كيف ضاع التحقيق في انفجار المرفأ…!؟
} عمر عبد القادر غندور*
كان بديهياً في الأيام الثلاثة الماضية ان يهبّ الشعب اللبناني وليس عائلات شهداء الرابع من آب 2020 والمصابين وحدهم لإحياء الذكرى البغيضة لانفجار المرفأ المريب، دون ان يتوصل التحقيق الى نتيجة حاسمة لهذه المصيبة المؤلمة، والتي تحوّلت الى قضية وطنية والى منصة استغلال سياسي فيها من الدعاية ما يحرفها عن مسارها الطبيعي، ورأينا ذلك واضحاً على شاشات التلفاز، بينما غابت الحقيقة وغاب معها «المجرمون» المفترضون!
وتبقى المشكلة الأهمّ، تتمظهر في عدم فكّ شيفرة الانفجار الذي يكاد يُشبّه بانفجار نووي مجهول الهوية، وحرف التحقيقات من مسارها الطبيعي والقانوني لتحقيق العدالة، وكان في الخطوة المريبة لحظة إحالة هذه الجريمة الى القضاء العدلي والقفز فوق العناصر الجرمية المتاحة، ما أدّى الى تضارب الصلاحيات وتوجيه الاتهامات الجرمية والسياسية والافترائية في كلّ اتجاه، وادّعاءات تفتقد الى العناصر الجرمية، وبالتالي عدم تمكن القضاء العدلي من إبقاء التحقيق في خانة السرية، لا بل تحوّل الى تراشقات سياسية، ما أفقده الشفافية وما استدعى كفّ يد قاضي التحقيق طارق البيطار عدة مرات وهو الذي كان وعد أكثر من مرة بإصدار القرار الظني ولم يفعل !
ولاستيعاب غضب الرأي العام بسبب سحب الملف من يد المحكمة العسكرية صاحبة الاختصاص وإصدار مرسوم بإحالة القضية الى المجلس العدلي. أما البدء بآليات عسكرية وبين فرضيات ومسؤوليات حتى قبل ان يحدّد التقرير الفني ما إذا كان الحادث ناجماً عن عمل إرهابي او عن إهمال غير مقصود بالاستناد الى علم البعض بخطورة هذه المواد مستبعداً دون دليل فرضية العمل العسكري رغم توافر المزيد من المؤشرات التي تدلّ على ترجيح هذه الفرضية من خلال أكثر من تقرير إخباري أشار الى ضلوع «إسرائيل» عبر استخدام سلاح تكتيكي وانّ معظم الخبراء أشاروا الى استحالة انفجار النيترات دون تدخل عامل خارجي محفز، وإلا لماذا ظلت ساكنة على مدى سبع سنوات كان يشهد خلالها محيط المرفأ احتفالات تحضرها شخصيات على مستوى عال من الأهمية ولم تتعاط مع هذه المواد على أنها مهدّدة للسلامة العامة، وهو أمر مخالف للأصول القانونية ويهدف فقط الى امتصاص غضب الرأي العام ولو عن طريق الزجّ بالأبرياء في السجون واتهام شخصيات من ذوي الوزن السياسي ايضاً خلافاً للأصول القانونية لإضفاء الجدية على عمل المحقق في عملية استعراضية خرج فيها المحقق عن المسار الطبيعي وأسقط العدالة في الأمتار الأولى.
وعن الرأي القانوني في مثل هذه التباينات سألنا زميلنا في اللقاء الإسلامي الوحدوي المحامي د. قاسم حدرج فأجاب: انّ كلّ ما يحصل هو عشوائي غير مستند الى قواعد التحقيق الجنائي، وهذا ما حصل بالضبط لقضية انفجار المرفأ، فنيترات الأمونيوم هي القنابل العنقودية او اللغم المزروع في المرفأ منذ سبع سنوات وانفجارها يستدعي ان يبدأ التحقيق حتى قبل صدور التقرير الفني من نقطة المسؤولية الأصلية وصولاً الى المسؤوليات التبعية .
وتكون البداية مع الجهة التي سمحت بتفريغ هذه المواد الخطيرة مع وجود قانون يمنع هذا الأمر، ومن الذي أصدر القرار بتخزين هذه المواد في عنابر المرفأ لمدة سبع سنوات مع وجود مانع قانوني، ومن هي الجهة المسؤولة عن أمن المرفأ التي تغاضت عن خطورة هذه المواد ولم تعمل على نقلها او إتلافها، ومن الذي أعطى الامر بتلحيم فتحة العنبر والذي اعتبر بأنه السبب الرئيسي للانفجار؟
ويبقى السؤال: هل يبقى انفجار المرفأ وأسبابه في طي الكتمان؟ أم أنّ أمام اللبنانيين ما هو أدهى من ذلك؟
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي