تجاوزات أميركية في الشمال السوري…
} رنا العفيف
أسباب كثيرة تجعل الولايات المتحدة الأميركية تُعزّز وجودها وقواعدها في سورية، بعد حالة الاستنفار القُسوى التي تُنفّذها قسد ومجموعات أخرى برعاية أميركية في شمال شرق سورية.
فهل تقع المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية والجيش العربي السوري وحلفائه؟
بحسب مصادر، استقدمت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى ريف دير الزور باتجاه قاعديتي كونيكو والعمر، وطلبت من هذه المجموعات أن تبقى جاهزة بعتادتها الكامل، ودعتها إلى التأهّب لأيّ هجوم من الضفة الغربية لنهر الفرات، لا سيّما أيضاً طلبت من ممّا يُسمّى بـ «الجيش الحر» الاستنفار في منطقة التنف.
طبعاً الأسباب أو الدوافع التي تجعل أميركا تُعزّز وجودها العسكري هو ربّما روسيا التي قامت بإحتكاك مع القوات الأميركية فوق قاعدة التنف لأسباب جيوسياسية وأمنية، وتحديداً عند بدء المناورات التدريبية الكبيرة لقوات الاحتلال الأميركي في المنطقة المُحيطة بقاعدة التنف الأميركية منذ أيام على مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية، ذلك من خلال الاتهامات المتبادلة بين موسكو وواشنطن بخرق قواعد الاشتباك المعمول بها، أيّ التوتّر البرّي الذي رافقه توتّر جوّي بين روسيا وأميركا في السماء السورية، بناء على ما تمّ الكشف عنه من قبل مسؤول في البنتاغون، إذ قال إنّ الولايات تدرس خيارات عسكرية في مواجهة الحراك الروسي الجوّي المُتمثّل في تحليق المقاتلات الروسية فوق القواعد الأميركية في شمال شرق سورية.
أيضاً جاء هذا التوتّر على خلفية تصاعد حركات المقاومة ضدّ الوجود الأميركي تزامُناً مع خطوط التماس لتعزيزات عسكرية للجيش العربي السوري وحلفائه في منطقة الميادين والبوكمال وفي دير الزور، في مواجهة قوات قسد وقوات الاحتلال الأميركي وباقي المجموعات المّوالية لها، وبالتالي التقارير التي تتحدّث عن حشود سورية توجّهت إلى نقاط التماس مع القوات المدعومة من الولايات المتحدة «قسد» في مناطق قريبة من نهر الفرات، ما يعني أنّ واشنطن عندما تشعر بتحسّن المناخات الإيجابية على المستوى السياسي بين سورية والدول العربية المُحيطة بها، تقوم بتشويش الرؤية السياسية لأيّ مناخ سياسي إيجابي مواتي لدمشق يتعلّق بالحل السياسي للأزمة..
على سبيل المثال منذ قرابة أيام صرّح لافرنتيف عن مسار الاتفاق السوري التركي وهو قائم بحسب ما قال إنّ الأمور تذهب باتّجاه تنفيذ هذا الاتفاق، ما يعني أنّ ألف باء مسار التقارب التركي السوري ربما يمضي على ما يرام، وذلك من خلال تفكيك ما يُسمّى قسد وهي بالمجمل مشروع أميركي بحت، وعلى هذا النحو واشنطن مستاءة، لذا نراها تبحث عن بديل لـ «قسد» لا سيّما أنّ أميركا تُدرك تماماً أنّ الميزان الاستراتيجي لثروات سورية هي في الجزيرة السورية، ما يجعلها تأخذ بعين الاعتبار قرار البقاء لمواصلة سرقة النفط والقمح وكلّ مقوّمات الطاقة للشعب السوري الذي يُعاني ضائقة اقتصادية بسبب الوجود الأميركي بين قوسين وجود قوات السرقة والاحتلال والهمينة والعدوان والغطرسة الذي يأخذ منحى التدابير العسكرية والأمنية في حال فرضية تفكّك قسد القائمة…
إذاً يمكن القول هنا بأنّ واشنطن تقوم بعملية تدوير ولملمة فتات ما تبقّى من المجموعات الإرهابية من إدلب والتنف لتُعيد تجميعهم لتُحقّق ما عجزت عنه «قسد» بأقرب وقت ممكن، ما يُفسّر ذلك أنّ الولايات المتحدة تريد التسلّق على خلاف مع روسيا، وكذا الخلاف مع إيران، لتستثني ادّعاءاتها في مجلس الأمن بأنّ الدولة السورية غير قادرة على الوصول إلى تلك المناطق، وطبعاً هذا الأمر لا ينطلي على الشعوب العربية والإسلامية التي تواكب تجاوزات واشنطن أهدافها في شمال شرق سورية وهي…
ربط مناطق التنف بمنطقة شرق الفرات بمناطق شمال شرق سورية حول الرقة، وهذا الأمر قد صدر عن لافروف عندما تحدث عن الولايات المتحدة التي تُنشئ مجموعات قتالية محليّة حول الرقة لربطها بمناطق قسد ذلك الحين، وطبعاً لا نستبعد هذه الفرضيّة لطالما تسعى أميركا إلى التواصل على المستوى الأمني والاستخباري والميداني مع جبهة النصرة في إدلب، وذلك لاستعادة المجموعات المسلحة المدعومة منها للتمدّد بدءاً من شمال حلب إلى عفرين واعزاز وصولاً ربما إلى جرابلس وربط هذا الخط، وبالتالي هذا ما تريده الولايات المتحدة وصل تلك المناطق لتحقيق جملة أهداف سياسية وجغرافية وأمنية وعسكرية عبر جبهة النصرة التي تُعتبر بيضة القبان الأميركي، وعليه يتمّ تنفيذ مشروعها الجديد تحت ذريعة القضاء على داعش لا سيّما أنّ واشنطن تريد ربط التنف في مناطق سيطرتها في الجزيرة لسبب وجيه وهو فصل الجغرافية السياسية والأمنية والعسكرية بين سورية والعراق لغاية استراتيجية وهي دق إسفين بين الدولتين وقطع محور الإمداد باتّجاه البوكمال.
ولكن السؤال الحتمي الذي يفرض نفسه هنا هل ستتمكّن الولايات المتحدة من تنفيذه؟
قد يبدو أنّ المعركة مع الولايات المتحدة الأميركية وعملائها قادمة وربما قريبة، وسيتصدّى الجيش العربي السوري وحلفاؤه لقوات الهيمنة الاميركية لصدّ العدوان، ويحقّ للدولة السورية الدفاع عن سياج الوطن، لأنّ الزّيف الأميركي فاضح المعايير للرأي العام العالمي، ولا يمكن لواشنطن أن تُنافق وتدّعي أنها متواجدة على الأرض السورية لتعميم الأمن والاستقرار، وهذا كذب وتعنيف سياسي حادّ لا يمكن استغفاله، لأنها أتت لتنهب وتسرق ثروات الشعب السوري، وادّعائها بأنها متواجدة للقضاء على داعش فهو باطل، لذا فإنّ المرحلة المُقبلة قد تكون ذاهبة لاحتكاك عسكري بين القوات الأميركية والجيش السوري والحلفاء استناداً لما نقله مسؤول كبير في البنتاغون حسب ما نقلته وكالة الأنباء عنه، حيث قال: لن نتخلّى عن أيّ منطقة في سورية، وهذا له عواقب وخيمة قد تدفع لصدام مباشر أو مواجهة عسكرية غير مسبوقة.