أهداف حلف المقاومة مقابل الأهداف الإسرائيلية والأميركية
} رنا العفيف
الخطاب الاستراتيجي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ظلّ معركة الطوفان يحمل هدفين لا ثالث لهما في جزئية مقتطفة من كلمته وهي من أبرز المقاطع تأثيراً وسط معركة طوفان الأقصى فما هما؟
السيد نصر الله قال إنّ الهدف الأول هو وقف العدوان، والهدف الثاني انتصار غزة، وتحديداً انتصار حماس في غزة محذراً من أنّ كلّ الخيارات مفتوحة في مواجهة «إسرائيل» وأنها كادت تسقط لولا تدخل الأميركي والغربي والدعم المعنوي والعسكري، وفيه واشنطن هي من تمنع وقف إطلاق النار وأنها بأساطيلها لا تخيف المقاومة، وأنّ الجاهزية لمواجهة الأساطيل قائمة.
لا شك بأنّ الأولويات التي أشار إليها السيد نصر الله واضحة في معادلة التحرير الكبرى، وهي متناقضة مع الأهداف الإسرائيلية والأميركية لأسباب عسكرية وميدانية، أيّ هناك قطب سالب وقطب موجب لا يلتقيان في معضلة الحسابات الذهنية في جملة التكتيك العسكري لدى حزب الله الذي يخطط بحكمة للمعركة الكبرى المنتظرة وهي ربما ليست ببعيدة ما لم يكن سيدخلها من بوابتها الواسعة التي تخشاها الولايات المتحدة وحلفائها،
إنّ فلسفة الخطاب بكلّ جوانبه السياسية والعسكرية والمعنوية تحمل ركيزة وقاعدة أساسية لدى حزب الله رسّخ فيها كلّ الخيارات المطروحة والمفتوحة بصوابية القرار لدى جميع الأطراف وقد يبدو هناك حسابات عملية أخرى يُعدّ لها المحور وستكون ثلاثية الأبعاد بالمعنى العسكري نظراً للأساطيل الأميركية المتواجدة على سواحل البحر الأحمر وما تخفيه الشيطان الأكبر للمرحلة المقبلة في مواجهة التحدّي، وفي حال وصلت الرسالة وما تحمله من جوهر المضمون قد لا يحتاج حزب الله للمعركة،
أما على الصعيد القومي في سياق الخطاب كان لافتاً بأنّ لدى حزب الله حزمة سياسية يُفضي بترتيب فوضى الفكر السياسي لدى الدول العربية وبعض الأنظمة ليؤكد المؤكد بكلامه للمرة المليون، بأنّ نظام السياسة الاستبدادية إبان ناقص للقيم والمفاهيم الإنسانية بشتى صنوفها والكبت والاستبداد على الشعب الفلسطيني ما هو إلا لتطفئ أحلامه، لذا عوّل حزب الله على العزيمة والإرادة المصمّمة على مناهضة الاحتلال ومكافحته حتى التحرير، استناداً لقوله الحكيم الصادق بأنّ انتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية لمصر والأردن وسورية ولبنان وكلّ شعوب المنطقة، هذا البعد القومي يحمل دلالات كبرى على واقع سياسة المنطقة على وجه الخصوص.
وبالتالي أهداف حلف المقاومة بانتصار المقاومة في غزة وتحديداً حماس، يفضي شدّ حزام الإرادة في مواجهة التحدّي لأيّ سيناريو مقبل يحاك استمرارية المعركة وربما دون توقف لتتمكن المقاومة من تحقيق أهدافها بالركن العسكري من جهة والسياسي من جهة أخرى، وهنا ربما تكون تلاقي المحور بنقطة ثابتة في مكان ما يجعل الإسرائيلي والأميركي يندم على الساعة التي قرر فيها شن ضرباته هنا وهناك،
هذا بالنسبة لأهداف محور المقاومة التي رصدت المعركة في ميزان القوة بجدارة صلبة يصعب على المتآمرين فك طلاسم رموز التكتيك العسكري الذي يحمل غموضاً بناء في مجهر السياسة لدى المقاومة.
أما بالنسبة لأهداف «إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، فهي سحق حماس واستسلام غزة واستعادة الرهائن من دون قيد أو شرط، ليأتي في مقابل هذا ردّ السيد نصر الله عليها برهن أهداف جميع مكونات المقاومة بالتصدي للمؤامرة التي تحاك لحماس ولحزب الله حيال القضاء عليهما، لا سيما أنّ هذه المعركة هي مشابهة تماماً لحرب تموز من ناحية الأهداف وتحمل أوجه الشبه في البصمات الاسرائيلية، عندما كانت «إسرائيل» تريد القضاء على حزب الله، وهي مماثلة اليوم لأهداف «إسرائيل» بالقضاء على حماس، وبالتالي قد يُماطل الإسرائيلي بوقف العدوان لأنه مضطر لها في نهاية الموقف لماذا؟ لأنّ صمود المقاومة تسبّب له بحقبة من الفشل على أكثر من مستوى ولم يحقق هدفاً واحداً على صعيد الإنجاز الذي يطمح إليه بالرغم من المجازر التي يرتكبها، إلا أنّ غزة صامدة، هذا الصمود يأتي أيضاً ضمن أطر الردّ على العدوان الغربي المتوحش على غزة، وهو في حقيقة الأمر يخشى من تراكم قوة محور للمقاومة التي بدأت بفتح جبهات جديدة وتسخينها بشكل تدريجي تحسّباً لأيّ حماقة قد يرتكبها الاسرائيلي ومن خلفه أميركا، أو ربما نستطيع القول اليوم بأنّ هناك تغييراً في مواقع المقاومة، التي انتقلت من مرحلة الدفاع إلى حالة الهجوم بالعدّ التنازلي إلى حين أن يدقّ ناقوس الإنذار المرتبط باالعداد الاسرائيلي،
أخيراً عندما أشار السيد إلى المصلحة الوطنية في هذا الانتصار، كان يترجم أفعال المقاومة في العراق واليمن، مع الإشارة إلى أنّ بعض الدول العربية والأنظمة التي تتأمّل تفوّق العنصر الغربي على العنصر العربي بأن يأخذوا الدروس القومية من هؤلاء الذين ترجمت أقوالهم بأفعالهم دون تردّد، وطبعاً هذه جزئية تحمل نتائج عملية على أرض الواقع، لأنّ ما فعلته وستفعله لاحقاً المقاومة العراقية واليمنية ما هو إلا تعبير حقيقي عن قومية هذه المعركة في البعد القومي وما يمليه الواجب القومي في المرحلة الحاسمة على اعتبار أنّ قضية فلسطين قضية قومية لأنها ترتبط بحرية الوطن العربي وبقضيته الكبرى في فلسطين، لذا كانت الأهداف في هذا المقطع لافتة وبارزة في معركة التحرير ضدّ الاستعمار والصهيونية، أيضاً نقطة أساسية جُلى تقديرها في موقف السيد حسن في هذا السياق هو الهدف الاستراتيجي القومي الذي يرتكز على التحليل العلمي والسياسي والعسكري الذي فرضته المعركة القائمة تجاه القضية الفلسطينية على أسس ربما تتمحور حول نواة وحدة المصير والتاريخ بشكل عملي في الأداء، استناداً لما أشار إليه السيد وقال لا مكان للتخوين وهذه ثقافة جديدة تنتهجها المقاومة تعزز من مصلحتها في المنطقة، بمعنى أنّ القضية تستحقّ بذل جهود عربية لتحرر الأمة العربية من الاستبداد الاستعماري المتوحش وبذلك التحرر من الهيمنة أمر ضروري لا بدّ منه تعبيراً عن الإرادة العربية التي تتمتع بتلازم النضال القومي في مواجهة المرحلة الخطرة التي تمرّ بها أمتنا…