الحوار تخطى الخطر… و«المستقبل» يؤكد التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين
كتب المحرر السياسي:
العدّ التنازلي للحرب السعودية مع الاقتراب من نهاية الشهر الأول، يبدو متسارعاً سياسياً وعسكرياً، بعد الفشل في تغيير موازين القوى في الميدان والجغرافيا اليمنية، الذي ترجم بإعلان الناطق العسكري السعودي العميد أحمد العسيري عن نهاية بنك الأهداف التي وُضعت لـ»عاصفة الحزم»، بعدما ظهر ارتباك موعد ظهوره التقليدي السابعة مساء بتأخير ساعتين، بدا ناتجاً من الاستماع إلى كلمة قائد جماعة «أنصار الله» اليمنية السيد عبد الملك الحوثي، الذي تخوض السعودية حربها ضدّه.
السيد الحوثي في إطلالته الأبرز منذ بدء الحرب، فنّد كلّ الكلام السعودي والتبريرات المعطاة للحرب، متسائلاً عن البعد القومي العربي الذي يرضي الأميركي و»الإسرائيلي»، وعن القصف الجوي التدميري الذي يخسر معه اليمنيون عمرانهم واقتصادهم ودورة حياتهم ويحصد أرواح الأطفال والنساء، بينما لا يفيد منه في الميدان إلا تنظيم «القاعدة»، ولا تفرح وتصفق له إلا «إسرائيل»، مؤكداً أنّ اليمنيين سيصمدون ويواجهون ولا مكان عندهم للاستسلام، وأنّ كلّ الخيارات باتت أمامهم مفتوحة.
على الصعيد السياسي كان لافتاً ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» عن تفسير انسحاب باكستان من حملة «عاصفة الحزم» على رغم التعويل السعودي على القوات الباكستانية في العمل البري، وحجم النكسة التي ترتبت على الخذلان الباكستاني للسعودية، وقالت الصحيفة الأميركية إنّ باكستان كانت متأكدة من فشل الحرب، ونتائجها السلبية على الاستقرار الإقليمي قبل أن تقرّر الانسحاب.
أيضاً على المستوى السياسي بدا أنّ تأجيل لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي من نهاية الشهر الجاري إلى منتصف الشهر المقبل، هو بمثابة مهلة للسعودية لتحقيق إنجاز عسكري أو سلوك الخطوات الأولى نحو الحلّ السياسي كي لا يبدو أيّ تحوّل ثمرة ضغوط أميركية على السعودية، خصوصاً بعد المعلومات التي تشير إلى أنّ التأجيل جاء بطلب سعودي في المحادثة الهاتفية بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس.
لبنانياً أكدت مصادر حزب الله وتيار المستقبل ثقتها، بثبات خيار الحوار، بعدما تخطى الحوار اختبار الخطابات السياسية والإعلامية القاسية، وثبت أنه قد تجاوز مرحلة الخطر، وتكرّس كحاجة متبادلة للفريقين، بينما التجاذبات تطاول عمل المجلس النيابي والحكومة، ومحورها نيابياً الموازنة، التي لا يزال تيار المستقبل يربط إقرارها بالتسوية التي تنهي الجدل حول المبالغ المنفقة من دون إطار قانوني في حكومات الرئيس فؤاد السنيورة، فيما الحكومة تعيش التجاذب بين خياري التمديد والتعيينات للمناصب القيادية والعسكرية والأمنية، حيث أكدت مصادر «المستقبل» أنّ التمديد بات هو الخيار المحسوم، وهو المتوقع أن يعلن التيار الوطني الحر موقفه منه غداً.
الحوار تخطى فرضيات فرط عقده
وفيما يستمرّ الجدل حول الجلسة العامة التي تتجه إلى مزيد من التعقيد مع إعلان «القوات اللبنانية» أنّ مدخل أيّ جلسة تشريعية يكون من خلال قانون الانتخاب أو قانون الموازنة التي لا يزال وزير المال علي حسن خليل يستطلع آراء القوى السياسية لمسألة ضمّ السلسلة إليها. نجح حوار حزب الله ـ تيار المستقبل في تخطي كلّ الفرضيات التي تحدّثت عن إمكانية فرط عقده على وقع الحرب الإعلامية التي نشبت بين الطرفين على خلفية الأزمة اليمنية.
التتمة ص10
وأكدت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» أنّ الحوار قائم ومستمرّ، لا سيما أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري، في ذروة التصعيد أكدا استمرارية الحوار». ولفتت المصادر إلى «أنّ الفريقين لا يريدان أن يتحمّلا مسؤولية وقف الحوار وما ينتج من ذلك، ويدركان أن لا بديل عن هذا الحوار لتواصل الأطراف في ظلّ التجميد السياسي العام والفراغ الذي يلحق بالمؤسسات، إضافة إلى ذلك هناك تشجيع خارجي لمواصلة الحوار بصرف النظر عن مواقع الأطراف الخارجية».
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض «أننا نريد أن نحافظ على الاستقرار في لبنان، وأن يستمرّ الحوار، وأن نفعّل عجلة المؤسسات، وأن نحارب التكفيريين، على رغم الاختلافات العميقة والمواقف المتعارضة تعارضاً جذرياً.
ورأى في احتفال تكريمي في ميس الجبل لمناسبة ذكرى أربعين الشهيدين محمد هزيمة وعصام الشرتوني، «أنّ حجم الاضطراب الإقليمي اليوم غير مسبوق، وأنّ المنطقة على مفترق طرق»، معتبراً «أنّ مضيّ السعودية في السياسات العدوانية التي تستهدف المدنيين ومنشآت الدولة الحيوية في اليمن من المرجح أن يوصل الأوضاع إلى نقطة غير قابلة للسيطرة».
ولفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق من بلدة محيبيب الجنوبية إلى «أنّ الأموال السعودية يمكن لها أن تشتري دولاً ومجلس أمن ورؤساء وأمراء ووزراء، ولكن لا يمكن لها أن تشتري سكوت حزب الله، ولا يمكن لها أن تهدّد المقاومة، ولذلك فإنّ مشكلتهم معنا هي أننا لا نباع ولا نشترى ولا نخشى التهديدات.
وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أنّ الحوار خيار استراتيجي متمسّكون به، على رغم أن لا أفق لهذا الحوار»، مشدّدة على «أنّ خطاب السيد نصرالله لن ينعكس توتراً أمنياً على الساحة الداخلية لأنّ هناك مصلحة لجميع الأطراف بالاستقرار الداخلي».
«المستقبل»: «التغيير والإصلاح» لا يتجرأ على توثيق الحسابات منذ 1989
حكومياً، يلتئم مجلس الوزراء غداً الثلاثاء لاستكمال البحث في مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2015، بعد أن يكون وزير المال علي حسن خليل أنهى جولته الاستطلاعية على رؤساء الكتل السياسية لإيجاد تسوية لمسألة ضم السلسلة إلى الموازنة. ويلتقي خليل اليوم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، بعدما كان التقى في اليومين الماضيين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي أبدى تحفظاً على ربط السلسلة بالموازنة، ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة بحضور النائب جمال الجراح». وأكد النائب الجراح لـ«البناء» أن أجواء اللقاء كانت جيدة جداً، وجددنا موافقتنا على إقرار السلسلة ضمن الموازنة في أسرع وقت لإعطاء كل ذي حق حقه، لا سيما أن الواردات المخصصة لتمويل السلسلة باتت ضمن الموازنة». واعتبر «أن إصرار التيار الوطني الحر على فصل الموازنة عن السلسلة، يصب في خانة تأخير إقرار السلسلة». وإذ أكد «أن تيار المستقبل يريد إقرار موازنة متكاملة وشفافة تضم كل النفقات والواردات، سأل ما المانع من درس الموازنة والسلسلة معاً في جلسة عامة»؟
ولفت إلى «أن تيار المستقبل لا يريد براءة ذمة من أحد، ونحن تقدمنا باقتراح ينص على توثيق كل الحسابات من عام 1989 حتى اليوم، إلا أن تكتل التغيير والإصلاح لا يتجرأ على ذلك»، مشدداً على «أن عملية صرف 11 مليار دولار موثقة بقرارات صادرة عن مجلس الوزراء مجتمعاً وقوانين ترعى الإنفاق على الرواتب صادرة عن مجلس النواب، بالإضافة إلى خدمة الدين».
التمديد للقادة الأمنيين بات واقعاً
وفيما يتجه رئيس تكتل التغيير والإصلاح إلى إعلان موقف حاسم من التمديد للقادة الأمنيين في اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي غداً، أكدت مصادر مطلعة في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن التمديد للقادة الأمنيين بات واقعاً»، جازمة «أن وزراء التيار الوطني الحر لن يستقيلوا من مجلس الوزراء، وأن الحكومة باقية، وأن أحداً في البلد لا يريد أن يتحمل تبعات فرط الحكومة».
مدخل أي جلسة تشريعية قانون الانتخاب أو الموازنة
أما تشريعياً، فتلتئم هيئة مكتب المجلس ظهر اليوم في عين التينة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري لحسم جدول أعمال الجلسة العامة. وأكد عضو هيئة مكتب المجلس النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» أن مدخل أي جلسة تشريعية يكون من خلال قانون الانتخاب أو قانون الموازنة»، لافتاً إلى إمكانية الاستفادة من عقد الجلسة لإقرار بعض الاقتراحات والمشاريع التي لا بد من إقرارها وتتعلق بهبات وقروض». وأكد زهرا «أنه من الممكن أن تعقد جلسة عامة لإقرار قانون الانتخاب لا سيما أن الرئيس بري حدد في جلسة التمديد مهلة شهر لهذه اللجنة لرفع تقريرها حول ما توصلت إليه من اتفاق، وإلا سيتم طرح كل المشاريع المتعلقة بقوانين الانتخاب المقترحة للتصويت على إحداها من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب»، مشدداً في الوقت عينه على «أن وجود المجالس النيابية هو لمراقبة الموازنة والإنفاق».
الحريري في واشنطن
من ناحية أخرى، يزور رئيس تيار المستقبل سعد الحريري اليوم واشنطن في زيارة تمتد أسبوعاً يلتقي خلالها عدداً من كبار المسؤولين في البيت الأبيض والكونغرس. ولفتت مصادر قيادية في «المستقبل» لـ«البناء» إلى «أن حراك الحريري على مستوى العواصم العربية والغربية، يصب في خانة العمل على تحييد لبنان عن ما يجري في المنطقة». ولفتت المصادر إلى «أن جولة الحريري تأتي انطلاقاً من أن للتفاهمات الدولية أهمية كبيرة لاستقرار المنطقة وبالأخص استقرار لبنان». وأشارت المصادر إلى «أن زيارة الحريري ستبحث في محاربة الإرهاب وأهمية الاعتدال السني، وفي تسليح الجيش اللبناني».
برنز في بيروت لمراجعة الوضع السياسي بعد المتغيرات الإقليمية
وفي موازاة ذلك، يزور نائب وزير الخارجية الأميركي وليم برنز بيروت نهاية الشهر الجاري في إطار عمله بصفته رئيساً لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وسيعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين. وتأتي أهمية زيارة برنز إلى لبنان أنه لعب دوراً رئيسياً في المفاوضات السرية التي أجرتها واشنطن مع ايران عام 2013. ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن زيارة برنز بمثابة إعطاء ابر تخديرية لتثبيت الوضع المستقر في لبنان، ومراجعة الوضع السياسي بعد المتغيرات الإقليمية لمعرفة حجم تأثير الأطراف في ظل الأوضاع المستجدة».
ومن المقرر أن يشهد مطار بيروت الدولي عند التاسعة والنصف من صباح اليوم ، احتفالاً بمناسبة تسلم الجيش دفعة الأسلحة الفرنسية التي تدخل ضمن الهبة السعودية لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، والبالغة ثلاثة مليارات دولار، يحضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان الذي وصل مساء أمس، وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
تطور ايجابي مهم في ملف العسكريين قبل نهاية الشهر
على صعيد آخر، أكد مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أن «جزءاً رئيساً من المفاوضات مع جبهة النصرة نضج»، متوقعاً «أن نشهد تطوراً ايجابياً مهماً قبل نهاية الشهر». ولفت زوار اللواء إبراهيم إلى «أن أي جديد لم يطرأ على صعيد المفاوضات مع تنظيم داعش، والمعلومات التي تحدثت عن نقل العسكريين المختطفين لدى داعش إلى الرقة لم يتم التأكد منها في شكل قطعي». وكان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أكد متابعة ملف العسكريين المحتجزين والتزام هذه القضية انطلاقاً من المبدأ الأساس المتمثل بالمقايضة، وعلى الدور التنسيقي في هذا الخصوص للرئيس نبيه بري، وكذلك الدور الذي يلعبه اللواء عباس إبراهيم»، مشيراً خلال لقائه وفداً من أهالي العسكريين إلى «أن الملف ليس طائفياً بل ملف وطني يخص الجميع، وما نقوم به واجبنا».