«المعارضات السورية»… بين السياسة والميدان و«سفينة نوح»

فاديا مطر

لا تزال الأنظار متجهة نحو العملية العسكرية لاستعادة مدينة إدلب وحلب من مجاميع الإرهاب التي دخلتها، في مشهد دراماتيكي يُغلب سلاح الجو السوري وقواته البرية بالقدرة على دحر هذه المجاميع الإرهابية عبر ما يحققه من معادلات برية مسندة من الجو في عمليات دقيقة ونوعية تؤهل ما تبقى من مناطق للوقوع تحت سيطرة الجيش العربي السوري.

فبعد سيطرة الجيش أمس على بلدة «كفر نجد» ولاحقاً بسرعة مذهلة على بلدة «نحليا» في جنوب محافظة إدلب، تستمر عمليات الجيش في المحافظة الجارة لـ «حلب وريفها» التي لا يرشح عنها سوى خسائر المجموعات الإرهابية من «نصرة «وغيرها، وأعداد الشهداء التي تسقط جراء ما تستهدفه هذه المجموعات لأحياء مدنية في مشهد يُعلن إفلاس هذه المجموعات التكفيرية على وقع قلق مشغليها وداعميها لوجستياً وسياسياً وانكشاف عورتهم في العسكرة والسياسة، بعد اللقاء التشاوري الثاني الذي عقد في موسكو لمدة ثلاثة أيام أعقبه مؤتمر صحافي لرئيس الوفد الحكومي السوري المفاوض د. بشار الجعفري في 10 نيسان الجاري أعلن فيه مندوب دمشق لدى الأمم المتحدة حدوث شكل من أشكال الاختراق المهم في هذه المشاورات لم يكن متاحاً سابقاً عبر الوصول إلى ورقة موحدة عنوانها «تقييم الوضع الراهن في بلادنا» من خلال تقييم خطر الإرهاب وضرورة توحيد الجميع لمحاربته ومؤازرة الجيش العربي السوري، هو تفصيل لم يبتعد كثيراً من تصريح المنسق الروسي للقاء التشاوري فيتالي نعومكين الذي قال في نهاية المشاورات عبر مؤتمر صحافي إنها المرة الأولى التي يتمكن فيها الطرفان من تبني وثيقة سياسية بوسعي أن أسميها «منصة موسكو» وهي تشكل قاعدة للقاءات أينما ستنعقد.

وأضاف: نحن وصلنا إلى نتائح جدية على رغم أن البعض قد يستمر بالتشاؤم، كلام جاء على خلفية أن بعض أطراف المعارضة المشاركة في اللقاء تراجعت عن مواقفها على الورقة بعد انتهاء الاجتماعات، على رغم موافقتها عليها في اليوم الختامي، لينكشف دورها المسند إليها بقدومها إلى مشاورات «موسكو 2» والمرتبط ربما بالوضع المتأزم لكل من تركيا وائتلافها الذي رفض المشاركة في اللقاء التشاوري لحجة أنه يريد أن يكون» ممثلاً وحيداً عن المعارضة» بحسب ما أعلن المنسق الروسي.

لهذا وذاك لا يمكن للدور التركي أن يكون غربالاً يُخفي ضوء الشمس، فقد كان حاضراً على الهوامش إن لم يكن في التفاصيل التي تبوح بعرقلة تركية تُعبد طريق «جنيف3» بالصخور حتى تنضج رؤيتها التي تراقب كلاً من تعاظم دور إيران وانتصارات الجيشين، السوري والعراقي، ودخول حليفتها من بلاد الحجاز إلى وحول اليمن على وقع ما تحصده من فقدان للسيطرة وحقيبة استراتيجية فارغة.

تركيا التي لم تمّل من تحالفاتها الفاشلة التي أخرها ما ذكره موقع «هافينغتون بوست» أول من أمس من أن قطر ترعى اتفاقاً تركياً ـ سعودياً لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد ومساعدة قوات المعارضة «المعتدلة» في حربها، وأوضح الموقع أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وافق على هذه الخطة منذ شباط الماضي من هذا العام خلال زيارة أمير قطر إلى البيت الأبيض، فهذا موقف ربما تقرأه المعارضة عبر ترحيب رئيس مكتب ما يسمى «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» في واشنطن عباب الخليل، الذي رحب بالمحادثات معتبراً إياها «تُغير الزخم على الارض في مصلحة المعارضة السورية»، إشارة حديثة تستند إلى إشارات قديمة أضاءت إليها زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى السعودية في الثاني من آذار الماضي ولقائه الملك السعودي وإعلان اتفاقات «الدفاع والأمن بين السعودية وتركيا» والتي علقت عليه المدونة الأميركية بأن أي تدخل سعودي ـ تركي في سورية ليس مرجحاً قبل لقاء «كامب ديفيد» المرتقب بين أوباما ورؤساء دول مجلس التعاون الخليجي، والذي سيحاول فيه الرئيس الأميركي إقناع هؤلاء بجدوى الاتفاق النووي، إضافة إلى مناقشة التعاون في الصراعات الجارية في كل من سورية واليمن، وهي حقائب ممتلئة ستذهب إلى اللقاء، فهل ستعود كذلك لترضي معارضة تسمى بـ «المعتدلة» كما يطلق عليها صانعوها، أم أن هذه «المعتدلة» ستبقى بين السياسة «البراغماتية» والميدان الحار، و«سفينة نوح» التي على الأرجح لن يكونوا من ركابها الناجين؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى