مقالات وآراء

حزب الله بين فائض الاستهداف وفائض القوة

‭}‬ خضر رسلان
حققت المقاومة أوّل انتصار عربي صريح على الاحتلال الإسرائيلي بداية عبر تحرير العام 2000؛ هذا الإنجاز الغير المسبوق لم تحاول تثميره بمكاسب داخلية، ولم تحتكره لنفسها بل اعتبرته انتصاراً لكلّ لبنان وتوّجت إنجازها بتقديم نموذج فريد عجزت عنه المقاومة الفرنسية، وهو الحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة حتى انّ العملاء الذين أذاقوا شعب المقاومة الويلات جعلت زمام أمرهم بيد القضاء اللبناني.
ومن ثم أعقبت هذا الإنجاز بانتصار مدوّ أسقطت فيه أهداف العدوان الصهيوني في تموز 2000. وبفضل فائض قوّتها رسمت بسواعد مجاهديها معادلة ردع وقوة واقتدار حمت فيها لبنان ومناطقه الحدودية بشكل خاص التي بات أهلها يشيدون الدور ويزرعون الحقول ويحصدونها بكلّ شموخ وإباء دون خوف أو وجل.
تطورات وأحداث جسيمة حصلت منذ ما بعد حرب تموز على مستوى المنطقة تعاظمت فيها قوة حزب الله وفائض قوته وجعلت منه لاعباً إقليمياً أساسياً يشارك في وضع السياسات واتخاذ القرارات، ولا يخفى في هذا السياق الدور الذي لعبته المقاومة في إسقاط المشروع التكفيري المدعوم أميركياً والذي كان المُراد منه إعادة رسم خريطة المنطقة وفق وقائع جديدة يتمّ خلالها إزالة آثار تقسيمات سايكس بيكو، وبالتالي إنهاء الكيان اللبناني، فضلاً عن تذويب تنوّعه الطائفي وفق معايير معروفة تدخل ضمنها تصنيفات العبيد والجواري!
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذا الحضور الإقليمي الذي زاد من القوة والتأثير الاستراتيجي لحزب الله، كيف تعاطى الحزب وقياديوه مع الشركاء في الوطن؟ وهل انعكس فائض قوتة الكبير على تركيبة البلد؟ أو هل زادت امتيازاته في الإدارات والنظم الحاكمة؟ وفي المقابل كيف تعاطى بعض الشركاء في الوطن ممن ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا جسراً لاستهدافها؟
نعم، فائض قوة حزب الله يظهر قوياً وجلياً في مواجهة الاعتداءات الصهيونية والتكفيرية، وأثمرت إنجازاً تاريخياً لعموم الشعب اللبناني من خلال زرع الأمل في الاستفادة من ثرواته النفطية والغازية.
هذا اللاعب الإقليمي الذي يقف بشموخ وقوة أمام كلّ خطر خارجي يظهر في المشهد الداخلي لاعباً ثانوياً لا يستطيع منع إقالة قاض نطق بالحقّ أمام سفيرة أجنبية تخرق الأعراف الديبلوماسية! ووقف مندهشاً في قضية عامر الفاخوري. ولا يراعيه شركاؤه في الوطن حين توجّس من سلوك قاضٍ آخر! حزب الله لا يفرض آراءه على أقرب حلفائه حتى أنّ البعض من البيئة الشعبية الحاضنة له يستغرب التعاطي الاستنسابي في ما يُسمّى الشراكة الوطنية، ومثال على ذلك موافقة حزب الله على عدم إدراج سنّ الثامنة عشرة لمن يحقّ لهم التصويت في الانتخابات النيابية، إضافة الى قبوله بانتخابات المغتربين خلافاً لمصلحته الانتخابية لأنه لا يوجد تكافؤ للفرص والحرية في الاقتراع، وذلك حرصاً على تبديد هواجس الشركاء في الوطن. في المقابل لم يتمّ التعاطي معه بالمثل في قضايا عديدة بل تبارى الكثيرون الى استهداف المقاومة وبيئتها بالتنسيق مع السفارات المعادية من الفبركات الإعلامية التي تشوّش على المقاومة الى الاتهامات الباطلة التي تديرها الغرف السوداء والتي للأسف يعمل لديها الكثير من الشركاء مروراً في توجيه السهام الى حزب الله في ما جرى في القرنة السوداء وعين إبل وعين الحلوة وغيرها الكثير من الأحداث وصولاً الى النفخ في بوق الفتنة على كوع الكحالة خلال حادث مروري يحصل مثيله مراراً وتكراراً، وهناك من أراد الاستثمار فيه خدمة لأجندات خارجية وهذا الأمر أثار الكثير من الحديث الصاخب في المجالس المحسوبة على بيئة المقاومة الذين أصابهم الذهول من حالة الإنكار والجحود التي أصابت شرائح من القوى اللبنانية التي تعلم علم اليقين بأنّ استمرار وجود الكيان اللبناني بحدوده، والاستفاده من مقدراته لا سيما النفط والغاز إنما يعود الفضل فيه فقط وحصراً لتضحيات المقاومين المؤمنين بالمعادلة الذهبية جيش وشعب ومقاومة.
بين فائض القوة وفائض الاستهداف عناوين واحدة تختصر صراعات منطقة جثم على أراضيها محتلّ وغاصب ومعتدٍ منذ العام 1948 يستهدف الحجر والبشر والحاضر والمستقبل ولا سبيل لردعه إلا في بناء القوة لأنّ العالم لا يحترم إلا الأقوياء.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى