أولى

جبهة لبنان والوسطاء

منذ أربعة شهور حتى اليوم استهلك بعض اللبنانيين مواعيد كثيرة ضربوها للحرب على لبنان، التي قالوا مراراً إن قرارها قد اتخذ، وإن حزب الله تسبب بتعريض لبنان لمخاطره. كما استهلك بعض آخر من الصنف ذاته تسريبات تحت شعار معلومات مؤكدة عن تفاهمات تمت لانسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، وضربت مواعيد لبدء التنفيذ خشية الحرب. وتولى فريق ثالث الحديث عن سيناريوهات الحرب وعن مسودات للتفاوض ومحاولات لتحسين شروطها حول مدى الانسحاب واستثناءاته تحت شعار حفظ ماء وجه حزب الله؟
منذ أربعة شهور وحتى اليوم، وقبل مجيء حاملات الطائرات الأميركية ونشر التهديدات بوجه كل من يفتح جبهة جديدة تحت شعار مساندة غزة، وبعد ذلك، وقبل الغارات الأميركية على العراق وسورية واليمن، وبعد ذلك، وحزب الله على ألسنة قادته بلا استثناء، يكرر مقولة واحدة، نحن لا تعنينا هذه التهديدات ولا تخيفنا، ولن تغير موقفنا، ولسنا بوارد أن نسمع عروضاً تتصل بمستقبل الوضع على الحدود، رغم مسؤوليتنا واهتمامنا بإنهاء الاحتلال للأراضي اللبنانية من رأس الناقورة الى مزارع شبعا، ذلك أننا فتحنا جبهة الحدود تحت عنوان حاسم هو إنهاء العدوان على غزة، وما لم يتحقق ذلك فنحن ماضون بما بدأناه حتى تحقيقه، وقبل ذلك لا تثنينا تهديدات ولا تعنينا مفاوضات.
يأتي الوسطاء ويذهبون، ويوزّع المشتغلون عند حكوماتهم معلومات وتسريبات ومواعيد، وتمر الأيام، وتظهر الحقائق، وتقول إن ما قاله حزب الله هو الصحيح، وإن ما عداه هو حرب اعلامية ونفسية، لكنه بعيد كل البعد عن الحقيقة.
عندما يكون متاحاً للأميركي ومن يشتغلون عنده من دول الغرب، فرصة لإنهاء أزمة البحر الأحمر، وأزمة الحدود اللبنانيّة، والتأزم في العراق وسورية، عبر طريق واحد مختصر هو وقف الحرب على غزة، ويتمسّكون بالبحث عن طرق مواربة، سواء كانت عبر التصعيد العسكري بوجه اليمن والمقاومة في العراق وسورية، أو تقديم العروض السريّة المليئة بالإغراءات السلطوية لقوى المقاومة، أو عبر السعي إلى مقايضات على جبهة لبنان، فهذا يعني أنهم متمسكون ببقاء خيار الحرب على غزة ورقة بيد حكومة كيان الاحتلال، حتى وهم يفاوضون على مسودة اتفاق حول غزة.
سوف نعلم أن واشنطن جاهزة للتسليم بحتمية الالتزام بوقف الحرب على غزة، وإسقاط ورقة التلويح بالحرب نهائياً، ولو كخيار، عندما يتوقف الوسطاء عن حمل التهديدات الى لبنان، مرفقة بعروض المقايضات، لأن الاستعداد لوقف الحرب على غزة سوف يتكفل بعودة الهدوء الى جبهة لبنان.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى