ما هي أسباب تفكك التحالف الذي سعت إليه السعودية؟
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ ثمة تفككاً بدأ يطال تحالف الدول العشر التي أعلنت المملكة العربية السعودية باسمها «عاصفة الحزم». فباكستان أعلنت صراحةً أنها لن تشارك في هذا التحالف، وتركيا أعلنت أنها ستقدّم دعماً سياسياً ولوجستياً، وهذا يعني دعماً قيمته تساوي الصفر في الحرب على اليمن.
ولكن لماذا لم تستطع المملكة السعودية، التي رمت بكل ثقلها، الحفاظ على تحالف الدول العشر، واقتصرت المشاركة على خمس دول خليجية إضافةً إلى مصر والأردن والسودان؟
لا شك أنّ ثمة عوامل جوهرية هي التي أوصلت إلى هذه النتيجة، لا سيما أنّ المملكة السعودية كانت تراهن كثيراً على باكستان ومن خلالها على جذب تركيا والحفاظ على اندفاع مصر، ولكن باكستان انسحبت صراحةً، وتركيا تتنصّل بأشكال مختلفة، من بين أبرز هذه العوامل التي أوصلت الرياض إلى هذه النتيجة ثلاثة:
أولاً، موقف الولايات المتحدة: واشنطن التي دعمت الحرب منذ بدايتها، ولم يكن ممكناً إطلاق رصاصتها الأولى لولا موافقتها عليها، لم تسجل حماساًَ كبيراً لهذه الحرب، وعدم حماسة واشنطن نابعة من قناعتها في ضوء تجاربها، وتحديداً في العراق وأفغانستان وما حشدته من دول وجيوش في هذه الحرب وفشلها في ربحها، وفي ضوء معرفتها لقدرات التحالف الذي تقوده السعودية بالمقارنة مع قدرات اليمن بالمقارنة مع طالبان أو الدولة العراقية في عهد الرئيس صدام حسين، أو المقاومة بعد احتلال العراق، أو طالبان في أفغانستان، ومستوى التأييد الدولي والإقليمي لهذه الدول والقوى، وبالتالي كانت واشنطن على قناعة مطلقة بأنّ هذه الحرب لم تحقق أيّ هدف من أهدافها المعلنة، ولهذا لم ترم بكلّ ثقلها ولم تمارس الضغوط على بعض حلفائها، وتحديداً باكستان وتركيا، للانخراط في هذه الحرب، وترك الأمر للسعودية ومدى تأثيرها الخاص، واتضحت حدود هذا التأثير في ضوء انسحاب باكستان وتردّد تركيا.
ثانياً، الدول المرشحة من قبل الرياض لدخول التحالف وتحمّل أعباء الحرب جميعها تعاني من أزمات. السودان يواجه تمرّداً مسلحاً في أكثر من منطقة، وجيشه منهك بحروب امتدّت لعقود، ومصر غير قادرة على إخماد تمرّد الإرهابيين في سيناء، وتركيا عجزت بعد مرور أكثر من 35 عاماً على القضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني، أما باكستان فهي تواجه تمرّد طالبان باكستان إضافةً إلى الوضع في كشمير، وبالتالي فإنّ أولويات أمنها القومي أهمّ بكثير من نجدة السعودية والوقوف إلى جانبها في حربها على اليمن، مهما كان مستوى الدعم الذي قدّمته السعودية لباكستان.
ثالثاً، باكستان وتركيا دولتان تعدّديتان من الناحية المذهبية، وبالتالي فإنّ الانخراط بحرب تسعى السعودية إلى طبعها بطابع مذهبي، يحمل مخاطر كبيرة على الوحدة المجتمعية في كلا البلدين، وبالتالي ليس من مصلحتهما الانخراط في حرب لا تعتبر مصيرية بالنسبة لأمنهما القومي.
وهكذا بات واضحاً أنّ الحسابات التي بنت عبرها السعودية رهاناتها على إنشاء تحالف يضمّ الدول العشر، بما فيها دول الثقل السكاني، لم تكن حسابات دقيقة.