الرئيس المسيحي الوازن والسؤال الصعب
إيلي الفرزلي
النائب السابق لرئيس مجلس النواب اللبناني
في ظلّ انسداد الأبواب أمام المجلس النيابي حتى الآن لإنتاج رئيس جديد للجمهورية، تشهد الساحة الداخلية حراكاً على أكثر من صعيد لمحاولة إحداث خرق ما في الجدار، فإذا تجاوزنا هذه المحاولات من قبل الشخصيّات المعنيّة بهذا الحراك، وبينهم الرئيس أمين الجميّل الذي أخذ المبادرة وتوجه لزيارة القيادات المارونية، عسى ولعلّ تتوحّد الرؤية في ظلّ اصطدام المصالح حوله، فإنّ الأساس والمنطلق من هذا الحراك هو ما تمّ الاتّفاق عليه بين الزعماء الموارنة في بكركي وفي رعاية بكركي، أنّه يجب أن يكون الرئيس المنتخب شخصية تنتمي إلى المكوّن الذي ينتمي إليه، وعلى هذه الشخصيّة أن تمثّل هذا المكوّن تمثيلاً وازناً وحقيقيّاً ويتمتّع بالشرعيّة لتمثيل هذا المكوّن، وفي ظلّ هذا الحراك تصبح الساحة وحلبة الحراك بين الزعماء الأربعة، وبالتالي يحاول كلّ منهم أن يجد الطريق والسبل الآيلة إلى تأمين هذا المنطق لنفسه ولذاته، من دون أن يؤدّي ذلك الى خروجه من دائرة الاتفاق الذي تمّ، والذي عكسه البيان الذي صدر عن بكركي برعاية البطريرك.
مسألة تمثيل هذا المكوّن المسيحي أصبحت بالنسبة إلى الزعماء الموارنة مسألة غاية في الأهميّة، لأنّهم يدركون جيّداً النتائج الخطيرة والتداعيات التي ستترتّب على انتخاب رئيس كيفما ما كان، أو انتخاب رئيس تحت عنوان إدارة أزمة، أو الرئيس المجبر أن يكون حالة هامشيّة بالرغم من موقعه الرفيع ومركزه المتقدّم، في ظلّ الصلاحيات المسلوبة والمأخوذة، ولعدم وجود قوانين انتخاب أيضاً تنتج ممثلين حقيقيين للمكوّنات التي ينتمون إليها.
في ظلّ هذا الواقع، الرئيس الذي لا يكون وازناً سيكون كارثيّاً على الدور المسيحي والماروني بشكل خاص، على مستوى العلاقة التشاركية في هذا النظام السياسي.
وهنا يطرح السؤال الآتي: هل يكون التدخل الخارجي بديلاً من غياب التوافق الداخلي؟
دار الحديث في الفترة الأخيرة عن دورٍ فرنسي ما، وحركة ديبلوماسية لافتة تساهم في وصول رئيس للجمهورية إلى بعبدا، لكن حتّى لو تصاعد الدور الفرنسي الديبلوماسي لن يلقى آذاناً صاغية في ظلّ غياب المنطق الذي يخدم وينتج من الآن حتى 25 أيّار الشخصيّة التي تمثّل تمثيلاً شعبياً وحقيقياً للبنان.
إنّ هذا الحراك السياسي، بصرف النظر من أين يأتي، إذا لم يكن مصحوباً ومسنوداً بمنطق ديبلوماسي لإيجاد الجواب عن سؤال: لماذا الزعامة الأولى الإسلامية الشيعية موجودة، ولماذا الزعامة الأولى الإسلامية السنية موجودة، ولماذا يجب أن يكون شخص يمثل الموارنة مستولداً في كنف الأخرين، وموزعاً حصصاً حصصاً على الآخرين؟ وبالتالي لا تتولّى رئاسة الجمهورية الشخصية التي تمثل الحيثية الشعبية؟
إذا لم تتمّ الإجابة عن هذا السؤال لن يلقوا آذاناً صاغية.