أولى

المملكة والحلول في المنطقة…

‭}‬ مأمون ملاعب
وقع البعض في الخطأ في تقييمهم الاتفاق السعودي الإيراني وتسرّعوا بالحكم على نتائجه. ذهب كثيرون في التساؤل: هل كانت الولايات المتحدة على علم بالمحادثات قبل أن يعلن عن الاتفاق في الصين؟ بمعنى آخر هل تمّ الأمر برضاها أو أنّ المملكة ذهبت بعيداً الى اتفاق لا ترضى عنه الولايات المتحدة وبرعاية لا تقبلها! وبالتالي هل ممكن للمملكة اتخاذ خطوات سياسية ذات طابع استراتيجي معاكسة لإرادة الإدارة الأميركية؟ القول إنّ المملكة قفزت إلى الضفة الأخرى خطأ، وأنها تسعى لذلك خطأ أيضاً، حتى القول إنها تريد سياسة متوازنة مستقلة يحمل الكثير من المبالغة.
في السياسة لا يفصح المسؤولون عن كلّ نياتهم ولا يتفوّهون بكلّ الحقيقة ويمكرون ويراوغون. نحن علينا الأخذ بالمعطيات ونلجأ إلى التحليل.
ـ القواعد العسكرية الأميركية جاثمة على أرض الخليج العربي في السعودية وجيرانها منذ حرب الخليج ولا تزال… وهذا له دلالات عديدة.
ـ توقفت الحرب على اليمن بهدنة كان الطرفان المتحاربان بحاجة لها. منذ ذلك الوقت، أشهر مرّت دون تقدّم ملحوظ في المفاوضات من أجل حلّ ينهي الحرب ويعالج مضاعفاتها. ما زالت السعودية في مأرب واليمن ممزق ومحاصر. صحيح أنّ المملكة سمحت بالحج للحوثيين بل استقبلت مسؤولهم بالحفاوة لكن ذلك لا يُصرف لا في السياسة ولا في الاقتصاد.
لا تستطيع المملكة ولا الولايات المتحدة من ورائها كسب أيّ شيء من المفاوضات، إلا إنهاء الحرب وهي متوقفة، لذلك فإنّ كسب الوقت غير مضرّ بالمملكة بانتظار مستجدات في أمور أخرى وأماكن أخرى…
خلاصة الأمر أنّ الشعب اليمني يعاني من آثار الحرب والحصار بينما المملكة مرتاحة جداً على وضعها في ظلّ الهدنة، فإذا كانت لم تفز فهي أيضاً لم تنهزم، وهذا هو الوضع الأفضل لها في ظلّ الظروف الحالية.
عادت سورية إلى الجامعة العربية ولعبت المملكة دوراً أساسياً لتأمين العودة، وحضر الرئيس بشار الأسد القمة العربية. لم تتنازل سورية عن أيّ من مواقفها ولم تغيّر شيئاً في سياساتها، ودخل الأسد القمة من موقع المنتصر.
في المقابل فإنّ إعمار سورية لم يبدأ والحصار عليها لم يُخرق. توقفت الحرب على الجبهات حيث حسمها الجيش السوري، وبقيَ التوتر في الشمال والشمال الشرقي حيت تركيا والأميركيون مباشرة. هناك لا دور للسعودية أو للجامعة العربية… لأنّ الوجود المباشر للقوات الأميركية يجعل منها احتلالاً وهو يعطل أيّ دور لأيّ دولة أخرى، ولم يبق إلا مقاومة ذلك الاحتلال…
تستطيع السعودية المساهمة إنسانياً برفع آثار الزلزال، أو على الأقلّ المساهمة مادياً كما كانت تساعد التنظيمات الإرهابية، فهل هي ممتنعة؟ أو هي ممنوعة؟ وماذا قدّم الانفتاح على سورية لها ليخفف من معاناة شعبها في ظلّ الحصار الجائر؟
في لبنان تتخذ المملكة موقفاً حيادياً معلناً، هي على المسافة نفسها من كلّ المرشحين وليس لديها مرشح تدعمه. هذا الموقف الجديد، بعد الاتفاق مع إيران، المعلن ذو طبيعة سلبية تتوافق في المحصلة مع الموقف السابق الداعم لفريق بقايا 14 آذار.
تدرك المملكة جيداً كما الولايات المتحدة بأنهما لا يمونان على عدد من النواب كافٍ لإيصال مرشح يدعمانه، لذلك كان موقف المملكة هو تعطيل وصول مرشح «فريق الممانعة». تمون المملكة على عدد كاف من النواب إذا ما انضمّ إلى مؤيّدي فرنجية لإيصاله رئيساً، لكنها تمتنع عن ذلك. قد يكون هذا موقفها، لكن لم نلحظ أيّ موقف إيجابي آخر.
بقيَ الوضع على ما كان عليه. اللجنة الخماسيّة ليست إلا ذرّاً للرماد في العيون. هي لجنة أحادية تتكوّن من الولايات المتحدة والباقي هو الرماد. لا قيمة لاجتماعات اللجنة ولا لبياناتها. الواهمون فقط ينتظرون منها فرجاً مع تراجع بعض النفوذ الأميركي، أو مع تردّد الولايات المتحدة حيال بعض القضايا اختارت المملكة تمايزاً ولم تنفذ كلّ رغبات أميركا. وإذا كانت أميركا نفسها تفاوض إيران بحثاً عن حلّ لمصالحها ومصالح «إسرائيل» فلماذا لا تفاوض المملكة. المفارقة أنّ الاتفاق قد تمّ برعاية صينية فأحدث مفاجأة. هل كانت الولايات المتحدة على علم بالمحادثات؟ وهل هي راضية على الاتفاق؟ ربما لا. لكن حتى الآن هي تفرض إرادتها معطلة أيّ إيجابية وأيّ حلّ خارج ما يناسبها. وهذا يعني أنّ المملكة لم تخرج من العباءة الأميركية، أو ربما حاولت وردعت. أو على الأقلّ تترقب فرصاً في ظلها…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى