مقالات وآراء

تطوّرات الميدان شرق الفرات …

‭}‬ رنا العفيف
انشقاقات في قسد واقتتال مع العشائر العربية، من حلفاء إلى متحاربين، وقتال من قرية إلى أخرى، ومن ريف الشمال إلى الشرق تتوسّع الخلافات بين مجلس دير الزور العسكري وقسد، لم يعُد يخصّ المجلس بل بات مع العشائر العربية، ما أبعاد هذه المواجهة بين قسد والعشائر العربية، وما موقف واشنطن من هذه المواجهة؟
في ظلّ احتدام الاشتباكات بين قسد وقوات العشائر العربية التي بسطت سيطرتها على عدد من القرى والبلدات، بعدما اضطرت قوات قسد إلى الانسحاب من قرى عديدة منها الهجين والجرزي وسوسا والحوايج والبصيرة في ريف دير الزور، في ظلّ ارتفاع منسوب سخونة المعارك شمال دير الزور، زوّدت القيادات الكردية في قسد بمدافع ودبابات وطائرات مُسيّرة في مواجهة مقاتلي عشائر عربية.
الاشتباكات تدور على وقع انشقاقات شهدتها قسد قوات سورية الديمقراطية استجابة لمطالب شيوخ العشائر ووجهائها، في ظلّ احتدام الصراع الذي يأتي في لحظة دولية وإقليمية حسّاسة، قد تفتح المزيد من الجبهات مع دخول فصائل مُسلّحة مدعومة من تركيا على الخط لتتقدّم على جبهات منبج بلباس عشائري، لمحاولة قلب موازين القوى في أرياف حلب…
كلّ ذلك ليس بجديد علينا من تفاصيل باتت معروفة لدى الجميع من اعتقال رئيس المجلس العسكري لدير الزور واحتجاجات وانتهاكات إلى ما هنالك من أمور قد تكون منظّمة أو مُتّفقاً عليها، لكن الجديد في هذا الأمر هو ردود الفعل على الممارسات في هذه اللحظة التي تأخّرت ولكن آتية، إذ أنّ أبناء العشائر العربية لا يمكن أن يقبلوا أن يحكمهم تنظيم «بي كي كي» بشكل أو بآخر، خاصة أنّ هذا التنظيم لم يدرك حساسية المنطقة مخترقاً بذلك العادات والتقاليد، عدا عن أنه يعتمد المال لحشد مقاتليه من أبناء العشائر في منطقة قسد.
والآن يبدو أنّ الموضوع ليس فقط الخلاف مع مجلس دير الزور العسكري وإنما القضية أعمق من ذلك وفقاً للبيانات التي أطلقتها وهي تتحدث عن موضوع الأعراض والنساء والأطفال، إضافة لموضوع انتهاك حقوق أبناء شرقي دير الزور وأبناء المناطق الأخرى…
طبعاً ردود فعل قسد كان فيها الكثير من الغباء، استناداً لعدة فيديوات شاهدناها بأمّ العين كانت تشير إلى عدم فهم حقيقة ما يجري لطبيعة المنطقة وحساسيتها، وبالتالي يمكن القول بأنّ الأمر ربما فيه بعضاً من الالتباس، ولكن بعض العشائر العربية تؤكد على دور الدولة السورية، بالرغم من حرب التصريحات التي دارت بين الجانبين، فيما زاد اتهام قسد أبناء العشائر، ما أدّى لحالة من الاستفزاز لدى شيوخ ووجهاء العشائر العربية التي أعلنت النفير العام، هنا يمكن طرح السؤال الذي يطرح نفسه لماذا ردّة الفعل الآن إذ نرى ردّة فعل عنيفة؟
ربما الأمر قد يكون مرتبطاً بالتحوّلات التي تجري في الإقليم، ويمكن القول إنّ كلّ الأطراف قرأتها بشكل واضح، لا سيّما التقارب الإيراني السعودي من خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه ولي العهد السعودي، كذلك هناك زيارة قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق وبغداد وصولاً إلى بيروت، إذ كان لافتاً تصريح السيد عبد اللهيان في خضمّ الحديث عن قوات الإحتلال الأميركي، حيث كرّر من بيروت عندما قال إنّ هذا الأمر سيواجَه، كما سبقه أيضاً تصريح للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جاء فيه إنّ إغلاق الحدود وهم، وإذا اراد الأمريكان القتال بشكل مباشر فأهلاً وسهلاً، أيّ سيكون هذا يوماً عظيماً بالنسبة لمحور المقاومة على أن تتمّ مواجهة الأمريكان بشكل مباشر، وما هنالك من فتح مسارات وتقارب تجري هنا وهناك.
إذاً كلّ هذه التحوّلات إضافة للتحوّلات العالمية قد تكون لها انعكاسات ما لم تكن قراءة معينة، ومن بين هذه الجزئية بين قوسين تحسين العلاقات الإيرانية السعودية، قد يكون لذلك تأثير إيجابي في الجزيرة السورية وتحديداً على العشائر العربية، على اعتبار أنّ البعض له امتداد باتجاه الفرات وباتجاه الخليج، وهذا الأمر ليس خافياً على أحد أنّ هناك عشائر شمّر وغيرها لها ارتباطات وامتداد حتى في المملكة العربية السعودية، وتحسّن العلاقة السورية السعودية والإيرانية السعودية، أرخى بظلاله على واقع المنطقة، وبالتالي هذا كلّه له تأثيرات وانعكاسات إيجابية بشكل أو بآخر قد يكون سلبي في مكان ما.
واللافت لهذا الأمر أنّ الولايات المتحدة الأميركية بعيدة ولا تتدخّل بالرغم من خطورة الموقف لماذا؟ لأنها ربما تريد أن ترى ما الذي سيحصل لاحقاً، وستحاول أن تُدير الواقع الجديد ما لم يكُن تريد اختراقه، وبالتالي الخطوة الأهمّ تكمن في طرد قسد، وهي مفيدة بطبيعة الحال لكلّ الأطراف، لأنّ هذا المشروع الإنفصالي يجب أن ينتهي، أما التحدّث مع العشائر والقبائل العربية، ربما هذا ممكن لأن في النهاية لديهم بُعد عربي ووطني، وهم مُنتمون لهذا الوطن وللدولة السورية، لذا فإنّ الحديث معهم سيكون ممكناً، وقد يكون هناك تنسيق مع الدولة السورية وفقاً لمصادر مطلعة…
أما بالنسبة لما يتعلق بزاوية المطالب السورية بالإنسحاب التركي من الأراضي السورية شمالاً وفي مقابل ذلك مطالبة قسد والسيطرة على شرق الفرات، تبقى لهذه العقدة تراكمات إن صحّ التعبير، بعدما يُنجز التركي ما عليه فعله، وكما قالت الدولة السورية نريد أفعالاً لا أقوالا، عندها يمكن أن تعود العلاقة بين دمشق وأنقرة، وطبعاً هذا سيكون على مراحل ضمن أطر التنسيق وتطبيق الاتفاقية بين بوتين وأرودغان، وتفاصيل مهمّة متعلّقة بهذا الشأن لطالما التركي ينظر إلى الكرد كألدّ الأعداء له

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى