الهدنة الممتدة على الجبهات والمرشحة للتمديد
بعيداً عن عنتريات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يؤاف غالنت، حول العودة إلى الحرب فور انتهاء أيام الهدنة، وعدم شمول الهدنة جبهات الحرب الأخرى خصوصاً لبنان، تبدو الهدنة مخرجاً لعجز كيان الاحتلال عن مواصلة الحرب وعجزه عن إعلان نهايتها.
فشل الاحتلال خلال قرابة الخمسين يوماً في تحقيق إنجاز عسكريّ يمنح المصداقية لشعار إنهاء حركة حماس وقوى المقاومة، فبقيت الصواريخ تتساقط فوق رؤوس المستوطنين في مدن الكيان، وفي مقدمتها تل أبيب، وفشل الاحتلال في كسر قدرة المقاومة في المناطق التي توغل فيها، والتي بقيت ساحات مواجهة يسقط فيها الجنود وتحترق فيها الدبابات.
تحوّلت الجريمة المتمادية التي يرتكبها الاحتلال بحق النساء والأطفال الى عامل تثوير للرأي العام العالمي، وتحريك الشارع الغربي، والأميركي خصوصاً، بصورة جعلت الوقت يدخل الحرب لغير صالح الاحتلال، ويصبح جزءاً من معادلة الحرب ووقف الحرب، بعدما فشلت عمليات القتل والتدمير في إضعاف الدعم الشعبي للمقاومة، أو إجبار المقاومة على تخفيض سقوفها السياسية.
أفشلت صلابة قوى محور المقاومة نظرية الردع الأميركية التي حملتها صورة حاملات الطائرات والمدمّرات المرسلة إلى المنطقة، فتواصل التصعيد عبر جبهة لبنان، واستمر تعرض القواعد الأميركية للنار في العراق. وجاء التحدّي الأهم بفتح ملف أمن الملاحة في البحر الأحمر وأمن مضيق باب المندب، من خلال أسر الجيش اليمني سفينة إسرائيلية، بينما واشنطن تضع أمن الملاحة في أهم ممر مائي دولي في البحر الأحمر كعنوان لاستراتيجيتها العسكرية، وهي واقفة لا تستطيع فعل شيء، حتى صار وقف الحرب أقصر الطرق لتفادي الإحراج والفضيحة.
ليس بيد الاحتلال ومن خلفه واشنطن ما يتيح العودة للحرب بعد انتهاء مدة الهدنة، ولا ما يتيح الذهاب للمفاوضات التي تنتهي إلى إعلان نهاية الحرب، حيث لا نقطة وسط بين سعي المقاومة لطرد الاحتلال وسعي الاحتلال لسحق المقاومة، فيصير تمديد الهدنة بذريعة المزيد من تبادل الأسرى طريقاً مناسباً للهروب من إعلان العجز ومواجهة تبعات الفشل، وما يسري على جبهة غزة، سوف يسري على سواها.
التعليق السياسي