كمال جنبلاط شهيد فلسطين ولبنان
معن بشور
لا يمكن أن تمرّ ذكريات متعلقة برموز كبيرة من رموز لبنان والعروبة إلاّ ونقف أمامها بإجلال، ليس لاستعادة تجارب معيّنة قادوها، أو لإحياء فضائل وطنية وقومية وإنسانية جسدوها في حياتهم فحسب، بل أيضاً لأنّ الوفاء لمن أعطى حياته من أجل وطنه وأمّته ولكرامة الإنسان في هذا العالم هو تأكيد على أنّ هؤلاء الرموز لا يغيبون بل هم بأفكارهم ونضالهم وعطائهم خالدون في ضمير شعبهم وأمّتهم.
بين هؤلاء الرموز اسم الشهيد والقائد الكبير كمال جنبلاط الذي كان عنواناً لمرحلة من أشدّ المراحل خطورة في حياة لبنان والأمّة العربية، والتي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى اليوم، وهي مرحلة مواكبة حركات التحرر من الأحلاف والمشاريع الاستعمارية (حلف بغداد، ومشروع أيزنهاور)، أو مراحل انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي بقيَ جنبلاط وفياً لها مدافعاً عنها حتى الرمق الأخير.
ولقد استحقّ كمال جنبلاط موقعاً أجمعنا عليه في المؤتمر العربي للمشاركة في الثورة الفلسطينية عام 1972، وهو موقع الأمين العام لهذه الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية حتى استشهاده من أجلها في 16 آذار 1977.
بالتأكيد لا تكفي كلمات مهما كثرت، وأوصاف مهما تعدّدت، على الإحاطة بشخصية الرجل الكبير الذي جمع بين سمو الفكر وصلابة الموقف وعلوّ الالتزام وحضارية السلوك، فكان لبنانياً أصيلاً بين العرب، وصوتاً جامعاً بين العرب، وعروبياً راقياً على المستوى الانساني.
كمال حنبلاط اليوم في ضريحه في المختارة يشعر باعتزاز كبير وهو يرى المقاومة الفلسطينية، التي أعطاها ما أعطاها، تحقق انتصارات باهرة على العدو، وقضية فلسطين التي دافع عنها تهزّ الضمير العالمي كما لم تهزه أيّ قضية أخرى، فيرتاح في عليائه أنه لم يخطئ أبداً حين اعتبر أنّ تحرير الإنسان في أمّتنا والعالم مرهون بتحرير الدنيا، وليس فقط فلسطين من هذه الجرثومة المسمّاة بالمشروع الصهيوني – الاستعماري.
رحمك الله أبا وليد، والنصر للقضية التي حملتها حتى اللحظة الأخيرة.