مقالات وآراء

أخطر أدوات الحرب الناعمة

‭}‬ رودولف القارح
على هامش الفعالية التي دعا إليها «اللقاء الإعلامي الوطني» يوم غد الأربعاء 23 آب 2023، حول الإعلام ومواجهة الفتنة، أحببت أن أتشارك معكم ما يلي…
أولاً: مشاريع الفتنة ليست مجردة ومنعزلة عن واقع وسياق وبيئة.
من هذا المنطلق لا يمكن فصل عمليات الشحن الطائفي والمذهبي ومشاريع التقوقع عن مشاريع الفتنة
المبرمجة التي يحملها المشروع الصهيوني لتفتيت المنطقة (نموذج وثيقة «عوديد ينون» وغيرها) التي تعمل على تحويل غنى التنوّع الى مادة تدمير مجتمعات تفاعلت ثقافياً عبر التاريخ وابتكرت أنماطاً راقية جداً من التثاقف المشترك والعيش المشترك.
المشروع الصهيوني، ومَن وراءه، يريد تحويل التنوع الى اختلاف (مطلق) وبَعدَه الى خلاف ثم الى نزاع.
الردّ يكون بتنظيم التكامل والإثراء المتبادل ومساحات الحوار والبناء المشترك على كافة الأصعدة، سياسية، ثقافية، تربوية، دينية، اخلاقية، فنية إلخ…
ثانياً: الفتنة تطلّ برأسها من خلال جميع مشاريع التفكك والتفكيك المجتمعي التي يروّج لها في إطار حرب ناعمة كونية معروفة المعالم والأهداف.
وللإعلام دور مركزي في مواجهة هذه الحرب المُبَرمَجة والمُخطّط لها، والتي تستهدف العقول، وبالتالي السلوكيات من خلال الإعلام والثقافة تحديداً، تحت ستار الحريات المزيّفة المحكومة بايديولوجيا الـ «لا حدود»no limits التي تزوّر العلاقات الاجتماعية والمجتمعية وتُؤلِّه الفرد بصفته كياناً مطلقاً لا جذور وإطار مجتمعي له، وبالتالي «تؤلّه» الأنانية، جاعلة منها «قيمة» بحدّ ذاتها. ومن باب هذا التركيز على الأنانية الفردية يدخل المتلاعبون manipulateurs المهنيون من جميع النوافذ المتاحة (إعلام، إعلان، سينما، كتب أطفال، حركات «ثقافية» مبنية على التماهي والتقليد إلخ… ولها جميعها دواعِشها) الى ثوابت الحياة المجتمعية وتحديداً الأسرة وقيَمها لهز الهيكل المجتمعي من الداخل.
ومنها أيضاً ضرب التكامل والتواصل بين الأجيال وهو من أخطر أدوات الحرب الناعمة لأنه يخرّب الذاكرة والتاريخ ويزيد من عُزلة الفرد.
أمام هذا الواقع المطلوب مزيد من الوعي والتثقيق، تتضافر فيه جميع الجهود العامة الرسمية والأهلية لتشكل شبكة أمان واعية لمواجهة التدمير.
لأنّ الفتنة على أنواعها، وأوْجهها البشعة، هي أقصر الطرق لتدمير المجتمع والمؤسسات والدولة وبالتالي الوطن.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى