القلق «الإسرائيلي» من القرارات اليمنية
} رنا العفيف
قرار يمني يمنع أيّ سفينة من التوجه إلى موانئ الاحتلال، وقلق إسرائيلي من قرارات يمنية بحرية كهذه يزداد عمقاً ويكبر يوماً بعد يوم، أيّ دلالات تفرضها القرارات اليمنية الأخيرة على المستوى الإقليمي والدولي؟
خطوات هجومية تتعمّق بها صنعاء نصرة لغزة، إذ يفرض اليمن نفسه لاعباً محترفاً على المستوى الإقليمي والدولي بشكل واضح في صلب المعادلات التي تندرج في شعاع المعركة ضدّ الكيان الصهيوني، لا سيما أنّ صنعاء وسعت ذلك بالمساحة والنوع التكتيكي وفق القرار الذي اتخذته حيال تشكيل تحالفات بحرية غربية وغيرها لحماية مصالح الاحتلال، فيما يصرّ الاحتلال على تسويق أزمته الجديدة على أنها أزمة عالمية، في مقابل هذا تقول صنعاء إنها مستعدة لجميع الخيارات والسيناريوات المحتملة، وتنصح بالإستجابة لبديهيات حقوق الشعب الفلسطيني، وبالتالي لهذا القرار أهمية كبرى وفق الازدواجية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تدير المعركة العسكرية لـ «إسرائيل» في غزة وفق برنامجها الوحشي على غزة من قتل وإبادة لتصفية القضية الفلسطينية، وهي مستمرة بذلك حتى تحقق «إسرائيل» نتائج مرجوة في حربها القذرة، ولكن كيف سيتحرك الغرب إزاء الضربات البحرية التي يتلقاها من اليمن العزيز؟ وماذا يعني هذا في السياسة الاستراتيجية في خضمّ آلية التصدي؟
بكلّ تأكيد هناك نوع من التطور الملحوظ حيال تغيّر مسار السفن بعيداً عن مضيق باب المندب من شأنه أن يُضيّق على رحلة السفن لتصل إلى مقصدها في الكيان الإسرائيلي في ظلّ هذة التداعيات، نظراً لأنّ «إسرائيل» غير قادرة على التصدي لهذا التطور الهائل إلا في حال أوقفت عدوانها السافر على غزة، ما يعني أنّ هناك ضغوطاً مستمرة لتدخل الولايات المتحدة على الخط ضد القوات المسلحة اليمنية…
وبالتالي تعمل «إسرائيل» على استجداء وإبرام الإتفاق البحري مع دولٍ أخرى لماذا؟ لكي تعمل على مواكبة هذه السفن التي تتجه نحوها، استناداً لما تسرّب من وسائل الاعلام الإسرائيلية التي تحدثت عن مقترح مفاده إطلاق جسر بري عبر السعودية يربط بين أبو ظبي وحيفا، وهذا بالطبع يتطلب المزيد من الوقت، لذلك ربما نشهد تشكيل تحالف بحري في إطار السعي الإسرائيلي لمرافقة السفن وطبعاً بهدف تأمينها والتصدي لأيّ هجمات يمنية،
انطلاقاً من هذة الفكرة يوحي الإسرائيلي ويوهم حلفاءه بأنّ هناك مشكلة دولية على مستوى الملاحة والخطوط التجارة البحرية، ولكن نظراً لهذة الفاتورة الساخنة تنتظر «إسرائيل» ليتحرك شركاؤها وإلا ستتحرك مباشرة، لأنّ تكلفة كلّ شحنة بما تحمل من بضائع تعود بالسلب على الاقتصاد الإسرائيلي وحتى على سمعتها في مسار الخطوط التجارية الكبرى،
وهذا يفضي إلى مدى تأثير المعادلة التي كرّسها أنصار الله في اليمن والتي فرضت نفسها بقوة على الداخل الإسرائيلي وتحديداً على الاقتصاد والخطوط التجارية الدولية، في حال استمرّ الحصار على غزة، ما يشي بأنّ لهذا الأمر تأثير استراتيجي وإقليمي ودولي على المستقبل ما دامت تصرّ الولايات المتحدة و»إسرائيل» على تحقيق أهدافهم، وإبعاد ذلك متواترة في منطقة حساسة استراتيجياً على اعتبار أن 6,2 مليون برميل نفط كلّ يوم يعبر البحر الأحمر نظراً للكمية الكبيرة بمجمل التبادل التجاري العالمي للنفط، لذلك ربما الإدارة الأميركية ستتجاوز هذا أمام خسارتها وقد تكون هناك خيارات مطروحة أو مفتوحة على الطاولة أو يمكن أن تستخدم سياسة سلفها ترامب وتقوم بتصنيف أنصار الله كمنظمة أرهابية سعياً منها للتدخل المباشر، وربما تكون متردّدة في الإنخراط في الحرب البحرية لما فيها من مآلات بالرغم من أنها عازمة بشكل مطلق على أن تفلح ربيبتها «إسرائيل» في حربها، ورأينا ذلك من خلال الفيتو الذي يسعى البعض لتمريره في مجلس الأمن للإشتراط التي اتخذته القوات المسلحة اليمنية،
إذن هناك تطورات خطيرة لها مآلات أوسع وأخطر محتملة وواردة على الولايات المتحدة أن تدرك ذلك، لماذا نعوّل على الولايات حصراً هنا، لأنّ واشنطن إذا أرادت أن توقف الحرب تقول كفى انقضى الأمر، لتبدأ بالتفاوض، ولكن هذا يبقى مجرد كلام فارغ لأنّ ذلك بعيد كلّ البعد عما يجول في أورقة البيت الأبيض، وهي تعلم بأنّ «إسرائيل» مأزومة على أكثر من نطاق كما وهناك تآكل في زوايا السياسة على المستوى الدبلوماسي، لذلك يستميت الغرب في دعمه لها ويستمرّ بذلك لأسباب تلحق بالإثنين معاً، أيّ أنّ الحكومة الإسرائيلية مستعدة للمضيّ قدماً لهذا العدوان لتحقق مكاسب في مشروع التهجير ضدّ الفلسطينين في غزة وتنشط بذلك بهدف الإبادة وعملية التصفية أي المسح الكامل هذا بالنسبة للإسرائيلي،
أما الأميركي فهو حتماً راض لهذه السياسية العنصرية ونهجها ثابت في هذا المسار، لأنها ترى في ذلك انتصاراً لـ «إسرائيل» ضد المقاومة الفلسطينية، مع الإشارة إلى أنها لا تريد من نتنياهو أن يقوم بضمّ غزة لأنّ ذلك يؤثر على مستقبلها مع حلفائها وقد يتسبّب هذا الأمر بضرر كبير، وبنفس الوقت تريد ان تستحوذ على كلّ ما تراه مناسباً لها لتحقق شيئاً مما تسعى إليه حتى ولو بقيت النافذة الممنوحة لـ «إسرائيل» بالقتل والإبادة مفتوحة كمدة زمنية وطبعاً هذا سيكون له تبعات وقد نشهد تصعيد وسخونة في جبهات واضحة في هذه المعركة، من خلال الإجراءات التي تتخذها القوات اليمنية بدءاً من إغلاق مضيق باب المندب أمام حركة الملاحة للكيان الصهيوني وصولاً لباقي الأهداف التي تؤثر على تضييق الخناق على الموانئ الصهيونية من ميناء أشدود وحيفا إلى إيلات وهذه نقطة هامة ومثيرة وفاعلة باعتبار الكيان يعتمد على 98 في المئة في تجارته على البحر مقارنة بباقي البيانات في خضمّ مسار التحوّل الذي ينقلب على السفن الإسرائيلية ومالكيها في حال أحدث الكيان تحوّلاً في حركته التجارية البحرية باتجاه الشرق نظرا لأنّ اقتصاد الكيان يقوم على الصادرات…