هجوم إرهابي في ذكرى نصر تشرين…؟
رنا العفيف
فاجعة ومأساة أتت عشية ذكرى نصر تشرين، في هذا التوقيت قرّرت المجموعات الإرهابية أن تُمارس القتل الذي رأيناه، بعدما كان السوريون يتلمّسون الخلاص من البوابة الدموية. لماذا في هذا التوقيت ومن وراء هذه الجريمة النكراء؟ وإلى متى السكوت عن إدلب المحافظة المختطفة التي تستوطن فيها مجموعات الإرهاب والجريمة؟
مجدّداً… يطال الإرهاب سورية دون سابق إنذار، يستهدف حفل تخريج ضباط في الجيش العربي السوري، داخل الكلية الحربية في مدينة حمص، وما أن انتهت مراسم الاحتفال وتجمّع الضباط لالتقاط الصور التذكارية مع ذويهم، حتى خرجت مُسيّرات تحمل ذخائر متفجرة، أوقعت عشرات الشهداء والجرحى من العسكريين والمدنيين بينهم العديد من الأطفال والنساء.
على الفور وجّهت دمشق أصابع الاتهام والإدانة للتنظيمات الإرهابية مع التشديد على أنها مدعومة من أطراف دولية، وتوعّد الجيش السوري بالردّ بكلّ قوة على هذه التنظيمات الإرهابية أينما وُجدت، مؤكداً أنّ المخططين والمنفذين سيدفعون الثمن غالياً، وبالفعل تحرك الجيش السوري سريعاً للتعامل مع مواقع التنظيمات الإرهابية شمال غرب سورية واستهدفت المدفعية السورية وراجمات الصواريخ مواقع مسلحي هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي الكردستاني على خطوط المواجهة في ريف إدلب ما أدّى إلى تكبيدهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
في الحقيقة ما حدث خطير جداً وكبير من ناحية التنفيذ والتوقيت في ذكرى الانتصار في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، لا سيما أنّ مدينة حمص تعتبر من المحافظات السورية الهادئة خلال السنوات السابقة ولا يحدث فيها أيّ نوع من الأعمال الإرهابية أو شيء من هذا القبيل، وبالتالي الهدف من استهداف جبان كهذا للتجمع العسكري والمدني وخريجي الكلية الحربية في حمص، وهذا يُعتبر قراراً كبيراً يجب الأخذ بعين الاعتبار لما فيه من دلالات وأبعاد، بالمعنى الجيوبولتيك هناك قرار «إسرائيلي» وأميركي مباشر، لأنّ المجموعات الإرهابية التي أقدمت على هذا العمل واستناداً للردّ الذي يقوم به الجيش السوري ورصد الحدث خلال الأشهر الماضية حول تنامي المجموعات الارهابية، حتماً المرتبطة بالمخابرات الفرنسية، وما يستحوذ عليه الجولاني من قطع تبديل ومكونات وتقنيات، لتفعيل هذه المجموعات، أيضاً مرتبط بالسؤال الذي يستوجب طرحه وهو من أين حصلت هذه المجموعات على هذه الطائرة وهي متطورة؟ إذا كانت آتية من إدلب فهي قطعت أكثر من مئة كيلو متر وفيها من الدقة والتصويب ما يجعلنا نفسّر بدقة معنى الهجوم الدامي على سورية وتحديداً استهداف منصة حفل التخرّج الذي حضرته كوكبة من القادة العسكريين والضباط، وبالتالي إحداث هذه الضربة تترجم لضربة عسكرية ضخمة تصيب ربما القيادة العسكرية لتصيب عدداً أكبر من الشهداء في صفوف الخرّيجين والمدنيين، استناداً لاستهداف المنصة التي يعلم الجميع أنّ الكراسي في الصفين الأول والثاني متلاصقة ولا توجد فواصل أو فراغات ما بين القيادات العسكرية والصف الثاني، ما يشي بأنّ القرار اتخذ عن دراسة ومعلومات وتجهيزات، لا سيما أنّ القرار اتخذ من الإسرائيلي وليس من فصيل محلي لارتكاب هذه المجزرة المشابهة لفاجعة مدرسة المدفعية عام 1980، وبالتالي كيفية الحصول على تطوير أداء المجموعات الإرهابية وما تملكه من تقنيات ومُسيّرات بهذا الشكل يدلّ على البصمات الخارجية التي تدعم التنظيمات المسلحة في سورية وتحديداً في إدلب،
أيضاً لهذه القراءة وجه آخر تحليلي قد يكون أحد أبعادها مرتبط بقراءة معينة ما، لدى بعض الجماعات الإرهابية وداعميها ومشغليها مرتبط بعنوان مرحلة محافظة السويداء، أيّ ظناً منهم أنّ عملاً كهذا يُسرّع في تنامي أصوات الاحتجاجات والرغبات في حالة من التمرّد الداخلي، لخلق فوضى وإثارة الخوف أو لزعزعة الأمن والاستقرار داخلياً لتعيدنا إلى المربع الأول، وبالتالي لا ينبغي السكوت عن هذه الفصائل الإرهابية التي تدعمها «إسرائيل» وأميركا وبعض الأطراف الدولية، كما يجب أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار نقطة التكنولوجيا والتقنيات التي تحصل عليها المجموعات الإرهابية؟ وهذا واضح من خلال المال والدعم والحماية، لذلك قطع شريان الدعم وتحرك ملف إدلب، لا ينبغي الصمت عنه على اعتبار أنّ إدلب محافظة مختطفة، ويأتي على لسان الأمم المتحدة بأنها مصنفة إرهابية، وإلا سيستمرّ هذا التهديد وهذه المجازر، على اعتبار أننا أمام مشهد معقد، لكن المفارقة كبيرة في حال اتخذت سورية وحلفاؤها قرار الحسم، ودون ذلك الحرب على الإرهاب والقضاء عليه تبقى حرباً ناقصة ما لم تشمل محافظة إدلب في هذا الأمر، لا سيما أنّ هناك واقعاً تعيشه النصرة في إدلب حيال إمارة إسلاموية ومحاولة تأهيلها على أمل أن يكون هناك كانتونات من هذه الإمارة لتجميع القدرات وإلى ما هنالك وهذا طبعاً خطر جسيم،
إذ الجيش الروسي أعلن أنّ هناك مسلحين في منطقة خفض التصعيد في إدلب يستعدّ للاستفزاز باستخدام مواد سامة لتشويه سمعة القوات الروسية، وهذا الأمر لا يأتي من فراغ، وبالتالي البصمات الإسرائيلية واضحة بقوة من خلال دقة التصويب في هذا الحدث الذي يقف خلفه قرار دولي…