الفنانة التشكيلية السورية سميرة مدور: الفن رسالة تحارب القبح
كرّست الفنانة التشكيلية السورية سميرة مدور حياتها الاجتماعية والعلمية في خدمة الفن التشكيلي الذي ترى فيه منبعاً لكل شيء جميل في حياة الشعوب وحضاراتها عبر التاريخ.
مدوّر التي قضت أكثر من خمسة وثلاثين عاماً في تدريس مادة التربية الفنية في المدارس والجامعات وشاركت في تأليف مناهج التربية الفنية بوزارة التربية لمختلف المراحل الدراسية لمع اسمها بالحياة التشكيلية في سورية وخارجها من خلال عشرات المعارض والملتقيات التشكيلية التي شاركت فيها، وتميّزت بالأسلوب الواقعي والانطباعي اللذين يجسّدان حارات حمص القديمة وطبيعة ريفها الجميل.
وتحدّثت مدور عن مسيرتها الفنية ونظرتها للفن التشكيلي من مختلف وظائفه، فأوضحت أنها نشأت في عائلة مثقفة تهتم بالفتاة، وتشجعها على أن تأخذ دورها في المجتمع وتحترم الفن التشكيلي وكل الفنون التي ترقى بالإنسان من رياضة وغيرها.
وكانت بداياتها في المرحلة الابتدائيّة من خلال رسمها لخرائط البلدان والطبيعة، وكل ما تراه حولها فشاركت في المعارض المدرسية ثم تدرّبت في معهد صبحي شعيب للفنون التشكيلية، ولاقت تشجيعاً من أستاذها الفنان التشكيلي أحمد دراق السباعي الذي صقل موهبتها وحفزها لتلتحق بعدها بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق وتغدو معلمة لهذا الفن في عدد من المدارس والمعاهد التربوية.
وترى مدور أن للفن رسالة إنسانية جوهرية تجمع الحب والروح والجمال، فهو سلاح لمحاربة القبح والظلم في المجتمع وإظهار لقيم الشعوب ورقيها وهو ما وصلنا عبر التاريخ من خلال الجداريات والمنحوتات والرسوم على الكهوف والمعابد والآثار.
وتعتبر أن نظرة الإنسان للفن التشكيلي تغيّرت منذ بداية القرن الماضي فلم يعُد حكراً على أحد، ولم يعد فقط لتخليد المشاهير بل تطور مع التطور التكنولوجي وأخذ يدخل في مختلف مناحي الحياة ليظهر أن داخل كل إنسان فنان يستطيع إخراجه والعمل على تطويره لو شاء ذلك.
وتضيف: إن للفن وظائف تربوية وخاصة عند الأطفال، ومنهم أولئك من ذوي الإعاقة، فكم من طفل مريض بالتوحّد مبدع استطاع أن يعبر بالرسم الجميل عما يشعر به، موجّهة الدعوة للاهتمام بدرس مادة التربية الفنية في المدارس، لأنها لا تقلّ أهمية عن المواد الأخرى، فهي تغذّي نفوس الأطفال بحب انتمائهم للوطن، وكل ما فيه من جمال.
وقد تمّ تكريم مدور في العديد من الملتقيات الفنية، واشارت حول المواد والموضوعات التي تفضلها إلى أنها تفضل الألوان الزيتية لأنها تكفل لها إظهار ما يختلج في نفسها من أحاسيس فتتعانق الألوان الحارة مع الباردة لتعطي إشعاعاً يضج بالحياة، حتى في لوحاتها التي أظهرت فيها تأثرها بألم الحرب وبالدمار الذي لحق بحمص التي لم تفارق وجدانها.
إلى جانب إبداعها بالفن التشكيلي ومسيرتها الحافلة بالعطاء، كانت مدور، وهي من مواليد حمص عام 1959، مثالاً للمرأة السورية الناجحة في مختلف المجالات إذ مارست الرياضة منذ طفولتها وشاركت بالأندية الرياضية، ونالت المركز الأول في بطولة سورية للمدارس والأندية بكرتي اليد والسلة.