انقلاب النيجر عالم ينهار عالم ينهض

‭}‬ محمد صادق الحسيني
تتواتر الأنباء منذ أيام عن انقلاب في النيجر يبدو أنه أزعج الأوروبيين وأقلقهم كثيراً، وفرنسا خصوصاً، وكذلك فعل بالأميركيين.
لا نعرف بالضبط ما الذي جرى ويجري هناك، لكن ما نعرفه انّ النيجر فرنسية التبعية، وأنه قبل أيام اعلنوا إلغاء اللغة الفرنسية كلغة رسمية في البلاد، وهكذا فعلت الجزائر قبل نحو شهر من الآن، عندما أعلنت اللغة الانجليزية بدل الفرنسية لغة ثانية في البلاد.
وانّ أفريقيا كلها الآن في بطرسبورغ (لينين غراد) في قمة استثنائية مع قيصر روسيا فلاديمير ببوتين،
في هذه الأثناء قامت مجموعة ضباط عسكريين مجهولوي الجنسية، مقرّهم في جمهورية أفريقيا الوسطى ويطلقون على انفسهم اسم «ضباط من اجل الامن الدولي»، قامت بنشر تسجيل صوتي لقائد مجموعة ڤاغنر، العسكرية الروسية الخاصة، يقول فيه «إنّ الانقلاب الذي حصل في النيجر هو تحرك ضدّ الاستعمار».
علماً انّ الرئيس النيجري المعزول، بازوم، كان قد رفض المشاركة في القمة الروسية الأفريقية، التي عُقدت في مدينة لينينغراد الروسية (بطرسبورغ) يومي 27 و 28 تموز 2023.
كما لا بدّ من الإشارة الى انّ عدد من المحللين السياسيين في العاصمة الفرنسية يوحون، في تعليقاتهم المتلفزة، الى انّ فرنسا قد فقدت النيجر نتيجة لهذا الانقلاب، لكنهم يمنون النفس بقدرة فرنسا على «نهب مادة اليورانيوم من النيجر»، التي تستعملها في تشغيل محطاتها النوويه لإنتاج الطاقة (مجموع هذه المحطات ٥٦ محطة) وكذلك في صناعة الأسلحة النووية.
يُضاف الى ذلك، أيّ لأهمية النيجر الاقتصادية لأكثر من قوة دولية وإقليمية، «مشروع الغاز النيجيري (جمهورية نيجيريا وليس النيجر) المشترك مع الجزائر»، الذي تمّ التفاهم عليه والاتفاق على تنفيذه بين الجزائر ونيجيريا والذي سيمرّ عبر النيجر الى السواحل الجزائرية لينقل بعد ذلك، عبر خط أنابيب الغاز الجزائري مع إيطاليا ومن هناك الى بقية الدول الأوروبية.
ويُعتبر هذا المشروع العملاق لنقل الطاقة مشروعاً استراتيجياً يصعّد من مستوى التنافس بين القوى الدولية والإقليمية للاستحواذ عليه او منع الخصم (روسيا وحلفائها) من الفوز به، وعليه فإنّ هذا الانقلاب قد لا يكون في صالح القوى الغربية فعلاً، فرنسا والولايات المتحدة (بشكل خاص)، اللتين تحاولان عبثاً، الحفاظ على بقايا نفوذهما في القارة الأفريقية.
تجدر الإشارة الى ان دولة النيجر مساحتها كبيرة جداً، بحدود 103 ملايين كم٢، معظمها صحراء، وشعبها فقير جداً، لكن امتلاكها لمخزون هائل من اليورانيوم ونتيجعة موقعها الاستراتيجي بغرب أفريقيا، تصبح بذلك صاحبة جغرافيا سياسية مفصلية.
بعدنا طيّبين قولوا الله…