متى تُعطى الأولوية لتسريع استخراج نفط لبنان وغازه!
حسن حردان
لا يختلف اثنان على أهمية الإسراع في تلزيم الشركات لتبدأ عمليات استخراج نفط لبنان وغازه في البحر والبر. فلبنان اليوم في أمس الحاجة إلى موارد مالية لمعالجة العجز الكبير في الموازنة الذي قارب الأربعة مليارات دولار، والناتج من فوائد الدين العام الذي بلغ عتبة الـ 64 مليار دولار، وبالتالي للتخلص من عبء هذا الدين المرهق للاقتصاد والمجتمع على السواء. ولبنان في حاجة ماسة إلى تأمين موارد لتحقيق العدالة الاجتماعية، كما هو في حاجة إلى ضخ الأموال في شرايين الاقتصاد للنهوض بالقطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة، وتوفير فرص عمل جديدة تحدّ من البطالة المتزايدة.
لهذه الأسباب كلّها وغيرها يجب أن يحتل استخراج النفط والغاز سلم أولويات الحكومة، ومع ذلك لا أحد يعرف لماذا يؤجل البت بهذا الموضوع من قبل مجلس الوزراء، علماً أنه كان مثار سجال وصراع حادين في الحكومة السابقة وإلحاح من الوزير جبران باسيل لإصدار مراسيم تلزيم الشركات.
بالبحث عن الأسباب وراء عدم إيلاء هذا الموضوع الأهمية اللازمة، تتبين جملة من عوامل:
العامل الأول: إن البدء باستخراج النفط والغاز يشكل مصلحة لبنانية خالصة لا تصب في مصلحة «إسرائيل» ومن ورائها أميركا، فهما تريدان أن يبقى لبنان غارقاً في الديون وفوائدها، غير قادر على النهوض باقتصاده طالما أن هناك مقاومة تقلق الكيان الصهيوني.
العامل الثاني: في حال تمكن لبنان من البدء في استخراج ثروته النفطية والحصول على العائدات الكبيرة سوف يحرم العدو الصهيوني من فرصة استفراده بالأسواق الخارجية، وسيؤدي إلى سدّ المنافذ أمام أطماع العدو في ثروات لبنان من خلال خلق نزاع حول الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة وعرقلة جهود لبنان البدء في ورشة استخراج ثروته.
العامل الثالث: إن استخراج النفط والغاز وحصول لبنان على عائداته سوف يمكنه من التحرر من عبء الديون وفوائدها وتوفير الفرصة السانحة له لتحقيق استقلاله الاقتصادي بعيداً عن الارتهان والتبعية لشروط صندوق النقد الدولي، أداة الغرب لإخضاع الدول وفرض الوصاية عليها.
العامل الرابع: إن استغلال الثروات النفطية سيحرّر لبنان من أزماته الاقتصادية والاجتماعية ويؤدي إلى تحقيق التطور الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، وبالتالي تحصين الوضع الداخلي وتحرره من الابتزاز الغربي والقوى الموالية له. في استخدام سلاح المساعدات المالية وسيلة للتحريض ضد المقاومة وتغذية الانقسام وإثارة الفتنة في مواجهتها.
العامل الخامس: إن قوى 14 آذار تريد أن تستثمر هذه الثروات وفق الشروط التي تخدم الشركات الغربية واستطراداً سياسات الغرب من ناحية، ومحاولة انتزاع دور أساسي في عملية التلزيم والاستثمار لتعزيز نفوذها الداخلي ونسب الإنجاز في هذا الموضوع إليها وليس إلى فريق 8 آذار. من ناحية ثانية، ولذلك عطلت طوال الفترة الماضية الشروع في تلزيم الشركات النفطية، ومارست ضغوطاً استثنائية على الرئيس نجيب ميقاتي لعدم عقد جلسة طارئة لإقرار المراسيم التطبيقية ونجحت في ذلك وحرمت قوى 8 آذار فرصة تحقيق هذا الإنجاز الوطني الذي ستعم نتائجه الإيجابية جميع اللبنانيين.
انطلاقاً من ذلك، المطلوب لبنانياً ممارسة الضغط السياسي والشعبي على الحكومة لإقرار المراسيم وإسقاط الحجة التي يتذرع بها فريق «14 آذار» لعرقلة إقرار سلسلة الرتب والرواتب بزعم عدم توافر مصادر تمويل لها، وهي موجودة في مزاريب الفساد وأرباح المصارف الطائلة من سندات الخزينة والأملاك البحرية التي تشكل مصالح أساسية لتحالف قوى المال المتحكمة في بالاقتصاد والمراكز المالية وتحرم الخزينة عائداتها الضريبية المهمة منذ سنوات طويلة، تحت عنوان «الجنة الضريبية» التي تحوّلت إلى جحيم يثقل كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود من خلال فرض الضرائب غير المباشرة. وهذا يستدعي بالتأكيد أن يتصدر شعار تسريع إصدار مراسيم النفط والغاز تحركات هيئة التنسيق النقابية، إلى جانب الشعارات الأخرى المرفوعة لتحصيل الأموال المطلوبة لتمويل السلسلة من أرباح الرأسماليين والاحتكاريين الذين يتنعمون بالثروة المحرّمة على معظم اللبنانيين الذين اكتووا بنار الغلاء والتضخم والضرائب التي تفرغ جيوبهم قبل نهاية الشهر.
hassan.hardan56 yahoo.com