أخيرة

دبوس

 

ترفٌ يحتضر…

قبل 15 عاماً فقط لا غير، كان الناتج القومي الإجمالي لأوروبا أكثر من الناتج القومي الإجمالي لأميركا بـ 1.5 تريليون دولار، أما الآن، فإنّ الناتج القومي الإجمالي لأميركا يتفوّق على نظيره الأوروبي بما في ذلك بريطانيا بحوالي 7 تريليون دولار.
أما الناتج القومي الإجمالي مقسوماً على عدد السكان في أوروبا (gdp per Capita) فهو 38.400 ألف دولار، بينما هو في أميركا حوالي 70 ألف دولار، أما بالنسبة للتضخم في أوروبا، وهو في معظمه بسبب أسعار الطاقة، فلقد تجاوز الـ 7%، بينما هو في الولايات المتحدة حوالي 4%…
شكراً لأسعار الطاقة، والشكر من أصله الى الحرب الروسية الأطلسية، والتي تصرّ أميركا على استمرارها، ولقد بلغت فاتورة الطاقة في أوروبا للعام الفائت 800 مليار يورو ، أما المحزن، فهو زيادة معدّل الوفيات في أوروبا في شتاء السنة الماضية 2.2%، ويعود ذلك الى زيادة أسعار الطاقة، وهو ما يتجاوز ضحايا وباء كورونا في أوروبا!
ما الذي يقبع في العقل الاستراتيجي الأميركي؟ والذي يجعله يصرّ على استمرار هذه الحرب القاتلة، والتي سيخرج الجميع فيها خاسراً، وعلى رأسهم حليفة أميركا، أوروبا؟ يتهكّم البعض قائلين، إذا قرّرت أميركا اختيارك كعدو ، فتلك مصيبة، أما المصيبة الأكبر، فهي ان تقرّر اختيارك كصديق، لقد جلست أميركا في الناحية الأخرى من الأطلسي، تستمتع بمشاهدة أوروبا تدمّر نفسها إبّان الحرب العالمية الثانية، ولم يشفع لدول أوروبا الحليفة لأميركا، لا الصداقة، ولا التحالف، ولا أيّ شيء آخر، ولم تتدخل إلّا في الربع ساعة الأخيرة، بعد ان تأكدت بأنّ كلّ المتقاتلين، أعداء وحلفاء خرجوا مفعمين بالويلات والدمار والافلاس، ومنذ ذلك الحين، وهي تفرض هيمنتها الأحادية على العالم…
ماذا تريد من هذه الحرب بين روسيا وجيرانها الأوروبيين؟ وكيف يفكر هذا العقل الشيطاني استراتيجياً؟ وهل ستكرّر ذات المشهد، بضرب الأعداء والحلفاء بعضهم ببعض، حتى تستعيد هيمنتها المهشمة؟ الحقيقة التي تطلّ برأسها جليّاً من بين ركام الغموض، هي انّ أوروبا الغربية ستدفع الثمن الأفدح، وسنشهد بما لا يقبل الالتباس، ترفاً يحتضر في قارة كانت منذ وقت قريب، مضرب المثل في الرخاء والازدهار والجمال.
سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى