نهاية «الثورة السورية» من حمص ـ زيارة البطريرك ـ حزام أمني «إسرائيلي»

ناصر قنديل

– حمص كانت كما أسموها عاصمة الثورة، ومنها كان يجب أن تسقط دمشق، ومنها كان يجب قطع الوصل بين دمشق والساحل، ومن ريفها إتمام الحصار على حلب بقطع الوصل مع خزانات إمداد الجيش في حماة عبر طريق السلمية الصحراوي، ومنها أيضاً يُقطع التواصل عبر صحراء تدمر مع دير الزور والمحافظات الشرقية كلها.

– حمص كانت أول غيث التحوّلات الكبرى مرتين، الأولى بهجوم الجيش واسترداده بابا عمرو قبل سنتين، وبعدها باسترداد القصير كان التحوّل الثاني الكبير، لكنها اليوم ترسم مساراً وتشكل نقطة التحول الأبرز.

– في حمص وحدها يمكن التحدث عن حرب سورية ـ سورية، فالأجانب بين المسلحين ليسوا عنواناً، وليست الحرب فيها عنواناً لحرب إقليمية حدودية، كحال رمزية حرب حلب بالمواجهة مع الأتراك، ومواجهات درعا بشبهة التدخل الأردني، أو القنيطرة وإشارات اليد الإسرائيلية.

– من حمص عاصمة ما سُمّي يوماً بالثورة السورية، تنتهي الحرب ببعدها السوري ـ السوري ويبقى منها أبعاد أخرى، هي كناية عن حرب تركية ـ سورية على الحدود الشمالية، وحرب سورية مع السعودية و«إسرائيل» على الحدود الجنوبية.

– سيكتب التاريخ أنه في السابع من أيار 2014 وبعد ثلاث سنوات بالتمام والكمال، أعلنت حمص عكس الوعد قبل ثلاث سنين، يومها أعلنت الحرب الأهلية واليوم تعلن نهايتها.

– أعلن البطريرك بشارة الراعي عزمه على مرافقة البابا في زيارته إلى الأراضي المحتلة، والزيارة تشكل أول خرق بطريركي للامتناع عن دخول الأراضي المحتلة لمن يمثل بكركي على أي مستوى، خصوصاً على مستوى البطريرك، باستثناء المطران المعيّن لرعية القدس وسائر فلسطين، أما سبب المقاطعة فهو اغتصاب فلسطين وعدم الوصول إلى حلّ سلمي يرضاه العرب ويعيد الحقوق، والموارنة وكرسيهم جزء منهم وفي لبنان وعند الموارنة أول الحقوق حق العودة للاجئين.

– لم يتغيّر شيء على مستوى العدوانية الإسرائيلية ومشاريع السيطرة على المقدسات المسيحية والإسلامية والاستيطان واغتصاب الملكيات ومشاريع التهويد وتهجير السكان، والمسيحيون أول المتضرّرين ولا جديد على مستوى مساعي السلام. ومهما كان العنوان وحدود الضمانات بعدم ختم جوازات السفر أو عدم مصافحة أيّ من رموز الكيان ووصف الزيارة بالرعوية أو تحت الجناح الفاتيكاني، لا يمكن إخفاء الاحتفاء الصهيوني باعتبارها خرقاً في الجدار المسيحي العربي، وبعد الزيارة كلّ كنائس الشرق ستصاب بالخرق، ونحن قد لا نعرف الكثير من قوانين الكنيسة لكننا نعرف أنه عندما يفرح العدو علينا أن نحزن.

– المسار الذي ترسمه تسوية حمص وخروج ألفي مسلح من أحيائها القديمة إلى ريفها الشمالي هو بدء التحرك شمالاً، أما المسار الذي سترسمه معارك حلب فهو التحرك غرباً، بينما المسار الذي سترسمه معارك ريف اللاذقية هو التحرك شرقاً، ستتجمّع في ريف إدلب تباعاً فلول حاصل التسويات من مسلحي المعارضة والذين ينتسب معظمهم إلى بلاد عربية وأجنبية.

– على ضفة الجنوب حيث يخرج الناس بالآلاف تحية لجيش بلادهم ورئيسهم سيجري شيء مشابه، فدرعا والسويداء ستشهدان بعد حسم كلّ ريف دمشق وغوطتيها نزوحاً بعضه نحو الأردن لكن غالبيته نحو القنيطرة ولو من دون تسويات وتفاهمات، أما «إسرائيل» فستكون مهتمة بتلقف الشاردين من المسلحين الذين لا مستقبل لهم ولا تسويات ولا بلد يؤويهم وتطلب بلادهم لهم الإعدام، أما بلدان أوروبا والخليج ستشجع رعاياها المنضوين في صفوف المسلحين على اللجوء إلى جبهة القنيطرة والجولان برعاية إسرائيلية، وغالبية الذين سيتجمّعون على حدود الجولان سيأتون من ريف إدلب عندما تقترب النهاية وتبدأ تركيا بامتصاص التراكم وتسفيره إلى «إسرائيل»، وتركيا ستكون جسر عبور للشريط الذي تحاول إسرائيل إنشاءه قبل نهاية العام على جبهة الجولان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى