مانشيت

عبد اللهيان: استمعت من نصرالله الى معادلات المنطقة… الحدود العراقية السورية ملك البلدين نجدد عروضنا الكهربائية للبنان الاتفاق السعودي الإيراني إيجابي للبنان لكن لا مبادرة ثنائية خاصة مبادرة بري تتفاعل: 95 نائباً يؤيدون… و10 يدرسون… وارتباك قواتي كتائبي للتسرّع بالرفض

‭}‬ كتب المحرّر السياسيّ
خلافاً للتوقعات طغت زيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت على زيارة المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، فما تضمنه المؤتمر الصحافي للوزير الإيراني قدّم جديداً افتقده المؤتمر الصحافي للمستشار الرئاسي الأميركي، حيث اكتفى هوكشتاين بالقول إنه استمع للمواقف اللبنانية حول الأوضاع الحدودية جنوباً، وسوف يستكشف مع قادة الكيان إمكانية إطلاق مبادرة أميركية لحل القضايا العالقة، ولم يقدّم التزاماً واضحاً بخصوص جر الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، رغم مرور أكثر من سنتين على الوعد الأميركي؛ بينما كان كلام عبد اللهيان مليئاً بالمواقف التي ينتظرها الإعلاميون والسياسيون. فقد قال بطريقة ذات مغزى أنه واثق بأن أي تصعيد إسرائيلي سوف يفجر حرباً سوف تطوي صفحة «إسرائيل»، ناقلاً الكلام عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بصفته المرجع الذي تشكل معادلاته خبراً لا يحتاج إلى برهان، وهذا الكلام بالنسبة لوزير الدولة التي يقول بعض اللبنانيين أن حزب الله يشتغل لخدمة مصالحها، وينتظرون كلام وزيرها ليفهموا كيف سوف تكون وجهة الاستخدام، كان رداً وافياً على مثل هذه الاتهامات لمضمون علاقة إيران وحزب الله. حول ما يجري في سورية واحتمال حرب أميركية لإقفال الحدود بين سورية والعراق، قال عبد اللهيان، إنّ «كل أمر يرتبط بالأفراد والأشخاص وتنقلهم عبر حدود سورية والعراق، وكل قرار حول ذلك، يختصّ بالبلدين بشكل مباشر»، مشددًا على أنّه «لا يوجد أي جانب يمكنه إغلاق الطرق المفتوحة بين هذه الدول»، مؤكدًا أنّ «حدودنا يجب أن تكون حدود الصداقة والتجارة، والحدود السورية والعراقية ليست بحاجة للعودة إلى حالة التشنّج»؛ أما عن الاتفاق السعودي الإيراني الذي قال عبد اللهيان إنه يتقدم، وإن نتائجه الايجابية سوف تطال الجميع ومنهم لبنان، فليس فيه بند ثنائي لتحرّك سعودي إيراني نحو لبنان، حيث قال إنّ «ليست لدى إيران والسّعوديّة أي نيّة للتّدخّل والتّأثير في القرارات السّياسيّة الّتي تُتّخذ من قبل السّياسيّين اللّبنانيّين»، وأضاف موضحاً: «مسألة إيجاد حلّ للفراغ الرّئاسي وانتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة جديدة… كلّها تُعتبر من القرارات السّياسيّة المنوطة بالقادة السّياسيّين في لبنان»، أما عن العلاقات الإيرانية اللبنانية فقال عبد اللهيان إنه جدد تأكيد العروض الإيرانية للمساعدة في قطاع الكهرباء بكل ما يحتاجه لبنان، بما في ذلك إقامة معامل بقوة 2000 ميغاواط.
في الشأن الرئاسي تفاعلت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، القائمة على الدعوة لحوار لمدة سبعة أيام في مجلس النواب خلال شهر أيلول، تليها جلسات انتخاب متتالية، فقالت مصادر نيابية تابعت مواقف الكتل الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومواقف النواب الأفراد، إنها أحصت تأييد 95 نائباً لمبادرة بري، وإن 10 نواب يدرسون المبادرة بإيجابية، وإن نواب القوات اللبنانية والكتائب مرتبكون لتسرّعهم بإعلان رفض المبادرة وفتح النار عليها.
وبقيت مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في صدارة المشهد الداخلي لا سيما دعوته الأطراف السياسية لحوار وطني لمدة سبعة أيام تليه جلسات متتالية للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية.
وتعكف القوى السياسية على دراسة مبادرة الرئيس بري لحسم موقفها منها، ومن المتوقع أن تتبلور المواقف خلال الأسبوع المقبل قبيل وصول مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان.
وعلمت «البناء» أن كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القويّ واللقاء الديمقراطي والاعتدال الوطني وكتلة تيار المردة والطاشناق والتوافق الوطني وعدد غير قليل من النواب المستقلين، وربما بعض نواب التغيير سيلبّون دعوة بري للحوار في مجلس النواب وأي دعوة أخرى في أي مكان.
وأشار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله، إلى «أننا ننظر بإيجابية إلى دعوة الرئيس بري للحوار، وموضوع المشاركة فيه والتوقيت والشكل يعود لـ»اللقاء الديمقراطي» الذي سيجمتع ويقرر».
في المقابل وعلى جري عادتها برفض المبادرات الحوارية بهدف التعطيل وتكريس الفراغ في رئاسة الجمهورية، أعلن حزب «القوات اللبنانية» على لسان النائب ستريدا جعجع رفضها لدعوة بري، ولفتت أن «الرئيس بري يصرّ على أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب للرئيس إن لم يحصل توافق مسبق، وهذا الموقف بحد ذاته مخالفة دستوريّة كبيرة». وكذلك الأمر قابل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل دعوة بري إلى الحوار بلغة هجومية واتهامية، بقوله: «اقتراح عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس، شرط مشاركتنا بالحوار هو إقرار بأنك كنت تخالف الدستور عمداً وأنّ كل الحجج التي كنت تتذرّع بها ساقطة. تطبيق الدستور ليس ورقة ابتزاز سياسي».
أما لجهة موقف قوى التغيير فأشارت النائبة بولا يعقوبيان، الى أن «الجلسات المتتالية هي مطلبنا منذ اليوم الأول وعندما نعرف تفاصيل الحوار يكون لنا موقف إيجابي او سلبي، وإذا كان رئيس المجلس يناور واجبنا ان نلحقه «على باب الدار» بهذه المناورة».
وأشارت مصادر نيابية لـ»البناء» إلى أن «الرئيس بري رمى الكرة الى ملعب المعارضة ونزع منها كل الذرائع والحجج التي تتستر خلفها لرفض الحوار وتعطيل الإستحقاق الرئاسي اكونه قدم مبادرة وسطية تجمع بين عقد حوار وطني كما يريد فريق 8 آذار والفرنسيون وبين الدعوة الى جلسات انتخابية مفتوحة كما يطالب فريق المعارضة»، موضحة أن «الحوار يهدف الى مناقشة الخيارات الرئاسية والتوصل الى قواسم مشتركة لمواصفات الرئيس وبرنامج عمله، وبحال نجح الحوار أم فشل فرئيس المجلس سيدعو الى جلسات متتالية لانتخاب الرئيس وليفز من ينال الأكثرية النيابية». ولفتت المصادر الى أن «مبادرة بري ستربك قوى المعارضة وتضعها بين خيارات حاسمة وصعبة إما القبول بالحوار من دون شروط مسبقة وإما تتحمل مسؤولية تعطيل انتخاب الرئيس أمام الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي». وتساءلت المصادر عن «مرشح المعارضة بعد فرط عقد «التقاطع» بعد خروج الحزب الاشتراكي وعدد وازن من قوى التغيير منه وعودة التيار الوطني الحر الى الحوار مع حزب الله والمناورة بالحديث عن دعم الوزير السابق جهاد أزعور، بموازاة مجاهرة «القوات» بأن مرشحها الجدي هو قائد الجيش العماد جوزاف عون.. فهل لا زال مرشح التقاطع يحوز على 59 صوتاً؟». في المقابل تشير المصادر الى أن رئيس المردة سليمان فرنجية لا يزال يملك أكثرية صلبة وثابتة وقد تزداد بعد تغير موقف عدد من النواب باتجاه التصويت لفرنجية في أي جلسة مقبلة، وقد يحسم الأمر لصالح فرنجية بحال قررت كتلتا «الاعتدال الوطني» و»اللقاء الديموقراطي» التصويت لفرنجية أو نجاح حوار التيار والحزب وصوّت التيار الى فرنجية».
وأوضحت المصادر أن عدم تجديد الرئيس بري دعم ترشيح فرنجية لا يعني التراجع عن ترشيحه ولا انخفاض فرص فوزه، بل تقصّد بري ذلك لكي لا تقول المعارضة إن رئيس المجلس يستدرجها للحوار على فرنجية فتتخذ من ذلك حجة لمقاطعة الحوار.
وكشفت مصادر «البناء» عن «ضغوط ديبلوماسية كبيرة على المسؤولين اللبنانيين لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أيلول الجاري، لا سيما من الفرنسيين والإيرانيين والروس والصينيين، في حين بقي الموقف السعودي غامضاً لصالح تقدم الدور القطري بالتنسيق مع الأميركيين لاختبار خيار انتخاب رئيس محسوب على الخيار الغربي كقائد الجيش»، لكن المصادر ربطت بين «مشاركة المعارضة بالحوار وتسهيل انتخاب الرئيس بالتوجّه الأميركي حيال الملف اللبناني، فأي حوار أو تسوية لن تنجح إلا إذا رفعت واشنطن الفيتو عن التسوية في لبنان لكون الفريق المتحالف معه في لبنان يملك نصاب انعقاد الجلسة أي تعطيل أي جلسة انتخابية»، لافتة الى خلاف بين أعضاء اللجنة الخماسية لا سيما بين الفرنسيين من جهة والقطريين والأميركيين من جهة ثانية، فيما الخلاف بين الإدارة الأميركية الحالية والمملكة العربية السعودية يحول دون إيجاد تفاهم وموقف موحد في اللجنة الخماسية تجاه الملف اللبناني، وبالتالي إما يحسم الملف في أيلول وإما سيطول أمد الفراغ الى العام المقبل.
ولم يلمس المسؤولون اللبنانيون وفق ما علمت «البناء» إرادة أميركية في إنهاء الفراغ الرئاسي والضغط باتجاه انتخاب الرئيس من خلال اللقاءات مع الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، فالملف اللبناني ليس أولوية لدى الادارة الأميركية الحالية التي لديها أولويات استراتيجية لا سيما شرق سورية وأوكرانيا والصين وأزمة الغاز العالمية والأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي هي قادرة على تعطيل أي تسوية ترعاها السعودية والتي تدرك ذلك.
وفيما كان هوكشتاين يغادر لبنان عبر المطار، واصل وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبداللهيان جولته في لبنان، إذ زار الرئيس بري في عين التينة ثم انتقل الى قصر بسترس، حيث اجتمع مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب.
وكان الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله استقبل عبد اللهيان والوفد المرافق، بحضور السفير مجتبى أماني، وتمّ البحث في المستجدات والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة.
وأعلن عبد اللهيان أنّ الجمهورية الإسلامية تدعم أي توافق يتم بين السياسيين اللبنانيين، مؤكدًا «أهمية دور حزب الله في لبنان والمنطقة من خلال الدور الذي لعبه في تصدّيه للإرهاب في سورية ولبنان».
وفي مؤتمر صحافي في السفارة الإيرانية في بيروت خلال اختتام زيارته إلى لبنان أضاف عبد اللهيان: «أثبت قادة المقاومة والسياسيون في لبنان بأنهم يعملون من أجل صون المصلحة الوطنية العليا ويتمتعون بالحنكة والحكمة لإدارة الشؤون اللبنانية»، قائلًا: «ينبغي أن نحترم ونقدر الحوار في لبنان والقرارات السياسية الناتجة عنه. والقادة السياسيون أثبتوا أنهم لا يركنون إلى الإملاءات والضغوط الخارجية»، مؤكدًا أنّ «الجمهورية الإيرانية لم تتوانَ في دعم لبنان الشقيق جيشًا وشعبًا ومقاومةً».
وحول لقائه بالسيد حسن نصر الله، قال عبد اللهيان: «سمعت من سماحة السيد حسن كلامًا ملؤه الأمل حول مستقبل هذه المنطقة. ونحن نعتبر أن الاجتماع بسماحة السيد حسن نصر الله والاستماع إلى آرائه والمواقف التي يُصدرها يُعتدّ بها على الدوام». وقال عبد اللهيان: «سمعت من سماحة السيد كلامًا واضحًا وشفافاً حول ما إذا بادر الكيان الصهيوني بأي حماقة، فإن المقاومة باستطاعتها أن تقلب الصفحة بالشكل الذي يكون وبالاً على هذا العدو»، لافتًا إلى أنّ سماحته هو مَن يجيب على السؤال بخصوص «العلاقات التي تربط حزب الله بدول المنطقة».
وأكد عبد اللهيان أنّ «حزب الله قام بدور بطوليّ في مواجهة الخطر الصهيوني على هذا البلد الشقيق (سورية)، والقاصي والداني يعلم أن حزب الله أدى قسطًا وافرًا في التصدي لداعش وأتوجه بالاحترام والتقدير والثناء لكل شهداء وأبطال المقاومة اللبنانية وشهداء حزب الله».
وأضاف: «نرحّب بعودة سورية إلى الحضن العربي وعودة العلاقات الطبيعية مع كافة الدول العربية، وسنكون سعداء بأن تعود العلاقات بشكل طبيعي بين سورية والسعودية، كما ننصح البيت الأبيض أن يدرك التحولات التي حصلت في هذه المنطقة».
وعن العلاقات الإيرانية – السعودية، قال عبد اللهيان: «نحن نقيّم بشكل إيجابي عودة العلاقات بين طهران والرياض إلى طبيعتها، وهناك بعض الدول الأخرى تدخل في الحوار مع الجمهورية الإسلامية، إن كان بشكل علنيّ أو بشكل سريّ لعودة العلاقات، فالعلاقات السعودية الإيرانية تسير بالشكل الصحيح، ودبلوماسيو البلدين موجودون في كلا البلدين وهم يقومون بالمهام الدبلوماسية المطلوبة منهم».
ولفت الى أنّ «عودة العلاقات بين إيران والسعودية ستترك أثرًا جيدًا على مستوى المنطقة بشكل عام وعلى مستوى لبنان بشكل خاص»، لافتًا إلى أنّ «أي تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني هو خطأ استراتيجي».
وكشف رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، في حديث عبر قناة «المنار»، أنّ «السفير السعودي وليد بخاري أبلغ نظيره الإيراني مجتبى أماني أنّ بلاده في وارد فتح حوار مع حزب الله».
على صعيد آخر، هدأت العاصفة الديبلوماسية في نيويورك بعد صدور قرار مجلس الأمن بالتجديد للقوات الدولية، وسط تفسيرات متناقضة لفقرات القرار لا سيما تلك المتعلقة بنطاق عمل اليونفيل وحركتها وصلاحياتها، لكن وفق مصادر وزارية فإن نصّ البيان واضح ولا لبسَ فيه وهو أن تحرك اليونفيل ينسق مع الحكومة اللبنانية أي عملياً مع الجيش اللبناني.
وكررت أوساط فريق المقاومة لـ»البناء» ما سبق وأعلنه السيد نصرالله بأن «أي قرار لمجلس الأمن يمنح اليونفيل صلاحيات مخالفة للقرار 1701 سيكون حبراً على ورق. أي بمعنى آخر فإن كل الضغوط الدبلوماسية الأميركية – الاسرائيلية لتعديل صلاحيات اليونفيل لتحويلها الى حرس حدود للاحتلال، ستبقى فقط إنجازاً ديبلوماسيا وهمياً يصرفه الاحتلال في صراعاته الداخلية، ولن يطبق على أرض الواقع وغير قابل للتنفيذ، لأنه ليس من مصلحة اليونفيل التي تحتاج الى الاستقرار والسلام مع أهالي الجنوب لكي تمارس دورها، وأي تطبيق ميداني مشبوه أو خاطئ لنص القرار وفق المفهوم الاسرائيلي سيصطدم بالأهالي ما يعني إنهاء دور اليونفيل التي أتت من أجله الى لبنان وفق القرار 1701». ونفت المصادر أن يكون قرار التجديد للقوات الدولية يندرج في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لأن هذا الفصل يستخدم خارج إرادة حكومات الدول أي بالقوة القاهرة، أما قرار التجديد الأخير الصادر من مجلس الأمن، فجاء بناء على طلب من الحكومة اللبنانية الى الأمم المتحدة».
التطبيق العملي للقرار عكسه المتحدّث الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، الذي أوضح أننا «نعمل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومجدداً بشراكة قوية وتنسيق مع الجيش اللبناني»، مشيراً الى أن «لم يتغيّر الأمر عن العام الماضي وتمّ استخدام المصطلحات والعبارات نفسها الموجودة في القرار 2650».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى