«كيان الاحتلال» يهدّد… و»المقاومة» تحتفظ بالمفاجآت
} وفاء بيضون
لم يكن كلام يوآف غالانت وزير دفاع حرب العدو الإسرائيلي مجرد رسالة تنطوي على أبعاد داخلية وأخرى خارجية. فعندما يقول غالانت إنّ كيانه سيعيد الشمال الفلسطيني إلى طبيعته السابقة بالتفاوض أو الحلّ العسكري، فإنما يرمي من خلال ذلك إلى الاعتراف الواضح لمدى التأثير الذي تحدثه عمليات المقاومة الإسلامية ضدّ جيش الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.
ففي رسالة غالانت الداخلية نوع من رفع معنويات جنوده ومستوطنيه على حدّ سواء بعد تطوير المقاومة بالتدرج لجرعات الردّ والاستهداف وليس آخرها ما حصل منذ يومين في وادي هونين المحتلة (مارغليوت) في عملية بالغة الدقة والتكتيك باستهداف إحدى القواعد المستحدثة لجيش الاحتلال بواسطة مُسيّرة انقضاضية مفخخة أدّت إلى مقتل وجرح عدد كبير من جنود الوحدة المتمركزة باعتراف الاحتلال نفسه.
أضف إلى ذلك إدراج أهداف لم يكن الاحتلال يحسب استهدافها مثل (إيفن مناحم) غرب سعسع ومنصتي صواريخ قبة حديدية شرق مستعمرة كابري. وهذا إنْ دلّ فإنه يدلّ على مدى قوة الرصد والمتابعة واختيار المكان والأسلحة المناسبة في عمليات المقاومة .
أما في الرسالة الخارجية لـ «غالانت» فإنه يحاول تمرير إشارات للمجتمع الدولي المؤثر في مجريات المواجهة بضرورة فصل الجبهتين أيّ غزة والجنوب في وقت بدا فيه مربكاً وعاجزاً عن تقديم أيّ إنجاز في غزة أو ردع مزعوم في جنوب لبنان رغم تجاوزه قواعد الاشتباك والقرار 1701 واستتباعها برسائل غير مباشرة إلى لبنان أنه لا يزال ضمن الـ 3 كيلو مترات في المواجهة العسكرية خشية الردّ الرادع من قبل المقاومة .
أما من جانب المقاومة والتي لا تزال تتعاطى بنسبة لا تتجاوز 5% من قوّتها الحقيقية على المستوى الصاروخي، فهي بدت وكأنها تتعامل مع الاحتلال على طريقة الدليفري والوجبات المطلوبة حتى الآن فيما الوجبات الكبرى وهي عناصر المفاجآت والصدم لم يحن وقتها بعد وهذا ما يخشاه الاحتلال ويتوجّس من حصوله .
من هنا يبدأ الحديث عن مرحلة الحلّ المطلوب «إسرائيلياً» وعناصر تعطيله على الحافة اللبنانية الفلسطينية، لذلك يبدو واضحاً منذ اليوم الأول أن رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوق ويعمل بكلّ جهد لتوسيع نطاق الحرب وعدم حصرها بغزة أو بالأراضي الفلسطينية، بل لتشمل المنطقة بأسرها.
هذا الواقع بدأ يفقد زخمه بفعل المجازر التي ارتكبتها، ولا تزال ترتكبها، القوات الإسرائيليّة في غزة بحق المدنيين من نساء وأطفال على وجه الخصوص، والمخاوف التي تحيط بالدول الغربية وفي مقدّمها الولايات المتحدة حول التداعيات والنتائج البالغة السلبية على هذه الدول من الدخول في حرب على نطاق واسع، لن تكون «إسرائيل» بمنأى عن ضحاياها وما طرح في الساعات الماضية على أنه الحلّ في ما خصّ الوضع على الحدود اللبنانيّة واختصاره أنّ القوات الفرنسيّة تتولى التواجد على الحدود اللبنانيّة، فيما تتولى المهمّة نفسها قوات أميركية على الناحية الأخرى من الحدود، وتصبح المنطقة إلى ما بعد جنوب الليطاني خالية من السلاح ما عدا سلاح الجيش اللبناني، فيما تتشارك المؤسسة العسكريّة اللبنانيّة مهام المراقبة مع عناصر من حزب الله.
هذا السيناريو تمّ طرحه، وفق ما يدور في الصالونات السياسية، على أنه جسّ للنبض، ويمكن أن يكون مجرد محاولة جدّية لإيجاد أرضية مشتركة يمكن التفاهم عليها للوصول إلى تسوية ما، لأنّ هذا الاقتراح كما هو لا يمكن تطبيقه لأنّ مندرجاته حسب المخططين له، هي مسألة السلاح وحصره بالجيش اللبناني طول المسافة المحددة، وهذا لا يقنع حزب الله بسحب السلاح، طالما أنّ التهديد قائم من جهة وجزء من الأراضي اللبنانية لا تزال محتلة من جهة ثانية، في ظلّ عدم تمكين الجيش اللبناني من حصوله على سلاح رادع أمام ترسانة العدو العسكرية وهذا الفيتو لا تمارسه أميركا فقط بل دول غربية وعربية .
من هنا يتبيّن لكلّ مراقب أنّ التهويل بالويل والثبور يعكس حقيقة أنّ هذا الاحتلال يرفض أيّ حلّ يحفظ سيادة الدول من ناحية، ومن ناحية ثانية هو يعلم علم اليقين أنّ المقاومة التي استطاعت بفعل ردعها للاحتلال من إبعاد أكثر من ثمانين ألف مستوطن من أربع وعشرين مستوطنة باعتراف المتحدث باسم جيش الاحتلال وجعلهم مشرّدين داخل الكيان.
إنّ ما تحتفظ به المقاومة من مفاجآت على كلّ المستويات العسكرية يجعل الحديث عن العودة إلى العصر الحجري أمراً واقعاً بالنسبة للكيان الذي لم يكن موجوداً في ذلك العصر…