أولى

مشكلة القوات أنّها تنسى مواقفها وتتسرّع

في مرات عديدة تكرّر القوات اللبنانية ارتكاب الخطأ ذاته، خطأ إصدار مواقف متسرّعة بدافع الانفعال والغضب يعاكس مواقف سابقة ثابتة. وكثيرة هي الأمثلة عن مواقف متناقضة وقع فيها رئيس حزب القوات الذي يفترض أنه كرئيس حزب يملك إمكانات بشرية ومالية، يستطيع قبل إصدار موقف القيام بفحصه مع المواقف السابقة له ولحزبه من حالات مشابهة. وإن كان ثمة ضرورة للتغيير القيام مباشرة بشرح سبب التغيير مع إعلان الموقف الجديد. وهذا يؤكد أن الانفعال والتسرّع وراء هذا الارتباك.
لا يزال موقف القوات من رفض تشريع الضرورة بغياب رئيس للجمهورية حاضراً كما لا يزال اقتراح القانون المقدّم من «القوات» لتشريع التمديد لقائد الجيش بصفته تشريع الضرورة.
لا يزال اللبنانيون يتذكّرون مواقف قادة القوات ورئيسها من كل دعوة لعودة النازحين السوريين وصولاً لإعلان الوزيرة السابق مي شدياق أن عودة النازحين لن تتمّ مهما كان الثمن، ثم تغير الموقف الى النقيض دون الانتباه إلى الحاجة لتقديم تفسير استباقي للتغيير.
أمس، قال رئيس حزب القوات منفعلاً إن على الوزراء الذين وافقوا على التعويض للبنانيين الذين لحقت بهم الأضرار جراء الاعتداءات الإسرائيلية ان يدفعوا قيمة التعويضات من جيوبهم، متجاهلاً مبدأ مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها، وأنه لو كانت الدولة على خلاف مع حزب الله وأدائه في الجنوب، فإن المواطن الذي خسر بيتاً أو سيارة او قتل له قريب، ليس مسؤولاً عما جرى، وأن الدولة مسؤولة عنه، وبين هؤلاء ربما يكون معارضون لحزب الله، فهل عليهم تحمّل تبعات أحداث لم تستطع دولتهم حمايتهم منها؟
الأهم أن القوات التي كانت مشاركة في حكومة الرئيس تمام سلام، وافقت على دفع تعويضات المتضرّرين من اشتباكات طرابلس التي جرت بين ميليشيات مسلّحة، انطلاقاً من مبدأ مسؤولية الدولة، وليس من منطلق تبرئة الميليشيات أو تبني الاشتباكات، فهل تقول القوات إن ما تسبّبه الاعتداءات الإسرائيلية من أضرار في الجنوب لا تقع تحت مسؤولية الدولة أسوة بالأضرار التي تسبّبت بها اشتباكات الميليشيات في طرابلس؟
قليل من التروّي والهدوء وبعض الابتعاد عن الغيظ والانفعال والتسرّع، كان كفيلاً بتجنيب القوات هذا الخطأ الشنيع.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى