ماذا يُقدّم حزب الله لغزة؟
حمزة البشتاوي
تطرح بعض وسائل الإعلام المستعربة هذا السؤال بلا خجل، والمقاومة في لبنان مستمرة بدعم وإسناد غزة وأهلها، انطلاقاً من إيمانها وثقتها بالنصر الذي سوف تحققه غزة وكافة الجبهات المساندة، من خلال إفشال أهداف العدوان وحرب الإبادة الوحشية التي تحظى بضوء أخضر أميركي، وتواطؤ من الأنظمة الغربية والعديد من الأنظمة العربية.
وتعمل المقاومة في لبنان منذ الثامن من تشرين الأول عام 2023، على ضرب مواقع الاحتلال واستنزاف قواته وتكبيده الخسائر البشرية والمادية وتهجير ربع مليون مستوطن من الشمال باتجاه الناصرة وتل أبيب وغوش دان، ويترافق عمل المقاومة مع قرار استراتيجي اتخذته قيادتها بأنّ هذه العمليات لن يتمّ تعليقها ما لم يتمّ وقف العدوان على غزة.
وهذا الموقف يستند إلى الفهم العميق للمشروع الصهيوني وتحوّلاته التي تقوم أساساً على فكرة احتلال أرض أكثر بسكان أقلّ، وهذا ما سوف يفشل الاحتلال بتحقيقه على أرض قطاع غزة الذي يشكل 1,33% من أرض فلسطين التي يصنع أبناؤها اليوم ملحمة الصبر والصمود والبطولة، وتشارك المقاومة في لبنان في هذه الملحمة البطولية بعمليات عسكرية نوعية، وضعت جيش الاحتلال في حالة تشتت واستنزاف وفقدان كبير للسيطرة على مستوى القيادة والميدان الذي يشهد يومياً مبادرات هجومية وقصف مركز للمواقع والقواعد العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود، وصولاً إلى الجليل الأعلى والغربي وصفد وعموم المناطق الشمالية.
وكشفت هذه المواجهات خطأ وأوهام التقييم الإسرائيلي حول ردع المقاومة التي تمتلك تفوقاً على صعيد حرب الأدمغة والمعلومات بشكل غير محصور على المستوى الجغرافي والعملياتي، إضافة للأداء الاحترافي والتطور النوعي على صعيد الصواريخ الموجهة والمُسيّرات والطائرات والمدفعية التي أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف ضباط وجنود الاحتلال، تمنع الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشر الأرقام الحقيقية عنها، ولكنها لم تستطع التعتيم الكامل عن تآكل الردع والتهجير والاستهداف المباشر الذي تنشره بالصوت والصورة وسائل إعلام المقاومة.
ورغم كلّ ما قدّم من تضحيات وما وقع من خسائر على مستوى جبهة الشمال والجبهة الداخلية الإسرائيلية تسأل بعض أبواق وسائل إعلام الدول التي خذلت الشعب الفلسطيني، ماذا قدم حزب الله لغزة دون أن تقرأ سطراً واحداً من كتاب المقاومة وما فيه من دروس عالية بالعزة والكرامة والعنفوان والاستعداد الدائم لتقديم أغلى التضحيات من أجل العدالة والدفاع عن لبنان والشعب الفلسطيني وقضيته بثوابتها التاريخية والجغرافية والسياسية، والانتصار للدم المظلوم في غزة الذي سوف ينتصر على السيوف الحديدية المجرمة والسيوف الخشبية التي تطرح هكذا سؤال ولا تجيد سوى الرقص على الرمال.