيم بفطرته… الضغين في سلوكه… الحاقد بفكره… الطامع بتعاطيه… ألا يضعنا في حساباته؟ كيف لا ونحن أمة تنوف في تعدادها عن كلّ من يدّعي أنه أمة؟
كيف لا ونحن الأهمّ ثقافة إلهية… حيث حبانا الله برسالاته التي يدين بها ثلاثة أرباع البشرية ونيف؟ كيف لا ونحن من امتلكنا روائز العلوم… ووضعنا أسسها… وإنْ كنا ابتعدنا عنها حتى أصبحنا نلهث خلف الفتات الذي يلقونه لنا؟
كيف لا ونحن نملك من ثروات الأرض ما لم تملكه أمة على وجه البسيطة؟ كيف لا وقد وضعنا الله أمة في قلب العالم جغرافياً.؟ أبعد كلّ هذا نتساءل لماذا نحن مستهدفون؟ هو قدرنا في النهاية…
كيف لا يطمع المستعمر بنا، وعوامل ضعفنا صنعناها بأيدينا وأهديناها إليه رغم كلّ مقومات القوة التي نملكها، بغبائنا أهدينا عدونا ضعفنا فصنع منه قوة يضربنا بها؟
تركنا العقل إلى التسطيح في التفكير، وأخذت الغواية في النفس البشرية إلى أن نقتل بعضنا بعضاً. فيستفيد من موتنا العدو الصهيوني الذي يندسّ في الأرض كما اندسّ في العقول المهترئة، ما زاد في شقاق الأمة، وكذا الإسلام.
في ليبيا يقتتل الليبيون في ما بينهم، ما يُسمّى بقوات فجر ليبيا وقوات الجيش الليبي، وكلّ يريد السلطة. «الناتو» أشعل الأرض، حطّم ودمّر قتل وشرّد والشريك العربي شيء قطر… وضع السلاح بيد الجميع لينهي بعضهم بعضاً.
الغرب انسحب ليتفرّج… وما يدعى بالأمم المتحدة تنتظر نهاية الفيلم الأبيض والأسود، لتكتب الضبط. والجزائر تحاول التوفيق لأنها تتألم وهي تسمع زغاريد بني صهيون، وهم يشربون أنخاب فتك الأهل ببعضهم.
تشتعل اليمن وتشنّ السعودية «عاصفة الحزم» عليها، وتقذف طائراتها حمولتها الأميركية والغربية، كتلك التي كانت تلقيها طائرات أميركا على العراق قبل احتلاله… لا فرق… ذات المشهد، فكلّ الطائرات في النهاية صنع في أميركا!
تهرول الجامعة العربية والأصحّ المفرّقة العبرية لتؤدّي دورها بجدارة لاستصدار قرار «يشرعن» ضرب اليمن، والحجة أوهى من خيوط العنكبوت، كما «شرعنت» قبلاً ضرب العراق وحجة ضربه خدعة، وكذلك تشريعها السريع في ضرب «الناتو» ليبيا.
يقتل العرب بعضهم بعضاً، ولا يكفي ذلك بل يُجيّش الغرب ويحرّض على المساعدة في قتل الأهل. تعلّمنا في التراث أن أكون مع ابن عمي على الغريب لا العكس، إلا أنّ عرب الخليج نسفوا كلّ معايير العرف والتراث ووحدة الدم.
السعودية تريد من باكستان مساعدتها في ضرب اليمنيين… وعكس الصورة كان في مساعدة دول الخليج أميركا عندما ضربت العراق، وكذا ساعدوا «الناتو» في ضرب ليبيا. هل كانت أميركا بحاجة لهم أم طائرات الناتو بحاجة إلى طائرات قطر؟
هو عرس الدم العربي، الذي تزغرد فيه القوى الصهيونية، على أنغام قصف الطائرات العربية لأبناء العرب. في تموز 2006 كان صغار بني صهيون يكتبون على الصواريخ إلى أطفال العرب موتوا مع حبنا.
وكما يقول حاخاماتهم: العربي الذي نحب هو الذي يُقتل بيد أخيه العربي. تلك ثقافتهم وفلسفتهم. و»عاصفة الحزم» اليوم تحقق أمنية بني صهيون بموت عائلات بأسرها بنيران طائراتها.
تتوسع مساحة عرس الدم العربي، لتصبح كبقعة الزيت التي تتوسع بسرعة. السيارات المفخخة الداعشية تضرب سيناء في مصر. وبغداد والموصل في العراق.
تزحف «داعش» لمواقع شتى في سورية، فتقصف بقذائف جهنم حلب. وتقتل في مجازر جماعية حيثما تحلّ، قبل أن تقضي عليها قوات الجيش العربي السوري.
كلما ازداد قتل العرب بعضهم بعضاً ارتفعت زغاريد بني صهيون في فلسطين المحتلة، وفي كلّ موقع يتواجدون فيه. وهم ينفذون مقولة عدو عدوي صديقي. وهذا ليس بجديد، هو منذ الستينيات عندما تدخل عبد الناصر في اليمن، خشية توحد العرب.
الصهاينة يزجّون أنفسهم بوضوح وبخفاء حسب مقتضى الحال في الشأن العربي. قريباً من أماكن تواجدهم أو بعيداً عنه. وهذا باعترافهم وأرشيفهم يدلّ عليهم.
القوى الصهيونية في الحدّ الأدنى تخطط، وتزنّ على الآذان الوضيعة، لتملأها بما يدمّر أمتنا… فتجعل الممالك والمشيخات والإمارات التي تصادر حرية شعوبها وكلّ ما يملك، تتحدث عن الديمقراطية وتشعل بحجتها النار في الدول الجمهورية.
السعودية تنصب نفسها مناصرة للسلطة الشرعية في اليمن، كما تدّعي، فتضربها. وفي المقلب الآخر تساعد الإرهاب ضدّ شرعية الدولة في سورية.
هي تفعل كلّ ما تؤمر به لإنجاز دورها الوظيفي، الذي بدأت أميركا ولية نعمة العرش السعودي بهزه، بإعلان أوباما أنّ عليها الخشية من شبابها الغاضب في الداخل وليس من إيران كما تعلن…
علها بداية النهاية في التخلي عنها… وقد يكون الدور الوظيفي الذي تقوم به سيرحَّل إلى الغير الذي ما زال أكثر قبولاً لدى القوى الصهيونية، وأموالها ومؤسساتها الإعلامية التي تؤثر في الإدارة الأميركية، ومعظم الدول الغربية… وما عاد هذا خافياً على أحد.
إنّ خشية بني صهيون على أمنهم من أيّ بادرة، يمكنها أن تحقق وحدة العرب حسب الحلم العربي، أو التضامن العربي الذي سعت إليه سورية منذ أن طرحته شعاراً وتبناه القائد المؤسّس حافظ الأسد كحدّ أدنى يجمع العرب.
كما تخشى اتخاذ قرار عربي موحد، عن طريق جامعة الدول العربية. التي سعى الرئيس بشار الأسد إلى تنشيطها وإعطائها شخصية اعتبارية تعمل لصالح الأمة.
هذا لا يروق لبني صهيون. لذلك كان لا بدّ من تجميد عضوية سورية، مع «الربيع العربي». وتزييف التضامن العربي بتشكيل قوة مشتركة عربية تتوجه لضرب اليمن وربما غيرها بدلاً من توجيه قوتها العسكرية نحو الصهاينة المحتلين لفلسطين.
أما الوحدة العربية فقد كتبت شهادة وفاتها، بذكاء الثعلب كيسنجر الذي ظلّ يراوغ حتى ربط مصر بـ»كامب دايفيد» والأردن بـ»وادي عربة» وشتت الكلمة الفلسطينية بـ»أوسلو» لأنه شعر ملامح لها بدت في حرب تشرين 1973 فوضع يده بيد الحكام العرب حينها معظّماً أجرهم… ونال على ذلك جائزة نوبل.
منذ ذاك التاريخ والصهاينة يشربون نخب الرُسُنِ التي ربطت العرب بعجلة حفظ أمنهم في فلسطين المحتلة، وبنوا سرادق الفرح وعلت زغاريدهم.
لكنه انهار على رؤوسهم حين أُسقطَ علمهم في طهران وارتفع العلم الفلسطيني بدلاً عنه، وواجهتم ثورة الحجارة في الداخل الفلسطيني لأكثر من مرة، ثم هزموا بانتصار المقاومة في جنوب لبنان.
كلّ هذا طيّر صوابهم، وحين أصبح محور المقاومة يهدّدهم بشكل صريح، استجمعوا كلّ الخبث الذي يملكون ومفكريهم كيسنجر وأمثاله، لإضعاف أي قوة يمكنها تهديد أمنهم. ودعم كلّ من يمكنه القيام بدور الوكيل فكانت تركيا والخليج.
ضُرب العراق واحتلّ، ولما كانت خسائرهم فادحة، جاؤوا بالربيع العربي الديمقراطي الذي صدّع البنى العربية، من داخل أقطارها. ولما انهزم الربيع في سورية جيشوا لها رعاع العالم ووضعوا كلً إمكانات الوكلاء لإضعافها.
حاولوا هزيمة إيران في حقها النووي ضريبة رفعها أول علم لدولة فلسطين، ناسين أنّ الصمود يصنع القوة والقوة تصنع الحضور.
وها هم يضربون العرب ببعضهم. لأنّ صنعاء التي لم يدخلها أيّ غازٍ أو مستعمر غربي. خشوا من نهايتهم فيها فسخروا الوكيل السعودي لضربها ولعلها الخطوة التي توقع ورقة نهاية بني سعود، لأنها كُتبتْ منذ صنّعت أميركا «القاعدة» ووضعتها على أكتاف ابن لادن السعودي.
لا بدّ تخرس أفواه بني صهيون وتموت زغاريدهم في حلوقهم فتخنقهم.