علاقة الذكاء العاطفي والاجتماعي بـ « Chat Gpt»
} سارة السهيل
النجاح هدف كلنا نصبو الى تحقيقه في حياتنا العملية والعلمية، وقد نركز كثيراً في اكتساب المعارف العلمية والتكنولوجية ونطوّر أدواتنا بها عبر التحصيل الدراسي وأدوات التعلم الحديث، وننجح كثيراً في تحقيق طموحاتنا المهنية وفي تعليم أبنائنا أكاديمياً، لكننا قد نفشل كثيراً في الشعور بالسعادة والتحقق الذاتي في تذوق معنى هذا النجاح.
والسبب بسيط لكنه جوهري، وهو تجاهل النجاح الاجتماعي والعاطفي. فكم ربّ أسرة حصل على أعلى الشهادات العلمية وحصد المراكز الوظيفية المرموقة وفشل في مهمته الأساسية كزوج وأب! كذلك كم حققت المرأة من نجاحات وطموحات مهنية وفشلت في نقل مشاعر الأمومة الدافئة لقلب صغارها! وكم طالب متفوّق دراسياً لكنه فاشل في اجتذاب الأصدقاء وإقامة علاقات اجتماعية سوية مع أهله وجيرانه وزملائه.
فالنجاح الحقيقى يبدأ من إدراك الإنسان لمشاعره وللآخرين والتحكم بانفعالاته لصالح حلّ المشكلات الاجتماعية التي تواجهنا في معترك الحياة. وللأسف فإنّ معظم توجهاتنا التربوية في البيت والمدرسة تركز على التعلم الأكاديمي والمعرفي والرياضي وتهمل اكتساب المهارات العاطفية والاجتماعية، وهو ما قد يفسّر العنف المتزايد في سلوك المجتمع صغيراً أو كبيراً.
لذلك يرى علماء النفس أنّ الذكاء العاطفي قد يكون أكثر أهمية من معدل الذكاء التعليمي في تحديد نجاح المرء في الحياة، وثبت أنّ الأشخاص الأكثر نجاحاً هم الذين يتمتعون بمهارات شخصية واجتماعية متطورة.
في الماضي القريب كنا نظن انّ الذكاء العاطفي والاجتماعي هو سلوك فطري لدى كلّ إنسان، وهذا حقيقي، ولكن نسبته وفقاً لما اكتشفه العلماء لا تزيد عن عشرين% فقط، و80% يعتمد على تطوير الذات والمهارات المكتسبة، ولذلك يدعو الخبراء التربويون الى ضرورة تدريس الذكاء العاطفي والاجتماعي بالمناهج الدراسية،
فالناجحون عاطفياً يكونون أكثر تواصلاً بالآخرين وأكثر مرحاً وإقبالاً على الحياة، ولا يغرقون فى انفعالاتهم ومشاعرهم السلبية، بل انهم يبدعون فى أصعب الظروف، وطموحهم ربما قد يسبق قدراتهم المعرفية، لكنهم بالإصرار والتفاؤل والجهد يحققون أحلامهم.
ووفقاً لخبراء التطوير النفسي، فإنّ للذكاء العاطفى 5 ركائز، أولها إدارة العواطف كالقلق والميل للاكتئاب ومواجهة المواقف الصادمة، وثانيها الذكاء الوجداني المعني بمعرفة ما يشعر به الآخرون تجاه أنفسهم أو تجاه الشخص، والثالثة تتعلق بالوعي بالنفس من خلال تحليل الموقف ووضع ضوابط لإدارة الانفعال وردود الفعل تجاه الموقف، يليها تحفيز النفس لتحقيق أهدافنا من خلال تجاوز الواقع السلبى المحبط المحيط بنا.
وأخيراً، وصولاً الى الهدف الأسمى وهو توجيه العلاقات الإنسانية وفنّ إدارتها من خلال تحقيق التوازن بين العقل والقلب معاً وتوظيف المهارات التي اكتسبتها في الترقب من الآخرين والإنصات اليهم وقبول آرائهم وحسن الظنّ بهم والتعاطف معهم وإقناعهم بالتفاوض والاعتذار إليهم والاعتراف بالخطأ وتحمّل المسؤولية وقبول اللوم، وهو ما يكسب الإنسان احترام الآخرين.
يمكن تنمية ذكائنا العاطفى عبر بث التفاؤل لأبنائنا والمراهقين خاصة، بنشر قصص الناجحين وتحدّيهم للصعاب، مع إشعار الأبناء المراهقين بالمسؤولية عن أنفسهم وتطوير قدراتهم وتعويدها على التوافق مع مختلف الطبائع البشرية وتحفيزها على التكيُّف معها.
ومن أحدث الوسائل المستخدمة في تطوير الذكاء العاطفي والاجتماعي برنامج «شات جي بي تي» Chat GPT، هو برنامج دردشة أطلقته Open AI في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، من نماذج اللغات الكبيرة، وهو «روبوت» محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي، ويفهم اللغات البشرية ويستجيب بطريقة تشبه البشر، ويسمح بتنسيق الحوار والإجابة على أسئلة المتابعة والاعتراف بأخطائها، يؤلف الشعر ويتذكر المحادثات.
ويمكن لمن يعانون من صعوبة توصيل أفكارهم أو وجهة نظرهم بطريقة صحيحة أو مبسطة الإستفادة من الذكاء الاصطناعي لروبوت «شات جي بي تي» chat GPT، عن طريق أخذ معلومات منهم وتحليلها وإعطائهم اختيارات للكلمات والجمل التي تمكنهم من التعبير عن أنفسهم بلغة الزمان والمكان الذي اختاروه بسهولة، ومع الوقت يكتسب الفرد مهارة التعبير عن نفسه وتوصيل أفكاره ببساطة للآخرين…