لا خلاصَ ولا انتصارَ إلا بالمقاومة…
كلود عطية*
ما يجري في فلسطينَ الحبيبة، في غزّةَ الصامدة، إنما يجري على واحدةٍ من كياناتِ الأمةِ السورية، والتي، كي تبقى سوريّةً، استشهدَ في سبيلِها سعيدُ العاص وحسين البنّا وكوكبة من السوريين القوميين الذين برّوا بقسمِ الانتماء، وكانوا الأوفياء .
إنّ مذبحةَ غزّةَ بدأت ملامحُها منذ أوسلو، وتدحرجت ويلاتُها مع تهافتِ بعضِ الدولِ العربيةِ للتطبيعِ مع الكيان الصهيوني! هذا التطبيعُ شجّعَ الغربَ على الوقوفِ علانيةً إلى جانبِ الصهاينة، وشجع يهودَ الداخلِ ليكونوا العملاءَ في حربٍ إعلاميةٍ مدمّرة .
الموقفُ صعبٌ، وكلُّ الكلماتِ لا يمكنُ أن تكونَ البديلَ لمقولةٍ واحدةٍ قالها سعاده :
« إن لم تكونوا أحراراً من أمة حرة ، فحريات الأمم عارٌ عليكم”.
وهنا.. تخجلُ الكلماتُ أمامَ دموعِ الأمهاتِ ووجوهِ الأطفالِ الملوّنةِ بالدماء.. ولكننا نحن أبناءُ الحياة. أبناءُ الصراعِ.. وسيبقى القلمُ يكتبُ رَغم الألمِ… وستبقى الكلمةُ كالصاروخِ مدمّرةً لفكرةِ الوجودِ الصهيوني على أرضِنا قبل المستوطنات..
هذه الحربُ الوجوديةُ المستمرةُ لن تنتهيَ إلا بانتهاءٍ شاملٍ لهذا الكيانِ الصهيوني المركبِ المفتعلِ لأنه في الحقيقةِ العلميةِ والتاريخيةِ والحضاريةِ مجردُ وهمٍ وفراغٍ لا وجودَ له ولا أساسَ ولا قيمة.
نحن في مواجهةٍ مصيريةٍ لمرضِ عضالٍ زُرعَ في جسدِ أمتنا. غايتُهُ قضمُ كلِّ خلايا هذا الجسد.. حتى الموت.. وهنا تأتي المقاومةُ الحقيقيةُ لاستئصالِ هذا الورمِ بكلِّ الطرقِ المؤديةِ الى الحياة.. “اننا نحبُّ الحياةَ لأننا نحبُّ الحريّة، ونحبّ الموتَ متى كان الموتُ طريقاً إلى الحياة”.
نحن لا نستغربُ على الإطلاقِ كلَّ هذا الاجرامِ الذي يعجزُ عن وصفِهِ الكلامُ.. لأننا على معرفةٍ تامةٍ بأنّ هذا العدوَّ هو تركيبةٌ صهيونيةٌ تخريبيةٌ مصلحيةٌ اُنشئت لتحقيقِ غاياتِ الدولِ الراعيةِ للإرهابِ والسرقةِ والفسادِ وزرعِ الفتنِ الطائفية.. وبالتالي تحقيقِ أحلامِ السيطرةِ على الأرضِ الغنيةِ بالمواردِ المتجددةِ وغير المتجددة، كما السيطرةِ على كلِّ الطرقِ البحريةِ وغيرِ البحريةِ المؤديةِ إليها.. والتي تشملُ الآنَ دولاً عربيةً وخليجيةً متحوّلةً وبالقوةِ الى مجردِ معابرَ اقتصاديةٍ وعسكريةٍ للولاياتِ المتحدةِ الأميركية…
لذلك علينا ألّا نعوّلَ على خطاباتٍ من هنا.. ومواقفَ رماديةٍ من هناك.. على اجتماعاتٍ من هنا.. وتصريحاتٍ فايسبوكيةٍ افتراضيةٍ وهميةٍ من هناك.. لأنّ المسألةَ الفلسطينيةَ لن تُحلَّ إلا بالقوة، لأنها مسألةُ حق.. وإنّ الحقَّ القوميَّ لا يكونُ حقاً في معتركِ الأممِ إلا بمقدارِ ما يدعمُهُ من قوةِ الأمة. فالقوةُ هي القولُ الفصلُ في إثباتِ الحقِّ القومي أو إنكارِه. (سعاده)..
في هذه الحربِ.. المقاومةُ هي الأساسُ لطردِ الصهاينةِ من بلادِنا… هكذا فعلَ خالد علوان في بيروت.. والمقاومةُ في جنوبِ لبنانَ… وفي كلّ مكان.. والآن في غزةَ العزةِ والصمود.. لا خلاصَ إلا بالمقاومةِ ولا انتصارَ إلا بالمقاومة.. لأن لنا في الحربِ سياسةٌ واحدةٌ هي سياسةُ القتال. أما السياسةُ في السلمِ فهي أن يسلّمَ أعداءُ هذه الأمّةِ بحقها ونهضتها». كما أنّ لنا اتصالاً باليهودِ مشرّفاً هو اتصال الحديد والنار بيننا وبينهم، هو اتصال الأعداء بالأعداء وهذا الاتصال مشرّف بلا شك”.
من هُنا.. من هذهِ الوقفةِ التضامنيةِ مع غزَّةَ.. من هذهِ الوقفةِ القوميةِ مع فلسطين.. كُلِّ فلسطين.. وكما اعتدنا نحنُ القوميينَ الاجتماعيينَ أنْ نكونَ رقماً صعباً في تاريخِ الصِّراع.. مُذْ وُجِدنا ونحنُ نُحذِّرُ من قدومِ الشَّتاتْ..
راهنوا على تفريقِنا ونجحوا في شراءِ شرفِ بعضِ الحُكّامِ في زمنِ الرُّخصِ السياسي…
مُذْ وُجِدنا ونحنُ شريانٌ ينبضُ في قلبِ فلسطينْ.. نرفعُ اليدَ تحيَّةً لفلسطينْ.. نُطلِقُ الحناجرَ صرخةً نحو فلسطينْ.. نوجّهُ البندقيَّةَ كُرمى تحريرِ فلسطينْ..
نحنُ القوميينَ الاجتماعيينْ.. إذا وُلِدنا نولدُ عشقاً لفلسطينْ.. وإذا قُتِلنا يكونُ موتُنا ولادةً بتوقيتِ فلسطينْ.
فلنولدْ معاً على جبهةٍ واحِدةْ.. زنادُنا الواجبُ ورصاصُنا الحُرَيةْ.. إنه زمنٌ نكونُ فيهِ أو لا نكونْ.. زمنُ وجودِنا أو نُمحى من الوجودِ.. إنهُ زمنُ القوَّةِ ومثلُنا لا يعرفُ الهوانْ…
نحن.. ورغمِ كلّ المؤامراتِ التي حيكت ولا تزال تُحاكُ على حزبِنا كنا وما زلنا نبذل الدَّم الزاكي… مقاومةْ مقاومة بالنار لا مساومة.
*كلمة ألقيت في الوقفة التضامنية التي نظمتها منفذية طرابلس
**عميد الثقافة والفنون الجميلة ـ منفذ عام طرابلس