نصرالله في ذكرى التحرير الثاني: لن نسمح بفتح ساحة لبنان للاغتيالات وتغيير قواعد الاشتباك
} الحوار مع التيّار الوطنيّ الحرّ جدّي وعميق
ويحتاج لبعض الوقت/
} معادلة الجيش والشعب والمقاومة
حقّقت انتصارات عظيمة/
} جاهزون للحوار بالملف الرئاسيّ
ولكن لا نتسوَّله من أحد/
} هناك من يريد أن تكون قوّات «يونيفيل»
جاسوساً للإسرائيليين/
} الناس في الجنوب لن يسمحوا بتطبيق
قرار ترفضه الحكومة اللبنانيّة/
أكد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أنّ الجماعات المسلّحة اعتمدت الأراضي اللبنانيّة قاعدة لإرسال السيارات المفخّخة، مشيراً إلى أنّ لبنان كان جزءاً من خريطة دولة الخلافة الداعشيّة وكان حضور داعش في البقاع قاعدة انطلاق للامتداد الواسع. وردّ على المُطالبين برئيس جمهوريّة لبناء دولة تُواجه حزب الله، قائلاً «أنتم تخدمون هدف إسرائيل المُعلَن التي لا تُريد استقلالاً لهذا البلد».
مواقف السيد نصر الله جاءت خلال كلمة له بمناسبة ذكرى التحرير الثاني في معركة الجرود، إذ بارك ذكرى الانتصار الكبير الآخر الذي حقّقه لبنان على هذه الجماعات الإرهابيّة، لافتاً إلى أنّ «مجموعة كبيرة من المعارك خيضت على مدى سنوات حتى تحقق الإنجاز بالنصر» وقال «أشهد أنّ بعض القرى وخصوصاً المسيحيّة أخذت قرار المواجهة خلافاً لقرار وتوجّهات أغلب أحزابها».
وأضاف «يجب ألاّ ننسى أولئك الذين يمثّلون قوى سياسيّة، الذين ذهبوا إلى المسلّحين في جرود عرسال وعقدوا عندهم مؤتمرات صحافيّة وعبروا عن تأييدهم وقدّموا لهم أشكال الدعم المختلفة»، مشيراً إلى أنّ هؤلاء راهنوا على بقاء الجماعات المسلّحة وعلى انتصارها وعلى انكسار أهل البقاع والجيش والمقاومة في مقابل هذه الجماعات».
ولفت إلى «أنّ الأميركان منعوا الحكومة اللبنانيّة من أن تأخذ قراراً يسمح للجيش اللبنانيّ بالقيام بعمل هجوميّ ضدّ الإرهابيين»، مؤكّداً «أنّ الحكومة لم تأذن للجيش بشنّ هجوم على المسلحين في الجرود بسبب الضغط الأميركيّ، وقد هدّدوا الجيش بإيقاف المعونات عنه إذا شنّ هجوماً على المسلّحين في الجرود».
وأشار إلى أنّه «تمّت استعادة شهداء الجيش اللبنانيّ وشهداء قوى الأمن وتحرير الأسرى واستعادة أسرانا، وإنهاء الوجود الإرهابيّ في مناطقنا وهذا ما نُسمّيه التحرير الثاني والانتصار». وتابع «لا أنسى القرى والبلدات التي رغم معاناتها وظروفها، كانت تجمع مما لديها في بيوتها لإيصاله للمجاهدين، إذ كان الاقبال كبيراً جدّاً من أجل الدفاع عن لبنان وأرضه، فكانت أعداد المقاتلين كبيرة جداً ولا تتناسب مع حجم المَهمّة».
وأوضح «أنّ التحرير الأول هو عام 2000 وانتصار تمّوز والتحرير الثاني هو تحرير جرود البقاع وأمّا التحرير الثالث الذي بدأ قبل أيّام في موضوع التنقيب في البلوك رقم (9) كلّ ذلك نتيجة معادلة جيش شعب مقاومة»، مشدّداً على «أنّ المعادلة الإستراتيجيّة الوطنيّة القائمة على الجيش والشعب والمقاومة حققت انتصارات عظيمة».
ولفت إلى أنّه «كان يُقال دائماً أنّ الصهيونيّ يدرس تجاربه لكن يبدو أنّ هذا الكلام لا ينطبق حاليّاً على كيان العدوّ ولا على جيشه، ومنذ 1982 حتى اليوم بقي العدوّ الإسرائيليّ يصوّر أنّ الذين يقاتلون في لبنان يطبقون خطّة إيرانيّة لكن هو غافل عن أنّ الشعب اللبنانيّ يُقاتل بإرادة لبنانيّة لتحرير أرضه»، مشيراً إلى أنّ «الإسرائيليين غافلون عن أنّ المقاومة في الضفّة الغربيّة هي إرادة الشعب الفلسطينيّ وأنّ هذا الشعب يقاتلهم منذ 75 عاماً أي قبل انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، إذ إنّه أمام تصاعد المقاومة في الضفّة الغربيّة والعجز الإسرائيليّ هرب (رئيس حكومة العدوّ) بنيامين نتنياهو إلى تصوير ما يجري في الضفّة كخطّة إيرانيّة».
وحذّر السيّد نصر الله من «أنّ أيّ اغتيال على الأرض اللبنانيّة يطال لبنانيّاً أو فلسطينيّاً أو سوريّاً أو إيرانيّاً أو غيرهم، سيكون له ردّ الفعل القوّي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة»، مشدّداً على أنّ «التهديدات لا تجعل المقاومة تتراجع، لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيُضعِف المقاومة بل سيزيدها عناداً وعزماً» وتساءل «هل استطاعت الاغتيالات أن تهزّ من إرادة المقاومة؟ لا، بل دفعت للمزيد من الحضور في الميدان والأمل بالانتصار وهذا ما حصل مع كلّ المقاومين في منطقتنا»، معتبراً أنّه «يجب أن يعترف العدوّ بأنه في مأزق تاريخيّ ووجوديّ وإستراتيجيّ ولن يجد مخرجاً لذلك».
وفي ما خصّ أسرى فلسطين والبحرين، شدّد السيّد نصر الله على أنه يجب التضامن الحقيقيّ مع الأسرى في فلسطين ومع السجناء السياسيين في البحرين».
وفي الشأن السوري، أكّد السيّد نصر الله «أنّ القائد الفعليّ للحرب على سورية منذ اليوم الأول هو الأميركيّ والسفير الأميركيّ في دمشق اعترف بذلك»، مضيفاً «أنّ ما يجري في سورية اليوم هو استمرار لما بدأ في العام 2011 وهو مشروع أميركيّ استعانت فيه أميركا بعدد من الدول الإقليميّة التي ساندتها بالمال والإعلام والسلاح».
ولفت إلى أنّه «بحجّة داعش عادت القوات الأميركيّة إلى العراق وبحجّة داعش دخلت لتحتل شرق الفرات، إذ إنّه ليست منطقة شرق الفرات مسألة داخليّة بل مسألة أميركيّة بامتياز، فالأميركيون يسيطرون على حقول النفط في شرق الفرات وهم الذين يمنعون أن تعود هذه الحقول إلى الحكومة السوريّة، فاليوم الكثير من الشركات في العالم ومنها الشركات الصينيّة والروسيّة لا تستثمر في سورية بسبب العقوبات».
ورأى أنّ «الدولة في سورية بذلت جهوداً كبيرة ولكن كلّنا يعرف أنّ الأبواب سُدّت وأنّ الحصار أُحكم، وبمجردّ أن بدا واضحاً أنّ الحرب العسكريّة فشلت وبدأت سورية تتعافي كان قانون قيصر جاهزاً».
وأكّد أنّ «الدولة السورية وحلفاءها قادرون ببساطة على تحرير شرق الفرات كما فعلوا في البادية، لكن شرق الفرات منطقة محتلّة من قبل القوات الأميركيّة فالصراع هناك صراع إقليميّ ويُمكن أن ينجرّ إلى صراع دوليّ»، مضيفاً «أنّنا نشهد الضغط الأميركيّ في شرق الفرات وتشديد العقوبات ومحاولة إحياء داعش من جديد، كما أنّ الأميركيين يمنعون الحلّ بين الأكراد والدولة في سورية وتحرير شرق الفرات».
وقال «إذا أراد الأميركيون أن يُقاتلوا بأنفسهم أهلاً وسهلاً وهذه هي المعركة الحقيقيّة التي ستُغيِّر كلّ المعادلات»، لافتاً إلى «أنّ ما يُشاع عن أنّ الأميركان يُريدون إغلاق الحدود السوريّة العراقيّة، أوهام ولن يُسمح بذلك».
وفي ما يتعلّق بقضيّة «يونيفيل» أوضح السيّد نصر الله «أنّهم يريدون من قوّات يونفيل أن تعمل عند الإسرائيليّ وجواسيس له، وحيث لا تستطيع كاميرا التجسُّس أن تصل إلى المطلوب تقوم بذلك كاميرات يونيفيل»، مضيفاً أنّه «مشكور للحكومة اللبنانيّة سعيها لتصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحريّة الكاملة ليونيفيل للتحرّك من دون تنسيق وإذن، ونشدّ على أيدي الحكومة اللبنانيّة ونأمل أن تُوفّق لإجراء هذا التعديل».
وأعلن أنّ «هذا التعديل له علاقة بالكرامة وإلاّ هذا سيبقى حبراً على ورق والناس في الجنوب لن يسمحوا بأن يُطبَّق قرار بالرغم من رفض الحكومة اللبنانيّة».
وفي الشان الداخليّ اللبنانيّ، أشار السيّد نصر الله إلى «أنّ في الملف الرئاسيّ قيل أمس من قبل جهة أساسيّة أنهم يرفضون الحوار»، متسائلاً «فهل نأتي بهم إلى الحوار بالقوّة؟» وقال «نحن لسنا ضعفاء بل نحن أصحاب قرارنا فلا نخاف من الحوار وجاهزون له لكن لا نتسوّل الحوار من أحد».
وتابع «الآن يستقوون على الفرنسيين ولكن لو كان المبعوث أميركيّاً أو من دولة عربيّة أساسيّة، هل كانوا سيتجرّأون على ذلك؟».
وأضاف يقولون «نحن نُريد رئيساً لبناء دولة تواجه حزب الله، فهم لا يُريدون بناء دولة لحلّ مشاكل الناس وهذا يُبيّن أنّهم في خدمة أيّ مشروع» وقال «أنتم تخدمون هدف «إسرائيل» المُعلَن التي لا تريد استقلالاً لهذا البلد والأميركيّ والإسرائيليّ يطالبان بنزع سلاح حزب الله، فأقوالهم تدلّ على عقليّة لا يُمكن أن تُخرج لبنان من الصعاب التي يعيشها بل عقليّة تذهب بلبنان إلى حرب أهليّة».
وأردف «أنا لا أمارس حرباً نفسيّة على اللبنانيين ولا أهوّل عليهم وإنّما أقول لهم الحقائق التي يعمل عليها البعض»، معتبراً «أنّ الحوار بين حزب الله والتيّار الوطنيّ الحرّ هو بالنيابة عن حزب الله وليس بالنيابة عن حلفائنا، إذ إنّنا نعرض نتيجة الحوار على حلفائنا ونناقش ونأخذ القرار سويّاً، فنحن أمام نقاش جدّي مع التيّار الوطنيّ الحرّ وعميق ويحتاج إلى بعض الوقت»، موضحاً «أنّه عُرض علينا موضوع اللامركزية الإداريّة والماليّة وإذا اتفقنا على مسودّة ما فإننا معنيون بمناقشتها مع الأفرقاء، فنحن أمام اقتراح قانون فيه عدد كبير من المواد وهو يحتاج إلى أغلبيّة لإقراره في المجلس النيابيّ».
وبمناسبة الذكرى 45 لتغييب السيّد موسى الصدر، قال السيّد نصر الله إنّ هذه القضيّة «ستبقى حيّة حتّى يعود مع رفيقيه إلى ساحة جهاده ونضاله وإنْ كان قد كبر به السن، وسنواصل درب الإمام الصدر في المقاومة واحتضان المقاومة الفلسطينيّة وفي التطلع إلى القدس وفي الإصرار على العيش الواحد في لبنان وفي الإيمان بلبنان وطناً لجميع أبنائه ويأبى التقسيم والتفرقة»، مضيفاً «أنّنا نضمّ صوتنا إلى صوت إخواننا في قيادة وجمهور حركة أمل ونعتبر أنفسنا جميعاً أبناء هذا الإمام الكبير والجليل وتلامذته».
وعزّى السيّد نصر الله اللبنانيين جميعاً «برحيل أحد الأعمدة الكبيرة في الصحافة اللبنانيّة والعربية الاستاذ طلال سلمان»، مضيفاً «أنّ الراحل كان بحق مقاوماً كبيراً وعزيزاً بالفكر والبيان والقلم وكان من المقاومة في ساحاتها الفكريّة والإعلاميّة وساندها في كلّ مراحلها في لبنان وفلسطين والمنطقة حتى آخر نفس في حياته».