تقرير إخباري
تقرير إخباري
فرنسا ومحاولة تصحيح المسار مع سورية
توفيق المحمود
أعلن الرئيس بشار الأسد في مقابلة أجرتها معه شبكة التلفزيون الفرنسية الرسمية الثانية الاثنين أن هناك اتصالات مع أجهزة الاستخبارات الفرنسية لكن لا تعاون وقد التقى ببعض المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الفرنسية.
وأشار إلى أن اتصالات تجرى بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية والسورية وأن هؤلاء المسؤولين الفرنسيين قدموا إلى سورية وأنه حين تريد أن يكون لديك هذا النوع من التعاون لا بد من وجود حسن النية لدى الطرفين.
من جهة أخرى، أشارت «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن عدداً من الدبلوماسيين الفرنسيين سبق أن صرحوا في نهاية 2013 بأن سفراء وعناصر من أجهزة الاستخبارات الأوروبية عاودوا زياراتهم إلى دمشق للاتصال بالمسؤولين السوريين.
كما أعلنت صحيفة «لوفيغارو» في 25/2/2015 لقاء سرياً عقده موفد فرنسي في دمشق تزامناً مع زيارة النواب الفرنسيين الأربعة إلى العاصمة السورية وإن هذه الزيارة قد أحيطت بسرية تامة، فيقول: جورج مالبرونو في مقال يكشف عن لقاء جمع موفداً فرنسياً هو باتريك باراكان، أحد كبار موظفي وزارة المالية وضابط احتياط سابق، باللواء علي مملوك، أحد أبرز المسؤولين الأمنيين السوريين، وذلك على هامش زيارة النواب الفرنسيين الأربعة إلى دمشق في 25 من شباط الماضي ومن دون علمهم وأضاف كاتب المقال جورج مالبرورنو أن الاستخبارات السورية أبدت استعداداً للتعاون بعد أن كانت تشترط إعادة العلاقات الدبلوماسية مع باريس.
كما اكتسبت زيارة الوفد البرلماني الفرنسي إلى دمشق أهمية خاصة لأنها الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أربع سنوات وخاصة أنها تأتي من فرنسا، الدولة الغربية الأكثر عداءً للحكومة السورية والمنخرطة أكثر من غيرها في العمل على إسقاطها وفي ظل الكثير من التقارير الغربية التي تتحدث عن مراجعات تجريها أكثر من دولة أوروبية لسياساتها السورية، تتجه بها إلى فتح قنوات اتصال أمنية مع دمشق وربما فتح السفارات وتفتيح قنوات الاتصال السياسي والدبلوماسي في وقت لاحق، لذلك فإن مؤشرات الانفتاح الأوروبي نحو دمشق نتيجة طبيعية أمام تقدم الجيش السوري في ساحات المواجهة ومحاربة الإرهاب.
إذاً أوروبا وعلى رأسها فرنسا فهمت وتحاول الآن تعديل المزاج الأوروبي باتجاه الحل السياسي في سورية بخاصة نتيجة انعكاس هذا الإرهاب على داعميه وتوجهه نحو الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر هذه ليست المحاولة الفرنسية الأولى لإعادة التنسيق أو الحديث مع دمشق، فقد سبقتها محاولات عديدة أبزرها الوفد الأمني الذي زار العاصمة دمشق قبل أقل من عامين من أجل الحصول على معلومات حول المقاتلين في سورية لكن الحكومة السورية حينها اشترطت أن يكون التنسيق الأمني عبر إعادة فتح السفارات.
لكن الأسد اعتبر أن الدول الغربية غير جادة في محاربة الإرهاب بالمنطقة، وأنه لا يمكن تأليف تحالف ضد الإرهاب يدعم الإرهابيين في الوقت نفسه وأكد أن الأشخاص الذين تلقوا الدعم والسلاح من دول غربية وبينهم فرنسا هم الذين تحولوا إلى «داعش» وأن فرنسا وبريطانيا كانتا رأس الحربة في دعم الإرهاب في سورية.
ويعتبر هذا اللقاء خرقاً في الإعلام الفرنسي بعد أن راهنت فرنسا بقيادتها الحالية ورئيسها فرانسوا هولاند أو بقيادتها السابقة وعلى رأسها نيكولا ساركوزي الذي ما فتئ يقول إن الأسد أيامه معدودة فرحل هو وبقي الأسد.
أخيراً فرنسا التي صعدت إلى قمة أعلى شجرة في نزاعها مع سورية قررت بدء الهبوط التدريجي، وبخاصة بعد التوقيع على صفقة مع إيران حول برنامجها النووي، وخوفاً على أمنها واستقرارها بعد وصول الإرهاب إليها وحادثة شارلي إيبدو.