الاهتمام الأميركي بباب المندب…
} عمر عبد القادر غندور*
فيما تستمر المجازر في دماء الفلسطينيين على مدار الساعة وتبلغ أرقام الضحايا اللامعقول يتبادر الى الأذهان «وماذا بعد»؟
في ظنّ «إسرائيل» انّ استمرار القتل والإجرام سيجعل الفلسطينيين يرضخون، وتضطر «حماس» للموافقة على شروط القاتل، وهي تجهل انّ الموت في سبيل الله فيه سعادة وحياة، بينما تدرك الولايات المتحدة انّ صنيعتها «إسرائيل» تواجه أكبر نكسة في تاريخها، وهي تدرك، ايّ الولايات المتحدة، انّ «إسرائيل» خسرت العالم واستحقت لقب «النازية» الجديدة!
لذلك، وجدت الولايات المتحدة أنها مضطرة لإدارة الحرب بنفسها، خصوصاً بعدما دخل اليمن على الخط، ووصل بالفعل الى دولة الكيان وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الدفاع لويد أوستن، وبرفقته رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال تشارلز براون ووليام بيرنز، للبحث في المخارج الممكنة لهذه الحرب المعقدة، وليتأكدوا انّ التصرفات الإسرائيلية الحمقاء ستظلّ قريبة قدر الإمكان للمصالح الأميركية دون الحاجة الى تهوّرات جديدة وآخرها وصول القصف الى إقليم التفاح على الجبهة اللبنانية في أطراف جباع وبصليا وكفرملكي وسنية، ويقول وزير الدفاع الأميركي انّ بلاده لم تحدّد موعداً لإنهاء الحرب ولا يعرف متى تنتقل «إسرائيل» الى مرحلة جديدة؟
أما بخصوص اليوم التالي للحرب فهو لم يأتِ بعد، وتأمل الولايات المتحدة ان تشارك منظمة التحرير الفلسطينية في السلطة الجديدة في غزة، ويعارض نتنياهو مثل هذا التوجه، أما وزير الأمن غالانت فيفضل سيطرة مدنية في غزة.
وبات واضحا انّ الولايات المتحدة تريد أن تتعاطى مع أزمة اليوم التالي للحرب من خلال عنوانين، الأول تواجه حزب الله في مواقعه والثاني مضيق باب المندب وانها بذلت جهداً حثيثاً لمنع توسع التوتر في هاتين الساحتين، ولكن ما حدث هو خلاف ذلك تماماً وتحاول واشنطن من خلال نماذج ديبلوماسية وعسكرية لم تحرز ايّ نجاح، وهي حائرة بين مرافقة السفن التجارية وتأمين الحماية لها، ام انها ستقوم بهجمات عقابية ضدّ اهداف يمنية، وهي غير راضية عن موقف مصر وهي المتضررّة والتي لا تحرك ساكناً! وترى الولايات المتحدة انّ دخول اليمن على خط الصراع في غزة، وهو تماماً كوجود حزب الله في جنوب لبنان مقابل الجيش الاسرائيلي، وكلاهما يمتلك قراراً ذاتياً، وفي سياق البحث في معالجة أزمة باب المندب تقول الولايات المتحدة انّ الدولة العربية الوحيدة التي انضمّت للتحالف البحري هي البحرين بإيعاز من السعودية لذرّ الرماد عن عيون العرب لرفضهم الانضمام رغم الإلحاح الأميركي.
وصرح جون كيربي منسق الأمن القومي الأميركي: هناك دول لا ترغب بالإعلان عن مشاركتها بالتحالف وتريد ان تظلّ مشاركتها سرية، وانّ عدد الدول المشاركة بلغ ٤٤ ليؤكد مشاركة دولة عربية دون ان تعلن ذلك رسمياً (المصدر وول ستريت) وفي المعلومات فإنّ السعودية تعمل لإنهاء حرب غزة من ضمن مقترح بنقل قادة حماس الى الجزائر، بينما القرار الحمساوي يقول: لا كلام قبل وقف الحرب، وكعادته يريد الرئيس الفرنسي ماكرون ان يكون جزءاً من الوساطة ويقول: «محاربة الإرهاب لا تعني تسوية غزة بالإرض. وفي التحركات المصرية والأردنية والسعودية مساحة للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس !
اما الولايات المتحدة التي تدعو الى تركيز أعلى للأهداف العسكرية للتخفيف من سقوط المدنيين، ترى خطرين داهمين هما: منع السفن عبر مضيق باب المندب الى «إسرائيل»، ووجود حزب الله بالقرب من الشمال الفلسطيني، وهي ترى انّ الحزب لم يُظهر الا القليل القليل من قدراته العسكرية ولا يأبه بالتهديدات والبهورات التي يطلقها الاحتلال الصهيوني، وهو ايّ الحزب، على دراية بأدق التفاصيل اللوجستية والتجسّسية والتحسّسية لما تبثه أجهزة الرصد الأرضية والجوية والمسح الأرضي المتواصل بين لبنان وفلسطين، ولا يغفل عن الخدمات التي تقدّمها البوارج الأميركية الراسية في المياه الفلسطينية.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي