ماذا تريد الولايات المتحدة من لبنان وسورية والعراق؟
} عمر عبد القادر غندور*
الولايات المتحدة المنزعجة جداً من الانفتاح الصيني على الشرق الأوسط، والعكس صحيح، والتي تحاول الحرتقة على العلاقات السعودية الإيرانية التي تنطلق في الاتجاه الصحيح، يبدو أنها بصدد تمركزات جديدة بعد انسحابها من أفغانستان، وخاصة في الشرق الشمالي السوري العراقي، وهي تعتبر انّ وجودها هناك ضروري جداً بل استراتيجي، ولا تراجع عنه لقطع طريق التواصل بين إيران وسورية والبحر المتوسط. وتقول تسريبات من واشنطن انّ الولايات المتحدة ترى نفسها مضطرة لحماية وجودها في منطقة معزولة تمتدّ من البوكمال الى الحدود الأردنية السعودية، وهي معنية بتعزيز هذا الوجود الذي بدأ يزعج عشائر البادية السورية العراقية، وهي عشائر يكون انتشارها غير منظور وخطير جداً، وخاصة بعد حصولها على أسلحة سخية وفعّالة وصلتها من أكثر من طريق، وفي الساعات الماضية اندلعت اشتباكات في دير الزور مع عشائر أدّى الى مقتل 25 شخصاً بينهم عشرة مسلحين الموالين للجيش الأميركي وطالب أبناء العشائر المسلحين العرب الموجودين ضمن تشكيلات «قسد» العسكرية الابتعاد عن المعركة الدائرة حفاظاً على أرواحهم، وانّ أبناء العشائر قطعوا الطريق الرئيسية في أكثر من 15 بلدة تحيط بحقول النفط والغاز.
وتدّعي واشنطن انّ عديد جنودها شمال وشرق سورية هو 900 عنصر وهو رقم أقل بكثير من الرقم الحقيقي على الأرض السورية في منطقة نزاعات إقليمية بين سورية وميليشيات قسد الكردية وعناصر تنظيم داعش، بينما هي ايّ الولايات المتحدة موجودة في قاعدة ارتكاز عسكرية حول آبار النفط السورية بحجة كذبة كبيرة هي «مواجهة داعش»، وكانت سورية تستخرج من آبارها النفطية قبل الاحتلال الأميركي 300 ألف برميل يومياً ما يساوي 1.14% على مستوى العالم.
وتقول مجلة «ناسيونال انترست» الأميركية انّ الوضع الراهن في سورية جعل الوجود الأميركي المستمر في سورية محفوفاً بالمخاطر بشكل متزايد! وتتسائل الصحيفة: لماذا يجب ان تكون واشنطن مستعدة للمخاطرة بالجنود الأميركيين لمحاربة عدو هي اخترعته وهو داعش؟ وهي التي تريد ان تكون داعش جزءاً من شبكة الردع ضدّ إيران، في الوقت الذي تعثرت فيه المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي، حتى الآن على الأقلّ!
وتوقف المساعي الأميركية السورية حول ملف السجناء الأميركيين وفي مقدّمهم الجندي المتقاعد في البحرية الأميركية والمصوّر الصحافي اوستن تانس الموقوف في سورية منذ العام 2012 ومصيره غامض حتى اليوم.
وهذا كله لا يلغي رغبة واشنطن في المزيد من الضغط على سورية، بل هي تتطلع الى عزل إيران عن محيطها وقطع طريق البوكمال !
وربما من الخطأ الفادح ان تعتبر بعض دول الخليج أنها بمنأى عن هذه التدابير الأميركية العدوانية مع احتمال توسع الخطوط الساخنة لتشمل الرمال والمحيطات وعلى مسافة جغرافية لا حدود لها وربما تشتعل المنطقة كلها، وفي ظروف يشهد العالم فيه تحوّلات كبيرة وآخرها انضمام ستّ دول جديدة الى منظمة بريكس بينها مصر والسعودية وإيران والعمل على توحيد عملتها المتداولة بدلاً من الدولار.
وعن مستقبل القوات الأميركية في العراق تصرّ هذه القوات أنها موجودة في العراق لمنع داعش من إعادة تكوين مجموعاتها، وانّ ايديولوجية هذا التنظيم لا تزال تشكل خطراً وانه يطمح لاستعادة قدراته العسكرية !
إلا أنّ الوقائع والممارسات تؤكد انّ القوات الاميركية ستبقى متمركزة حيث هي في الوقت الحالي على الأقلّ وانّ الأسباب التي جعلتها تتمركز في مواقعها لا تزال قائمة وفي مقدمتها قطع الطريق على الذين يريدون تعزيز قدرات الفريق المعادي لـ «إسرائيل» .
وقال رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني قبل أيام إنّ بلاده ليست بحاجة الى قوات قتالية أجنبية وتحديداً قوات التحالف الدولي!
اما عملياً على الأرض انّ الولايات المتحدة نقلت معدات عسكرية ولوجستية كانت موجودة داخل العراق الى قواعدها في سورية وضمّت مدرّعات عسكرية وقوات كبيرة من الجنود وارتفع عددها من 500 جندي الى 1500، وهي تخشى هجمات عشائر سورية مسلحة عليها وخاصة في مدينة القامشلي في شمال شرق سورية، وإذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب بشنّ حرب صريحة على سورية، فإنها بالتأكيد قادرة على الإرباك وهي غير مستعجلة في الوقت الحاضر على حسم تواجدها في سورية والعراق وربما يكون ملف الرئاسة في لبنان من ضمن الملفات التي تحتاج الى المزيد من الوقت…