أولى

فلسطين والمقاومة والتكتيكات الجديدة

الوقائع التي تقدّمها المقاومة الفلسطينية كل يوم تتكفل بالقول إن ثمة روحاً جديدة تظهر، ما كان ممكناً لها الظهور لو لم تكن ثمرة شهور وأسابيع من الإعداد والتحضير، على مستوى الكوادر والقدرات والتكتيكات والخبرات والخطط.
ليس عادياً ما جرى في جنين أول أمس، كما يقول قادة الكيان، وليس عادياً ما جرى في نابلس أمس، وفق معادلة قتلتم منا فنقتل منكم، والنجاح بعملية مدروسة لاستهداف المستوطنين رداً على قتل المدنيين في جنين، وعلى مسافة يوم، وفي منطقة مرشحة لتكون توأم جنين، هي نابلس، لتسقط الضربة الثانية على رأس قادة الكيان بقسوة الضربة الأولى، وتتسببان معاً بإصابة الكيان بالاهتزاز والشعور بالعجز.
ماذا يستطيع الكيان أن يفعل وجيشه ومخابراته يسلّمان بأن ما جرى يسقط بالضربة القاضية الرهان على نظرية توسيع الاستيطان في ظل افتقاد الأمن. والرهان على الميليشيات التي لا يمكن لها أن تنجح في أكثر من إنتاج خطوط تماس في حرب عربية يهودية تفرز الضفة الغربية جغرافياً الى دوائر مغلقة، تعني عملياً تحويل المدن الفلسطينية الكبرى الى مناطق محرّرة خارج نطاق سلطة الاحتلال، وسقوط فلسفة توسيع الاستيطان عبر إسقاط نظرية انتشار المستوطنات الصغيرة التي يتبنّاها يسرائيل سموتريتش، يوازيه سقوط نظرية الحرس الوطني التي يتبناها ايتمار بن غفير، والعودة إلى نظرية الجيش والمخابرات والحكومة.
المستوطنون المذعورون يتجمّعون في المستوطنات الكبرى التي يحرسها الجيش، هذه هي الحصيلة الأولى لمسار جنين ونابلس، ما يعني سقوط نتائج الانتخابات الأخيرة للكيان التي حملت صعود بن غفير وسموتريتش، وبالتوازي يصبح السؤال هو ماذا يستطيع الجيش وماذا تستطيع المخابرات؟
الرهان على حملة عسكرية كبرى تقوم باحتلال المدن الفلسطينية وتمشيطها وإخضاعها وإلقاء القبض على المقاومين والنشطاء، حلم الجنرالات، لكن دون تحقيقه معركة كبرى تشبه معركة اجتياح غزة، أكلاف مرتفعة، ومخاطر الفشل، واحتمالات تفجير حرب مع غزة، وتدحرجها نحو حرب إقليمية بوجود محور المقاومة الذي يؤكد أنه إذا استدعت الضرورة منه القيام بخطوة او خطوات فهو لن يتردد بذلك، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خلال معركة غزة الأخيرة التي حملت اسم ثأر الأحرار.
مرة أخرى تنجح المقاومة الصاعدة والمتصاعدة في فلسطين في فرض إيقاعها على المشهد الإقليمي، وربما المشهد الدولي.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى