غايات «إسرائيلية»… اتهام سورية بتصنيع المواد الكيماوية
} د. حسن مرهج*
في سياق الحرب على سورية، والغايات الإسرائيلية والأميركية للضغط على الدولة السورية، خاصة بعد حالة الإنفتاح السياسي على دمشق، فقد بات واضحاً أنّ الهدف الأول والأخير، من كيل الاتهامات ضد الدولة السورية، هي محاولة عرقلة حالة الإنفتاح على دمشق، وتالياً الضغط على القيادة السورية، بغية إجبارها على تقديم تنازلات سياسية، لم تُقدّمها في أحلك ظروف الحرب التي شُنت عليها. وبالتالي فإنّ مسار الاتهامات سواء الإسرائيلية أو الإميركية، هو مسار يُراد منه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإعادة دمشق قيادة وشعباً إلى مربع الفوضى.
جديد الاتهامات الاسرائيلية ضدّ دمشق، تمحورت حول قيام الدولة السورية، بتصنيع المواد الكيماوية، وبمساعدة إيران، تمهيداً لاستخدام تلك المواد ضدّ المدنيين، بلإضافة إلى قيام سورية أيضاً، وبمساعدة حلفائها الإيرانيين، بتطوير الصناعات الصاروخية، وذلك ما تراه اسرائيل والولايات المتحدة على السواء، تهديداً لهما.
بداية، من المعروف أنّ سورية، ومنذ بداية الحرب الظالمة عليها، دمّرت مخزونها الكيماوي وبإشىراف مباشر من قبل الأمم المتحدة، والجمعيات ذات الصلة، وهنا فإنّ تدمير دمشق لمخزونها الكيماوي، لم يأتِ تحت ضغط أممي، لكن شاءت القيادة السورية سحب الذرائع التي تُكال ضدّها لجهة نيّتها استخدام الكيماوي ضدّ المسلحين والمدنيين، في المناطق الخارجة عن سيطرتها، وفي ذات الإطار، فإنّ دمشق لطالما طالبت دول المنطقة، بتدمير المخزون الكيماوي، وعلى رأسهم «إسرائيل»، والسعي لجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وربطاً بما سبق، فإنّ دمشق أرادت إحراج «إسرائيل»، عبر تدمير مخزونها الكيماوي، لكن «إسرائيل» ومن خلفها الولايات المتحدة، لا زالوا يوجهون الاتهامات لـ دمشق، بتحضير وتجهيز منشآت كيماوية، لإنتاج الأسلحة، وذلك بحسب ما أوردته تقارير عبرية كثيرة أكدت ذلك، لكن في حقيقة الوقائع، فإنّ تلك التقارير غايتها أولاً تشويه صورة الدولة السورية، وتسويق ذلك دولياً، وثانياً لتبرير الممارسات الإسرائيلية والأميركية ضدّ دمشق، وثالثاً الأهمّ، فإنّ تلك الاتهامات أيضاً تأتي في لحظة سياسية مهمة تمرّ بها دمشق، وعبر ذلك يتمّ اتهام دمشق باستخدام الكيماوي ضدّ مناهصي السلطة، في سيناريو لطالما تمّ استخدامه خلال سنوات الحرب على سورية.
السيناريو السابق، في واقع الأمر تمّ استخدامه في مرات كثيرة، لإسقاط النظام السياسي في دمشق، فقد كانت تلك السيناريوهات وسيلة حرب واضحة، لادانة دمشق، والعمل على تحييد دورها إقليمياً ودولياً، لكن القيادة السورية وبمساعدة حلفاؤها، دائما ما كانت تدحض تلك الاتهامات بالصور والبراهين. أما اليوم، فعودة تلك الاتهامات إلى الواجهة السياسية، فمن الواضح أنّ «إسرائيل» ترغب في تجديد حربها السياسية ضدّ دمشق، خاصة بعد انتصار الدولة السورية عسكرياً، ومن ثم العمل على إخراج إيران من دمشق بضغط دولي.
ختاماً، توقيت تلك الاتهامات يعكس حالة الهستيريا الإسرائيلية والأميركية، جراء التطورات في سورية بمناحيها السياسية والعسكرية، وعليه، فإنّ تلك الإتهامات باتت فارغة المضمون والأهداف، ولن تؤثر في مسار التطورات السياسية التي تشهدها سورية، ولعل تلك الاتهامات، سوقت بغية تشديد العقوبات الأمريكية والغربية على دمشق، امعاناً في حالة الحرب الإقتصادية التي تُشن عليها، لكن ورغم ذلك، فإنّ دمشق وحلفاءها، قادرون على تحييد تلك الاتهامات، والمُضيّ قُدماً في المسارات السياسية والاقتصادية.
*خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الإستراتيجية.