الوطن

مجلس النوّاب صدّق مشروع الموازنة معدّلاً / ميقاتي: نعملُ بكلّ قوتنا… انتخِبوا رئيساً وحِلّوا عنّا

ميقاتي متحدثاً في مجلس النواب أمس

صدّق مجلس النوّاب في جلسته بعد ظهر أمس، برئاسة رئيس المجلس نبيه برّي وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء، مشروع قانون موازنة العام 2024 بعد إدخال تعديلات عليه، ومن ثم أقرّ المواد 88 إلى95، وبينها غرامات استثنائيّة بنسبة 17 في المئة للمستفيدين من منصّة صيرفة غير الأفراد.
وقال برّي لميقاتي «هذه المرّة الأخيرة التي نستلم هكذا موازنة، فكلّ مادّة تحتاج قانونين».
وصدّق المجلس على ضريبة استثنائيّة على التجّار الذين استفادوا من الدعم الذي أمّنه مصرف لبنان بنسبة مقدارها 10 بالمئة من حجم الأعمال بما فيها شركات النفط. كما صدّق بعد إقرار المادة 96 على رفع البلديّات للقيمة التأجيريّة عشرة أضعاف للسكنيّة ولغير السكنية 10 و15 و20 بحسب الطوابق.
وكذلك زاد غرامات على المشروبات الغازيّة بنسبة ضئيلة.
وقال ميقاتي «إذا أقررنا الموازنة على سعر صرف 89 ألفاً، فستُعلن المصارف إفلاسها غداً. لذا يجب أن يُحدّد السعر بين المصرف والمصارف».
وكان ميقاتي ردّ في مستهلّ الجلسة على مداخلات النوّاب حول الموازنة وقال «استمعتُ على مدى يومين إلى مناقشات السادة النوّاب وآرائهم واقتراحاتهم، والقسم الأكبر منها بنّاء ويُساهم في تصحيح ما يجب تصحيحه، على قاعدة التعاون المثمر بين الحكومة والمجلس النيابيّ».
أضاف «ما لفتني خلال المناقشات محاولة البعض تحويل الأنظار عن مسؤوليّته المباشرة، ومسؤوليّة السادة النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد، بتوجيه الاتهامات إلى الحكومة وإليَّ شخصيّاً، بمصادرة صلاحيّات فخامة الرئيس والانقلاب على الدستور، وهذا أمرٌ لا يمكن السكوت عنه والمرور عليه مرور الكرام، خصوصاً أنّني أشدّد في كلّ جلسة لمجلس الوزراء على ضرورة انتخاب رئيس جديد».
وتابع «إنّ السلوكَ الذي أعتمده في هذه المرحلة بالذات يتوافق مع ما قرّره أعلى مرجع دستوريّ في البلاد، وهو المجلس الدستوريّ الذي أصدر قراراً تحت الرقم 6/2023، وحسم بموجبه مسألة دستوريّة جلسات الحكومة»، لافتاً إلى أنّ «أيّ حجّة لتعطيل مجلس الوزراء واهية».
وأردف «في سياق المناقشات أيضاً سمعنا اتهامات للحكومة بتسليم قرار البلد إلى أطراف سياسيّة، وهذا الاتهام غير صحيح على الإطلاق»، مضيفاً «موقفنا الثابت والمكرَّر يركّز على الالتزام بكلّ القرارات الدوليّة والاتفاقات، منذ اتفاق الهدنة الموقّع عام 1949 وصولاً إلى القرار 1701 وكلّ القرارات الدوليّة ذات الصلة».
وكرّر مطالبته «بوقف إطلاق النار في غزّة لكونه المدخل الإلزاميّ لكلّ الحلول»، معتبراً أنّ هذا «الموقف ينطلق من واقعيّة سياسيّة تفرض ذاتها ليس على المستوى اللبنانيّ فحسب، إنّما في البعدين الإقليميّ والدوليّ».
وتابع «ومنذ اليوم الأول لبدء حرب غزّة، أعلنتُ أنّ قرار الحرب ليس بيدنا بل بيد إسرائيل»، مضيفاً «ضمن المراسلات الأخيرة بيني وبين وزير الخارجيّة الأميركيّة، وردّاً على رسالة عاجلة، أجبته بالموقف الرسميّ الذي يتلخصّ بالعمل لتحقيق الاستقرار المستدام والطويل الأمد في المنطقة، والذي يمكن تحقيقه».
وِأشار إلى أنّ رسالته الجوابيّة لوزير الخارجيّة الأميركيّة تضمّنت خطوات أولها «فرض وقف دائم للحرب في غزّة لتأمين المساعدات الإنسانيّة لسُكان غزّة المحاصَرين، ما سيسمح بإعادة عقد جلسات التوسّط لتبادل الأسرى والمحتجزين». كما تضمّنت «إعادة عقد اجتماعات ثلاثيّة لحلّ النزاعات المتبقيّة بين لبنان و»إسرائيل» من خلال تنفيذ كلّ معاهدات وقرارات الأمم المتحدة، بدءاً من معاهدة وقف إطلاق النار في عام 1949 وصولاً إلى تنفيذ القرار الأمميّ الرقم 1701 وعليه، نحن ملتزمون بأن نُبعد الحربَ عن لبنان».
وفي ملفّ النازحين قال ميقاتي إنّ «الحكومة لم توفّر جهداً إلاّ وأثارت هذا الملفّ في كلّ المحافل الدوليّة، وفي كلّ جلسة للحكومة نبحث هذا الملفّ سعياً لإيجاد الحلول المرجوّة».
وحول الموازنة العامة للعام 2024 قال ميقاتي «إنّها ليست الموازنة المثاليّة في الظروف الطبيعيّة، لكنّها موازنة تتماهى مع الظروف الاقتصاديّة والأمنيّة والاجتماعيّة والدوليّة التي يمرُّ بها لبنان»، مشيراً إلى أنّ مشروع الموزانة «يُعالج أولويّات الحكومة ويؤسّس لبدء التعافي من أثَر الأزمات الخانقة التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة».
وأضاف «علينا أن نبحث عن الهدر الذي كان يحصل في السنوات الماضية»، لافتاً إلى أنّ «إحدى المؤسّسات العامّة كانت ميزانيّتها الشهريّة مليوناً و500 ألف دولار أميركيّ، وقد أدرناها بـ28 ألف دولار»، داعياً للتحقيق «بالأموال التي صُرفت على مدى السنوات العشر الماضية»، مؤكّداً «أنّنا الآن نعمل على إصلاحات عدّة ومنها إعادة النظر بقانون الإصلاح الضريبيّ وإصلاح الجمارك وإعادة النظر في قانون المحاسبة العموميّة، وكذلك إصلاح الإدارة العامّة ومكننتها».
وأضاف «أمّا بالنسبة لتوحيد سعر الصرف فإن الإتجاه هو لتجنّب التقلبات الكبيرة التي برزت خلال الفترات السابقة، ولكن ليست هناك نيّة لتثبيت سعر الصرف الذي دفعنا أثماناً باهظة نتيجة ربطه بشكل جامد بالدولار الأميركيّ».
واعتبر أنّ «إقرار الموازنة في موعدها الدستوريّ يصبُّ في خطّة الحكومة الهادفة إلى تمكين الاستقرار ما يؤثر إيجاباً على الأوضاع المعيشيّة في البلاد ويدعم حركة النهوض والنمو الاقتصاديّ لمحاربة التضخُّم ومعالجة مسألة الدين العام وتجنّب التدهور في سعر الصرف»، لافتاً إلى أنّ من «أبرز أهداف مشروع موازنة 2024 تمكين القدرة التمويليّة للخزينة التي تبقى اليوم ركيزة الاستقرار الماليّ والنقديّ كما والعنصر الأهم لاستدامة الإدارات والمؤسّسات العامّة وتوفير الخدمات للمواطنين وإعادة بناءِ اقتصادٍ فعّال».
واستغرب «التهجّم الكبير في ما خصّ الضرائب والرسوم» ورأى أنّ «فيه الكثير من الشعبويّة والتجنّي، فليس هناك من زيادة ضرائب تُذكر، وإنّ تعديل الرسوم لا يشكل العبء الذي تحدّث عنه بعض السادة النوّاب».
وبرّر رفع الرسوم على الكحول والدخان والمواد السكريّة بأنّ «له هدفاً اجتماعيّاً وصحيّاً، وتنتج عن هذه المواد أمراض أصبحت معروفة، ولها تكاليف صحيّة باهظة»، مؤكّداً أنّ السلطات الماليّة «لا تسعى إلى فرض عبء ضريبيّ إضافيّ على كاهل المواطن».
ولفت إلى مسألة غياب قطع الحساب والبيانات الماليّة التي قال إنّها «من أهمّ محاور إقرار الموازنة لدعم الشفافيّة و المساءلة»، مضيفاً «هذا ما يجب العمل عليه، وهذه تتطلّب استعادة القدرات البشريّة والأنظمة الإلكترونيّة في وزارة المال، كما الحال في سائر الإدارات والمؤسّسات العامّة».
وقال «نحنُ في سعي مستمرّ للتعاون البنّاء والإيجابيّ بعيدًا عن الشعبويّة والتجييش»، مضيفاً «من يهوى السلبيّة بالمطلق ليقف متفرجاً ويتركنا نعمل، فالبلد يحتاج إلى جهد، ونحن كحكومة تصريف أعمال نقوم بكلّ ما أوتينا من قوة».
وختم متوجّهاً إلى النوّاب بالقول «انتخبوا رئيساً وحلّوا عنّا».
وأثناء إلقاء ميقاتي كلمته قاطعه عضو «تكتلّ لبنان القويّ» النائب سليم عون على خلفيّة الحديث عن صرف أموال السحب الخاصّة SDR وقول ميقاتي إنّها صُرفت في عهد الرئيس ميشال عون. وقال النائب عون إنّكم «منذ التسعينات حملتم ورثتكم وأعباءكم إلى عهد الرئيس ميشال عون»، وردّ ميقاتي طالباً «الاحترام».
وتدخّل الرئيس برّي فطلب من عون وقف الكلام وأن يُكمل الرئيس ميقاتي كلمته من دون أيّ مقاطعة، إلاّ أنّ الأمر استمرّ بعد تدخّل نواب آخرين، فتدخل النائب فيصل كرامي وقال «إذا استمررتم بمقاطعة رئيس مجلس الوزراء فسنضطرّ إلى مقاطعة كلامكم عندما تتحدّثون في خلال الجلسات».
وأنهى برّي السجال وطلب من ميقاتي إكمال كلامه، وقال «تحدّثَ في خلال الجلسة على يومين 41 نائباً ولم تتمّ مقاطعة أحد».
وبعد انتهاء ميقاتي من إلقاء كلمته ردّاً على النوّاب، وقبل الشروع بمناقشة بنود الموازنة، طلب النائب عون الكلام بالنظام مطالباً بإقرار الموازنة بموجب إقتراح قانون وفقاً لما سبقَ واقترحه النائب جبران باسيل، فردّ الرئيس بري بالقول «هذا غير دستوريّ وغير قانونيّ ومخالف للنظام الداخليّ وقلت هذا للنائب جبران باسيل «هيدي شغلة ما بتمرّ».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى