طوفان المفاجآت…
} منجد شريف
طوفان الأقصى… كان طوفاناً معنوياً حقيقياً، بل هو طوفان من المفاجآت التي لا تعدّ ولا تحصى، طوفان من الصفعات على وجوه المطبّعين مع العدو الإسرائيلي، ليثبت لكلّ المتخاذلين، بأنّ كلّ آلات الحرب والتفوّق التكنولوجي وكلّ جيوش العالم مهما تكاثرت أعدادها، لا تقف حائلاً أمام الإرادة الحقيقية للمواجهة.
طوفان الأقصى في هذه الآونة سجل للتاريخ بأنّ الحق ليس للقوة بل الحقّ لأصحابه، والبلاد لأهلها، فها هم حفنة من أبناء فلسطين الأبية، إستطاعوا ليّ ذراع الجيش الذي لا يُهزم، ليسطروا أروع ملاحم البطولة، وليذيقوا الاحتلال الإسرائيلي مرارة الذلّ والخيبة، بعدما أمعن في غطرسته وبطشه، فتحوّلت استحالة النصر على أعتى جيوش العالم إلى حقيفة بالدليل والبرهان، فأبناء فلسطين يحرّرون أرضهم من دنس الاحتلال ويثأرون للأقصى وما تعرّض له كلّ أبناء الشعب الفلسطيني…
مشهد لطالما حلمنا ومنّينا النفس به، بأن نحيا في زمن نرى فيه الشعب الفلسطيني، وهو يذيق الاحتلال مرّ الكأس الذي لطالما سقا الشعوب العربية منه، فكانت صورة الجيش الذي لا يُقهر قد أصبحت بمنتهى القهر والخذلان والجبن والإذلال، وأنّ الشعوب التي أتوا بها وأوهموها أنّ فلسطين بلادهم، لم يصمدوا ثانية واحدة حتى ولّوا هرباً إلى بلادهم الأمّ غير عابئين بأساطير الكذب والرياء التي فبركتها الدعاية الصهيونية، مشفوعة بالترّهات التلمودية، فلم يكن لدى ذلك الشعب أدنى عقيدة للمواجهة والموت في سبيل بلاد لا يعدّها بالأصل بلاده، وجاء إليها عنوة بمغريات كاذبة، بعدما سُوِّق له أنّ فلسطين أرض بلا شعب، ليكتشف أنّ لفلسطين شعبَها الذي لم يخضع في عز الضعف العربي والهرولة الى التطبيع…
كانت مفاجأة من العيار الثقيل لم يحتملها رئيس وزراء العدو بنيامين نتياهو الذي راح يتهدّد ويتوعّد، بينما أعداد القتلى والجرحى والأسرى في عداد تصاعدي لم يستقرّ حتى اللحظة، فأيّ تهديد ذلك الذي يقصده نتنياهو وهو لم يحصِ بعد قتلاه ومفقوديه وأسراه؟
عملية طوفان الأقصى حاكت المناورة العسكرية في عرمتى (جنوب لبنان) والتي غطتها كلّ الوسائل الإعلامية في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المنصرم، لقد تمّ تلقين العدو الإسرائيلي درساً بليغاً بأنّ قواعد اللعبة قد تبدّلت وما صلح بالأمس لن يصلح بعد هذا اليوم وصاعداً.
إنه زمن جديد صنعته بواسل القسام، وبدعم كلّ الجبهات، ولن تعود عقارب الساعة الى الوراء، فلعنة الثمانين التي كتب عنها رئيس الوزراء السابق أيهودا باراك قد بدأت بالتحقق، وستتلاشى «إسرائيل» بفعل المنطق والحقيقة التي لا مناص منها وهي أنّ فلسطين لأهلها فقط، فعودوا بإرادتكم من حيث أتيتم قبل أن تفترسكم براثن الأسود التي وثبت عليكم اليوم وجعلتكم سخرية العصر، فلستم شعب الله المختار، بل أنتم أبناء الشيطان ومكانكم الجحيم، فـ فرّوا الى بلدانكم قبل أن تدفنوا في قبور الأموات والأحياء.
طوفان الأقصى أعاد للعرب إيمانهم بالقضية الفلسطينية، غير أنّ هذه الخطوة يجب أن لا تقف في مكانها وأن تكون خطة متكاملة على طريق النصر المبين وزوال الكيان وجذوره في كلّ بقاع الأرض، فالنصر بات أقرب من قريب وها هو جيش «إسرائيل» قد مرغ بالتراب، وعملية طوفان الأقصى ستصبح أمثولة في العمليات العسكرية، وأمثولة نصر لشعب جبار سطر النصر في عز المظلومية، وحوّل الضعف إلى قوة، وأعاد فلسطين الى الواجهة بعدما نسيها المطبعون وأعوانهم، فخسئوا بذلك ومن لفّ لفيفهم، وستبقى فلسطين فلسطينية وعربية حتى قيام الساع