لماذا قدم بنعمر استقالته؟
ناديا شحادة
مع دخول حملة القصف الجوي التي تقوضها السعودية أسبوعها الرابع والتي بدأت في 26 آذار، ومع استمرار غارات التحالف بقيادة السعودية على المدن والمناطق اليمنية وتزايد عدد الضحايا من الشعب اليمني الذي يدفع ثمن هذه الحرب وفي ظل إصرار السعودية على استكمال أهدافها التي فشلت في تحقيقها لحد الآن، خصوصاً أن الحوثيين ما زالوا قادرين على شن العمليات العسكرية، في حين أصبح الوضع الراهن الذي يعيشه اليمن ينذر بأن العودة إلى الحوار لحل الأزمة بات أمراً صعباً.
وفي ضوء ما يعيشه اليمن من أحداث دامية أعلن مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة أول من أمس أن مبعوث المنظمة الدولية الخاص إلى اليمن جمال بنعمر قدم استقالته، هذه الاستقالة التي تطرح العديد من التساؤولات أهمها هل دخل اليمن لعبة التنصل الأممي من تحمل المسؤوليات وإطالة أمد الصراعات في المناطق الملتهبة؟ حيث يرى عدد من المحللين والمراقبين أن الأمم المتحدة تبدو بتصرفاتها في اليمن كأنها تسعى إلى استمرار الأزمات والصراعات التي تتولى شأنها، تماماً كما فعل كوفي عنان المبعوث الأممي إلى سورية عندما قدم استقالته في 2 آب 2012 من منصبه، وأعلن في مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» ضرورة مجابهة الانقسامات المتأصلة التي يعانيها تاريخياً وما زال مجلس الأمن الدولي والتي أثرت في قدرته على الاستجابة والتفاعل مع الأزمات الدولية والتي تسير على خطاها في سورية.
وبعد استقالة عنان من منصبه قالت صحيفة «غارديان» البريطانية في 4 آب 2014 إن دبلوماسياً محنكاً من طراز كوفي عنان فشل في إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، فأي نجاح يمكن أن يحققه خليفته، وسلطت الصحيفة الضوء على مجلس الأمن الدولي المشهور بصراعاته الداخلية وتناحر القوى الكبرى على تحقيق مكاسب سياسة على حساب بعضه البعض، الأمر الذي أضر بشعوب المناطق الملتهبة، وجاءت استقالة الأخضر الإبراهيمي كممثل مشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية في 16 أيار 2014 لتؤكد هذه الاستقالة إخفاق المنظمتين الدوليتين، وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة استقالة الإبراهيمي بعد 20 شهراً من المناورات المكشوفة التي لم تسفر عن نتيجة تذكر باستثناء التعبير عن الأسف أثناء تقديم استقالته وتحميل الحكومة السورية المسؤولية عن فشل المفاوضات بحسب تعبيره.
ويرى المتابعون أن الأمم المتحدة كعادتها لا تتحمل مسؤولياتها الكاملة إزاء التعامل مع مختلف الأزمات التي تمر بها شعوب المناطق فهي تبدو بتصرفاتها في اليمن كما تصرفت في ليبيا التي وصلت إلى ما هي عليه الآن بسبب قرار مجلس الأمن رقم 1973 أصدرته الأمم المتحدة بتاريخ 17 آذار 2011 يقضي بفرض عقوبات على حكومة العقيد الراحل معمر القذافي أهمها فرض حظر جوي فوق ليبيا وتنظيم هجمات مسلحة ضد قوات القذافي وبدأ في التاسع عشر من آذار 2011 كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بشن هجوم على الشعب الليبي .
واليوم الأمم المتحدة تدعم البرلمان الشرعي والحكومة الشرعية التي اضطرت لترك العاصمة طرابلس بعد سيطرة ميليشيات المتطرفين عليها، ويقوم مبعوثها برنار دينو ليون بفرض الاخوان والمتطرفين في حوار لتشكيل حكومة مشتركة، كما سعى المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر إلى فرض الحوار على جميع القوى السياسية على أساس هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية، ولكن ما شهدناه في اليمن هو حرب غير مبررة أقدمت على ارتكابها السعودية وبعض الدول المتحالفة معها ضد الشعب اليمني لفرض الشرعية بقوة السلاح لأجندات سياسية مشبوهة أصبحت تفتقر للشرعية.
فبعد ما شهدناه من صراعات في العديد من الدول وبدلاً من قيام الهيئة الدولية للأمم المتحدة بالتحرك لضم مسؤولياتها القانونية والإنسانية لوقف الحرب على اليمن التي جاءت بتصرف فردي خارج مظلة القانون العالمي والمواثيق المتفق عليها، كان العكس، الأمر الذي جعل من المراقبين يؤكدون أن هذه الخروقات الخطيرة من قبل الأنظمة المعتدية تجعل من المجتمع الدولي أشبه بغابة الغلبة فيه للأقوى.