أولى

مَن يوقف اللعبة الجهنمية؟

‭}‬ أحمد بهجة*
ما حصل يوم السبت الفائت في موضوع سعر صرف الدولار ليس إلا استمراراً للمسار الإجرامي الذي أوصل لبنان واللبنانيين إلى هذا القعر الذي لا يظهر في الأفق أيّ مؤشر لإمكانية الخروج منه.
وفي الوقائع ارتفع سعر صرف الدولار نحو ثمانية آلاف ليرة في غضون ساعات قليلة ليصل السعر إلى نحو 99 ألف ليرة، ثم عاد ليهبط فجأة إلى حدود 93 ألف ليرة! ومعلوم أنّ السبت هو يوم عطلة رسمية في سوق القطع، لكن اللبنانيين صاروا يعرفون جيداً أنّ هناك مَن لديه القدرة على إدارة السوق الرسمية والتحكم بالسوق السوداء في الوقت نفسه، وهذا ليس سراً على الإطلاق، وبات اللبنانيون يعرفون أنّ أول حرف من اسم ذلك المُتحكّم بسوق القطع وبأرزاق الناس هو رياض سلامة (ما غيره).
اللعبة الجهنمية باتت مكشوفة أمام القاصي والداني، وهي ليست أكثر من استغلال للفراغ الرئاسي وللشلل اللاحق بكلّ المؤسسات، وذلك في محاولة لفرض أمر واقع من خلال التمديد لـ «الحاكم» لست سنوات جديدة.
وعليه… ليس مستبعداً أن تستمرّ المنظومة بلعبة حرق الأعصاب حتى آخر شهر تموز الحالي، موعد انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، وهذا ما يجعل من الممكن وصول سعر صرف الدولار إلى 150 ألف ليرة وربما أكثر في إطار هذه اللعبة الجهنمية التي يدفع ثمنها كلّ اللبنانيين… خاصة الشريحة الكبيرة منهم التي لا تحصل على أيّ دعم بالعملات الأجنبية من الداخل والخارج، وتقتصر مداخيلها على الليرة اللبنانية التي خسرت قيمتها الشرائية بشكل كامل تقريباً…!
إلى أين من هنا… هل يمكن لمَن بيَدهم الأمر والنهي أن يقفوا متفرّجين وأن يتركوا أولئك الذين يتلاعبون بمصير الناس وحياتهم اليومية وقوت عيالهم يفعلون ما يريدون؟ أو يجب وضع حدّ لكلّ هذه المهزلة بقرارات حاسمة لا لبس فيها؟
هذه الأسئلة لا تجد لها أيّ جواب سوى أنّ على نواب حاكم مصرف لبنان أن يتحمّلوا مسؤولياتهم كاملة، وبشكل خاص النائب الأول الذي يتولى بموجب المادة 25 من قانون النقد والتسليف كلّ صلاحيات الحاكم وليس كما يخطئ البعض ويقول إنّ نواب الحاكم يصرّفون الأعمال ريثما يتمّ تعيين حاكم جديد.
وإذا انتقلنا بكلمتين إلى الجانب السياسي يجب لفت النظر إلى أنّ نواب الحاكم الأربعة تمّ تعيينهم في حزيران 2020 من قبل حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب، وجميعهم من دون استثناء تمّت تزكيتهم من قبل مرجعيات سياسية من المفترض أنها تعارض سياسات الحاكم الحالي وفريقه السياسي في 14 آذار الذي غطى ولا يزال يغطي المخالفات والارتكابات.
إذا كان هذا القول صحيحاً، وإذا كانت مقولة «كلن يعني كلن» غير صحيحة، فإنّ نواب الحاكم ومرجعياتهم السياسية مطالَبون بأن يتسلّموا كرة النار، وأن يفعلوا كلّ ما في وسعهم من أجل وقف اللعبة الجهنمية، والعمل في مصرف لبنان والحكومة والمجلس النيابي على إطلاق مسار سياسي واقتصادي ومالي ونقدي جديد ووضع الأسس اللازمة التي يمكن معها القول إنّ رحلة الألف ميل بدأت وها هي خطواتها الأولى قد سارت على السكة الصحيحة…
*خبير مالي واقتصادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى