أُكلتُ عندما أُكلَ الثور الأبيض…
} منجد شريف
يتدحرج الواقع الميداني في غزة إلى مواجهة لا بدّ منها، فالقصف المستمرّ على المدنيين، وما يسفر عنه من مجازر، والفشل المتكرّر في التوغل البري، ثم محاولة التعويض عنه بزيادة القصف الجوي وارتكاب المزيد من المجازر، ما هو سوى الدليل الدامغ على أنّ «إسرائيل» تحكم العالم الغربي بقبضة فولاذية، من خلال ذلك التعامي عن ارتكاباتها المسيئة لداعميها.
وليس خافياً على أحد في أنها تمثل معسكراً غربياً متقدّماً لضمان المصالح الاستعمارية الى أطول أمد ممكن، وهي غير آبهة بالشرعية الدولية ولا بأيّ من قرارات مجلس الأمن الدولي، فذلك المجلس فصّل على مقاس الدولة العبرية المزعومة.
إنها حرب عقائدية، وهذا ما أتى عليه بنيامين نتنياهو في خطابه، من أنّ هذه الحرب ستكون تحقيقاً لنبوءة أشعيا في استعادة أرض «إسرائيل» المزعومة، وأشعيا نفسه من ضحايا بني إسرائيل ومات مقتولاً على أيديهم فأيّ وقاحة تلك.
إنّ غزة اليوم خط المواجهة الأول في الدفاع عن كرامة الأمة، وإنْ لم تفتح كلّ الجبهات، وتتحد كلّ المواقف العربية من الدول المطبعة قبل الدول المنهكة بفعل ممانعتها، للدولة العبرية، فعلى كلّ الدول التي انبثقت من الخارطة الاستعمارية لسايكس بيكو السلام، وأن يعوا حقيقة ما تقوم به «إسرائيل»، من مخططات لا تقف عند حدود غزة، فهي حليف لكلّ الدول الإستعمارية، ووكلت بمهمة حفظ مصالحهم، وخوض كلّ الحروب بالنيابة عنهم، بإسم الدولة المزعومة، فمواجهة «إسرائيل» واجب أخلاقي إزاء ما ترتكبه من فظائع، فضلاً عن أنه واجب شرعي لجهة اغتصابها أرضاً عربية، وهو واجب ديني لمغتصب عاث فساداً بمقدسات الأمة.
«إسرائيل» المزعومة جاءت لتجسّد مؤامرة شيطانية لمتموّلين من عائلة روتشيلد من أجل حكم العالم بأسره، وهذا ما أشار اليه كثر من الكتّاب منهم المفكر عجاج نويهض في كتابه «بروتوكولات حكماء صهيون»، والأميرال وليام غاي كار في كتابه «أحجار على رقعة شطرنج»، وشيريب سبيريدوفيتش في كتابه «حكومة العالم الخفية»، وها نحن نشاهد بأمّ العين التنفيذ الفعلي لتلك المؤامرة الشيطانية لحكم العالم واستغلال ثرواته وخيراته.
فمن يطّلع على تلك الكتب سيكتشف أنّ ما ترتكبه «إسرائيل» من مجازر لا تأبه له، لأنّ التلمود يجيز لهم ذلك دون أن يرفّ لهم جفن، والتلمود ليس كتاباً سماوياً بل هو نتاج نقاش الحاخمات، وبالتالي لا صلة لأيّ تعاليم سماوية بكلّ ما يقترفونه من وحشية وبربرية، لأنهم كما يزعمون وليس ذلك بصحيح بالتأكيد أنهم شعب الله المختار، وهم ليسوا كذلك أبداً بل هم أبناء الشيطان لأنهم يؤمنون بأنه أذكى الملائكة، وأنه تحدّى الذات الإلهية، وعليه ففي قاموسهم لا مكان للضعفاء، لأنّ الحقّ دائماً للقوة.
فما أظهرته عملية طوفان الأقصى من تغيير جذري في تاريخ الصراع، وضع الإسرائيلي أمام حلّ واحد فقط، التعويض بالخسائر البشرية إلى أقصى حدّ ممكن كي تكون رادعاً لأيّ فعل مماثل في المستقبل، على الرغم من أنها من خلال وحشيتها ومجازرها وتفننها في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وأبناء شعبنا في فلسطين، أظهرت عن وجهها الحقيقي لكلّ شعوب العالم وأعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة، وعَرَّت ذلك العدو الغاشم من مظلوميته المزعومة في الهولوكوست وأوشفيتز وهي محارق مفتعلة بواسطة عملائهم في حينها لإجبار يهود أوروبا في المجيء إلى فلسطين مرغمين بعدما تعثرت الهجرات الطوعية، كما عززت روح الانتقام والنقمة عند كلّ الأحرار في العالم لا سيما شعوب الأمة العربية، وهذا ما وضع غالبية الأنظمة أمام إحراج كبير بين الخروج عن التطبيع وصفقة القرن ليلاقوا المزاج العام العربي،
وإذا كانت «إسرائيل» المزعومة قد استطاعت تحوير الكون من خلال المكائد والدسائس، وتسخير المال لعائلة روتشيلد كسلاح فتاك في شراء كلّ الذمم وتدمير كلّ الأديان والمجتمعات، وتمويل كلّ الحروب من أجل مضاعفة الثروة وإحكام السيطرة على العالم، واغتصاب أرض فلسطين بمنطق القوة، بعدما أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، فكانت هذه الدولة المسخ، فإننا نتعهّدها بالزوال، فكما تعهد السيّئ الذكر القاتل المفترس نتنياهو بتحقيق نبوءة أشعيا، فإننا نتعهّده بنبوءة القرآن في زوالهم برجال ذوي بأس شديد، وقد بانت طلائعهم في طوفان الأقصى، وسوف يكون بعدها طوفان نوح لمحو ذلك الكيان الغاصب المستكبر.
لقد عَرَّت هذه الحرب كلّ الدول الغربية، وأظهرت زيف مزاعمها في الديموقراطية وأشكالها والحقوق والحريات العامة، وما دعمها لـ «إسرائيل» إلا تجسيد لحكم القوي على الضعيف وهيهات أن نكون من الضعفاء، إنها حرب الزوال، حرب يجب ألا نخرج منها إلا منتصرين، لنجتثّ هذا الشر المستطير، قربة لله أولاً وخدمة للإنسانية جمعاء، ولأبناء الشعب العربي المضلل، والمحكوم من شخصيات تبعية، تدين للصهيونية ومحافلها الماسونية، بعدما نجحوا في إقصاء كلّ الأحرار الوطنيين عن السلطة، بكلّ الوسائل، وتمكنوا من حكم العالم، بما يتلاءم وأحكام التلمود وبروتوكلات حكماء صهيون ليتسيّدوا على كلّ العالم، وهيهات يستطيعوا فعل ذلك.
يتوجب على كلّ الأنظمة العربية اللحاق بمزاج شعوبها وملاقاتها وفتح الحدود لتكون الحرب الكبرى، فما أظهره بواسل حماس من مقدرة على سحل القوة التي لا تقهر، يجب أن يكون حافزاً لكلّ عربي وكلّ حر من هذا العالم، فلتكن جبهة واحدة، وسيكون النصر حليفنا بإذن الله، وإنْ لم نفعل فسلام على كلّ دولة عربية وسيأتي دور كلّ منها على حدة، وعندها لا ينفع الندم، ويصحّ فينا ما جاء في كتاب كليلة ودمنة «أُكلت عندما أُكل الثور الأبيض»…