روسيا ليست مستعجلة وبوتين يمسك بزمام المبادرة
} محمد صادق الحسيني
ثمة مَن يصرّ رغم وضوح الرؤية في الميدان التكيتيكي كما في الاستراتيجي، على القول بأنّ روسيا قد تخسر الحرب في أوكرانيا…
فيما يردّد آخرون مقولة إنّ بوتين شخصياً غير مطمئن من قدرة بلاده على الحسم، لذلك هو متردّد في الحسم ميدانياً!
إنّ بوتين ليس متردّداً أبداً في إنهاء المعركة العسكرية، كما يُشاع…
إذ انه يعرف تماماً انّ إنهاء المعركة يعني إراحة الغرب بقيادة الولايات المتحدة من التبعات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها هذه المعركة.
وهو أمر لا يرغب به إطلاقاً بل يتجنبه.
فلولا العملية العسكرية في أوكرانيا، لما حصلت كلّ التغيّرات تجاه العالم المتعدّد الاقطاب الذي يريده بوتين وحلفاوه العالميون.
لذلك، يمكننا رؤية هذه المعركة بأنها حرب تغيير العالم وليست حرب تحرير.
وأنه كان لا بدّ من تحريك الأوضاع القائمة لتحرير العالم الى ما هو عليه اليوم وما سوف يترتب عليه في المستقبل.
هذه معركة لتغيير العالم وليست للسيطرة على أوكرانيا وحسب.
فتسمية «عملية عسكرية خاصة» لم تكن صدفة.
لا يمكن إيقاف المعركة الآن.
وأهداف روسيا أبعد من أوكرانيا، ولكن أوكرانيا هي المفتاح.
وعلى عكس ما يتصوّر البعض، فإنّ الغرب هو الذي سيسعى قريباً، بكلّ الوسائل لإنهاء الحرب لإنهاء التبعات السلبية عليه، الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، والجغرافية.
في محاولة يائسة، لقطع الطريق على روسيا من تحقيق الأهداف الكبرى في تغيير العالم.
انظروا الى أفريقيا… وما يجري في أفريقيا من حركات لنبذ الاستعمار الغربي هو من نتائج هذه المعركة.
التغيّرات في أفريقيا هي من أهمّ ما يجري في العالم في إضعاف نفوذ الغرب.
انتهى زمن مصّ الدماء لتحقيق رفاهية شعوب الغرب.
هذا وغيره ما كان ليحدث لولا تضحيات روسيا في بدء واستمرار هذه العملية العسكرية الخاصة.
لا يمكن إنهاؤها قبل تحقيق أمور أخرى في السياسة وهي كثيرة.
لذلك فإنّ هذه المعركة الاستراتيجية، ستستمرّ ويستمرّ بوتين في استنزاف الغرب مادياً وعسكرياً وسياسياً.
ماذا يعني دخول صواريخ الكينغال ميدان الحرب بين الروس والناتو؟
هناك ميزة هامة جداً لصواريخ كينغال الروسية التي دخلت مسرح العمليات الحربية في أوكرانيا قبل أيام، ألا وهي:
إنّ هذه الصواريخ يمكن تسليحها برؤوس حربية تقليدية أو نووية، ذات القدرة النووية المنخفضة، وتسمّى بالانجليزية: Low Yield nuclear warhead ،
وفي هذه الحالة فإنّ الرأس الحربي النووي لهذه الصواريخ يمكن أن تتراوح قوته التفجيرية بين خمسة الى خمسين كيلوطن… أيّ ما يعادل خمسة آلاف الى خمسين الف طن من مادة: تي أن تي التقليدية .
وانطلاقاً من أنّ سرعة هذا الصاروخ تصل الى أكثر من عشرة آلاف كيلو متر في الساعة وانّ مداه يصل الى ألفي كيلو متر وأنه يمكن إطلاقه من المقاتلات الروسية التالية:
ـ توبوليڤ 22 / قاذفة قنابل استراتيجية.
ـ سوخوي 57 / متعددة المهمات وسيطرة / هيمنة جوية.
ـ سوخوي 34 / متعددة المهمات.
ـ ميغ 31 / قاذفة قنابل هجومية، مطورة عن ميغ 25، وهي أسرع مقاتلة في العالم، وتصل سرعتها الى ثلاثة آلاف كيلومتر في الساعة. ومتوفرة بأعداد كبيرة في سلاح الجو الروسي.
وهذا يجعل كافة العواصم والمدن الأوروبية، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، تقع في مرمى هذه الصواريخ الفتاكة، التي ستطلق من القاذفات المذكوره أعلاه، ودون مغادرة الأجواء الروسية.
وهذا يعطي روسيا ميزة استراتيجية هامة، حيث يتيح لها هذا السلاح قدرة تدمير المدن الأوروبية عملياً دون اللجوء الى الصواريخ النووية العابرة للقارات/ الصواريخ الاستراتيجية.
ما يعني انّ الردع الذي تتمتع به القوات الجوفضائية الروسية يفوق بعشرات المرات التهديدات التي تشملها قواعد الأطلسي والقنابل النووية التكتيكية الأميركية الموجودة فيها.
ما يترتب عليه تفوق استراتيجي لا تملكه أي من دول الأطلسي ولا جميع دوله مجتمعة .
هذا فضلاً عن صاروخ «سارمات» ذي الوقود السائل العابر للقارات. والذي وضع في الخدمة منذ العام الماضي، حيث أمر بوتين قبل أيام بوضعه، قيد التأهّب، وليس في الخدمة .
والهادف ليحلّ محلّ صاروخ آر-36. وفقاً لنائب وزير الدفاع الروسي يوري بوريسوف,
وسيكون الصاروخ قادراً على الطيران عبر القطبين الشمالي والجنوبي. ويحمل حوالي 10 أطنان ذخيرة متفجّرة. وقادر على الانطلاق حتى بعد ضربة نووية. وهو أيضاً الصاروخ القادر على تدمير بريطانيا وفرنسا وولاية تكساس بالكامل.
واضح الآن مَن المنتصر في أوكرانيا؟
بعدنا طيبين قولوا الله…