حرب القلمون تسابق مفاوضات أنقرة… وعسيري غرفة عمليات في بيروت
كتب المحرر السياسي:
في عشية اليوم العشرين للحرب السعودية، واصلت الرياض جهودها الضائعة عسكرياً بلا تحقيق أي نتائج ملموسة، على رغم البيانات اليومية عن إنجازات على الورق، يفترض إذا صحت أن تكون عدن قد حسمت وأن يكون مضيق باب المندب قد صار بيد جماعة التحالف، ومناصري الرئيس المستقيل منصور هادي، وحاولت الرياض أن تنقل الضوء إلى مكان آخر، فعيّنت من سفارة اليمن في الرياض رئيس الحكومة المستقيل خالد بحاح نائباً لمنصور هادي، وسط معلومات عن إعداده ليكون عنوان التسوية القادمة بتسلم الرئاسة بدلاً من هادي، على طريقة تسليم هادي بدلاً من علي عبد الله صالح في التسوية الأولى، وبالتزامن تجهد السعودية لتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن يضع التزام الحوثيين بشرعية هادي وتسليمه مقاليد الأمور كشرط للبحث بوقف للنار، يشمل عدوانها على اليمن، بينما وصلت المفاوضات الخليجية مع روسيا، إلى طريق مسدود لضمان تمريرها للمشروع، بعدما أبلغ المندوب الروسي في مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين سفراء الدول الخليجية يتقدمهم السفير السعودي عادل الجبير، اشتراط روسيا للموافقة على المشروع أن يتضمّن الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار، يعقبه تفاوض سياسي بين الأطراف المحلية والإقليمية المتنازعة، من دون أن يجيب عن سؤال ما إذا كان سيستخدم حق الفيتو أم لا في حال عرض المشروع على التصويت.
روسيا التي استعملت حق الفيتو رفضاً لتدخل مقترح على مجلس الأمن من المجموعة العربية ضدّ سورية، تضع في حسابها وقد ترسملت من نتائج إدارتها للملفات الدولية وخصوصاً رفضها التدخل في أوكرانيا على طريقة التدخل السعودي في اليمن وبذات الذريعة، أنها تملك الأسباب الكافية لرفض تغطية التدخل السعودي كأمر واقع تمّ من خارج مجلس الأمن، فإما سحب مشروع القرار، وتحمّل نتائج حرب بحدود ما يوفره لها غطاء شرعية هادي، أو دفع كلفة التغطية الدولية بقبول معايير عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وانتهاك سيادتها.
روسيا تلقت جائزة على مواقفها وثباتها ونجاحاتها، ما سيشجعها على المضيّ بذات النهج الذي بدأته في سورية نحو اليمن، بعدما قال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يوم أمس أنه آن الأوان للإصغاء إلى موسكو، لضمان الوصول إلى حلّ للأزمة في سورية، بعدما ثبتت صحة ودقة الرؤية الروسية المستندة إلى المعرفة الوثيقة وليس للتمنيات.
دي ميستورا سيتولى الإعداد لورقة عمل تحضيرية لـ«جنيف 3» كما تقول المصادر الروسية مع نهاية زيارته لموسكو، خصوصاً أن الفشل الذي أصاب خطته التي كانت مقرّرة لحلب ثبت بعد ما شهدته إدلب أنه كان مخططاً من الأتراك، وأنّ السعي إلى جنيف يجب أن يتقدّمه بعد نتائج حوارات موسكو، ضمان تجاوب الدول الإقليمية المتورطة، خصوصاً تركيا، التي تستقبل وسطاء «جبهة النصرة» وقادتها بالتزامن مع زيارة مدير عام الأمن العام اللبناني لأنقرة، ويدور تفاوض غير مباشر، بوساطة الاستخبارات التركية، لإنهاء قضية العسكريين المخطوفين، في ظلّ معلومات تشير إلى إيجابيات سيحملها اللواء عباس إبراهيم، قد تكون عدداً من العسكريين المخطوفين الذين نقلوا إلى الرقة قبل أسابيع ويفترض وفقاً للمعلومات أن بعضهم صار في أنقرة.
تموضع تركيا سيسهل إذا تمّ لصالح منطق التسويات، الكثير من التعقيدات، خصوصاً مع التشجيع الإيراني لاحتلال المقعد الشاغر بذهاب السعودية إلى لغة الحروب كما أوحت وقائع زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان إلى طهران الأسبوع الماضي.
التسابق بين الحلول التفاوضية والتفجير الذي يدق طبول الحرب في القلمون، يجعل لبنان وسورية في حال استنفار سياسي وأمني وعسكري لملاقاة المفاجآت القادمة، لكن يبقى كل شيء مرتبطاً بإيقاع ما سيشهده اليمن، حيث السعودية مباشرة في حال حرب للمرة الأولى، وتستنفر كل جماعاتها، لحشدهم في هذه الحرب بمعزل عن الحسابات المحلية لشؤون بلادهم، فلبنان الذي تضرّر فيه مناخ الاستقرار جراء الإصرار على الحملات المبرمجة ضدّ حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله، شهد الإعلان عن تشكيل غرفة عمليات ديبلوماسية إعلامية يقودها السفير السعودي عبر سابقة عقد اجتماع لسفراء دول التحالف وتحويله منصة للتهجم على السيد نصرالله.
يستعدّ حزب الله لمعركة القلمون بالتنسيق مع الجيش اللبناني الذي يواصل خطته على حدود السلسلة الشرقيّة المتمثلة بقضم التلال الإستراتيجيّة، وبالتزامن مع الغارات التي ينفّذها الطيران الحربي السوري على المسلحين الإرهابيين في جرود عرسال وجرود فليطة.
وأشارت مصادر أمنية لـ«البناء» إلى «أنّ التحضيرات لمعركة القلمون تأتي مترافقة مع التحضيرات لاستعادة ما تبقى من إدلب لمنع تمدّد المجموعات المسلحة المؤتمرة بغرفة عمليات غازي عنتاب، اتجاه القصير والقلمون»، مشيرة إلى «أنّ الاستعدادات تجري بالتزامن مع ما حققه الجيش السوري من تقدم في الزبداني، وفي ظلّ ما يُحكى عن عملية تنظيف في سلسلة جبال لبنان الشرقية، التي ستوزع مهامها على الجيش اللبناني وحزب الله والجيش السوري كلّ ضمن نطاقه».
وأشارت المصادر العسكرية إلى «أنّ الجيش السوري مستمرّ في عمله في القلمون وفقاً للخطة التي يعتمدها، والجيش اللبناني ارتفعت معنوياته بشكل ملحوظ بعد نجاحه في 3 عمليات استباقية نفذها، ويعتبر أنّ استمرار هذه المنهجية العسكرية سيحقق الأهداف الدفاعية التي يتوخاها»، ولفتت المصادر إلى «أنّ حزب الله مرتاح جداً للإنجازات التي يحققها مع الجيش السوري في سورية، والتي يحققها الجيش في لبنان».
السعودية تطلب من «النصرة» نقل 2500 مقاتل إلى اليمن
وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أنّ تنظيم «داعش» تراجع في القلمون واضطر أن ينقل جزءاً من مجموعاته إلى الشمال والشرق في سورية، وأن القوة المتبقية لهذا التنظيم لا تعادل 40 في المئة مما كانت عليه سابقاً في القلمون».
وأشارت المصادر إلى «أنّ السبب يعود إلى الضغط الذي مارسه الجيش السوري وحزب الله بطريقة ذكية، وطريقة تعامل الجيش اللبناني، لجهة الحصار ومنع الإمدادات في شكل واسع». ولفتت المصادر إلى «أنّ الجيش الحرّ بات وكأنه غير موجود، مع استمرار تمركز المجموعات المتناثرة التي لا تشكل ثقلاً عسكرياً يغير طبيعة المشهد».
ورأت المصادر «أنّ جبهة النصرة تكاد تكون القوة العسكرية الرئيسية في القلمون، لكنها تعاني من تراجع المعنويات بسبب الحصار والضغط العملاني بسبب الحاجة لعناصرها في مناطق أخرى باتجاه الريف، فضلاً عن طلب السعودية منها نقل 2500 مقاتل إلى اليمن».
ورأت المصادر أنه «إذا استمرّت المجموعات الإرهابية على هذه الحال فإن لا ضرورة لما يسمى معركة القلمون إلا إذا حصل متغيّر مفاجئ، عند ذلك تبدأ المعركة من دون إنذار مسبق».
إشارات إيجابية في ملف العسكريين
وفيما رجحت مصادر مطلعة أن يكون هذا الأسبوع حاسماً بالنسبة إلى ملف العسكريين المختطفين لدى «داعش» و»النصرة» ، أعلن الأهالي عن «تأجيل تحركهم الذي كان مقرّراً اليوم إلى حين عودة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم من تركيا».
وأكد رئيس لجنة أهالي العسكريين إلى «أنّ خبر نقل العسكريين إلى الرقة يبعث إشارات إيجابية، فالرقة تقع على الحدود التركية، وعملية النقل تمّت بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها كل من وزير الصحة وائل أبو فاعور واللواء إبراهيم وأحمد الفليطي إلى تركيا»، مشيراً إلى أنه «يضع ما يجري في إطار حلحلة ملف العسكريين وإطلاق سراحهم».
أما نظام مغيط شقيق المعاون الأسير إبراهيم مغيط فأكد أنهم «تبلغوا عبر وسطاء أنّ تنظيم داعش لجأ إلى نقل العسكريين إلى الداخل السوري لحمايتهم من المعركة المرتقبة في القلمون، وأنّ «التنظيم» على استعداد للتفاوض مع اللواء إبراهيم وخلية الأزمة في شأن العسكريين».
وإذ أشار إلى «أنّ رئيس الحكومة أبلغهم أنّ معالجة ملف العسكريين لدى جبهة النصرة وتنظيم داعش في سلة كاملة متكاملة»، شدّد مغيط على «أنّ الأهالي ينتظرون المعطيات التي سيعود اللواء إبراهيم، ليبنى على الشيء مقتضاه، لا سيما أنّ التصعيد أرجئ إلى حين عودته.
وأمنياً، داهمت دورية من فرع المعلومات محلاً تابعاً للموقوف أمير الكردي، الذي أوقف بالتزامن مع عملية توقيف الإرهابي خالد حبلص، في باب الرمل بطرابلس. كما داهمت دورية تابعة لفرع المعلومات في الشمال منطقة الزاهرية وأوقفت بناء على اعترافات حبلص والكردي المدعوين أبو متعب وأحمد محمد عبدو الملقب أبو مصعب سوري الجنسية، والذي يُعتبر اليد اليمنى لحبلص وهو مسؤول عسكري مهمته تجنيد شبان بهدف إرسالهم للقتال في سورية.
نصر الله يطلّ الجمعة
في غضون ذلك، يطلّ ا مين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل عند الساعة الخامسة عصراً، في المهرجان الذي يقيمه حزب الله تحت عنوان «التضامن والوفاء وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر» في مجمع سيد الشهداء الضاحية الجنوبية لبيروت.
ورفض عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي خلال لقاء سياسي في بلدة العباسية بدعوة من المنتدى الثقافي الاجتماعي، تحوّل لبنان إلى إمارة سعودية وأن يكون السفير السعودي في لبنان مفوّضاً سامياً أو حاكماً عسكرياً يفرض إرادته على اللبنانيين»، مشدّداً على «الحرص على تجنيب البلد تداعيات العدوان الأميركي السعودي على اليمن، بحيث أن تعبير كلّ جانب عن رأيه يجب ألا يمسّ بالاستقرار والحريات العامة التي يحرص لبنان على الحفاظ عليها».
حلول المنطقة تقرأ من الباب اليمني
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أنّ حلول المنطقة باتت تقرأ من الباب اليمني»، مشيرة إلى «أنّ المسألة في اليمن ليست من ينتصر بل كيف سيكون حجم انتصار اليمنيين ومن يدعمهم وحجم خسارة السعودية ومن معها في عدوانها ضدّ اليمن».
في المقابل، أبدى السفير السعودي علي عواض عسيري أسفه لما وصفه بـ»الطريقة الانفعالية التي يتعاطى فيها فريق لبناني مع موضوع اليمن»، سائلاً خلال استضافته في دارته ظهر أمس، رؤساء بعثات دول التحالف المعتمدين في لبنان: «أين مصلحة لبنان في المواقف التي يتخذها هذا الفريق»؟
الحوار اليوم سيبحث في تخفيض منسوب الخطاب التصعيدي
ومع استمرار أجواء التصعيد، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنّ حوار حزب الله تيار المستقبل مستمرّ»، مشيراً إلى «أنّ جلسة الحوار العاشرة في عين التينة اليوم ستبحث في تخفيض ومعالجة منسوب الخطاب التصعيدي الذي ظهر عقب الأزمة اليمنية، لا سيما أن الحرب الإعلامية تكاد تهز الانجازات التي تحققت منذ بدء الحوار». وتحدث الرئيس بري عن مسعى لحل الأزمة اليمنية»، متوقعاً «أن تتجه الأمور نحو الحل السياسي».
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أن التدخل العسكري الخارجي في اليمن، هدفه زيادة التعقيدات، وهو تدخل مباشر في الشأن الداخلي لليمن، واليمنيون لهم الحق في تقرير مصيرهم، بعيداً من التدخلات الخارجية».
وفي الشأن الداخلي أكد حردان خلال جولة في عدد من قرى حاصبيا، «أنّ الحزب يؤيد انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت واليوم قبل الغد، فلا يصحّ أن تبقى الدولة بلا رئيس، خصوصاً في منطقة ملتهبة تشهد تطورات ومتغيّرات كثيرة. ولفت إلى «أنّ لبنان محكوم بالتوافق، ويجب أن يتمتع رئيس الجمهورية بالغالبية لكي يتمكن من الحكم في هذه الظروف، غالبية لبنانية وليس مسيحية فقط».
وفي الشأن السوري، اعتبر حردان «أنّ النهج المتبع في سورية هو نهج قابل للحياة ونحن متمسكون بهذا النهج وهذه الثوابت السياسية، في مواجهة القوى العدوانية المختلفة التي تشنّ حرباً كونية على سورية، ونحن نعتقد أنّ هذه الحرب التي تشنّها أميركا و»إسرائيل» وحلفاؤهما في المنطقة وفي العالم، تهدف إلى إخضاع سورية وتطويقها، فهم لا يريدون أن تكون سورية حامية للمقاومة وأن يكون قرارها السياسي مستقلاً. إنهم يريدون القضاء على الدور القوي الذي تلعبه سورية في قضايا المنطقة، ولا سيما على مستوى الصراع مع «إسرائيل».
واستذكر اللبنانيون أمس ذكرى الحرب الأهلية التي اندلعت في 13 نيسان عام 1975 وصدرت مواقف دعت إلى أخذ العبر من الحرب لعدم تكرارها. وأكد الرئيس سعد الحريري، أننا «لن نسمح أبداً أن تعود الحرب».
من ناحية أخرى توقفت مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي عند اعتبار النائب أحمد فتفت «أن كلام النائب وليد جنبلاط عن تعديل الطائف فيه خطورة»، وأكدت «أن كلام رئيس الحزب الاشتراكي عن تعديل اتفاق الطائف واضح ولا يحتاج إلى تفسير، فهو دعا إلى تعديل الطائف من دون المساس بجوهره كما انطلق من الإدارة وضرورة التركيز على المعايير الإدارية ومبدأ الكفاءة وليس على المعايير الطائفية وهذا فيه مصلحة لجميع اللبنانيين»، وشددت المصادر على «أن جنبلاط مقتنع بأن أي تعديل على اتفاق الطائف يحتاج إلى توافق بين جميع المكونات الداخلية».
وذكرت المصادر بـ»تنازل النائب جنبلاط عن الموقع الدرزي في الهيئة الاقتصادية في طرابلس عندما تعرقل تشكيلها في مجلس الوزراء بسبب الخلاف بين الأطراف السياسية، وبتنازله أيضاً عن الموقع الدرزي في الجامعة اللبنانية لصالح مرشح الكفاءة».