دبوس
آخر قلاع الإنسانية
مؤشرات خطرة أراقبها منذ حين لا تبشّر إلّا بالظلام الدامس والارتداد الى عصر الظلمات وزمن النكوص الإنساني، القوة الماحقة الناعمة ذاتها، والتي قبضت على مواطئ القوة، وأمسكت بتلابيب القرار في أعظم دولة في العالم، ثم اقتبست ذات الأساليب الدونيّة اللاأخلاقية لإخضاع كلّ شعوب أوروبا…
لا يساورني أدنى شك في أنها، ومنذ عقود، بدأت تتغلغل بصمت وإصرار إلى بلادنا كما يتسرّب السمّ في الجسد، ولن يمضي طويل وقت، إنْ لم ننتفض، حتى تقبض على كلّ مواطئ القرار والقوة والنفوذ والمزاج والوعي لدينا، ونغدو تماماً كما الأمم الغربية، ندبّ على الأرض، ونمارس تفاصيل الحياة، ولكن القرار والمصير والسيادة في خبر كان، والفساد والظلم والضلال والانحدار الأخلاقي ينخر كلّ وجودنا، بما يصبّ في مصلحة هذه الكينونة الشيطانية القاتلة، لن تتركنا إلّا ونحن ركاماً من الشيء، أفياءً بلا روح وبلا مضمون…
حينما تصبح المقاومة رذيلة، والانبطاح فضيلة لدى بعض المارقين الذين يطلّون برؤوسهم في زمن الاندثار والنكوص، وحينما يتنادى المتنادون لتغيير المناهج في المدارس إرضاءً للوحش الملعون من الله ومن الخلق، فيُصار الى تغييب الآيات القرآنية التي تكشف ممارسات هذا التكوين الإنساني البغيض، ويُصاغ التاريخ بما يتفق مع أهواء الوحش، وحينما تنطلق هاشتاغات كانت منذ وقت قريب من المحرّمات ومن الممنوعات، من مثل، فلسطين ليست قضيتي من أفواه عفنة تنطق بالعربية، وتدّعي اعتناقها للإسلام، والعروبة والإسلام براء من هذا الهراء، وحينما يصدح أفّاق بأنّ البلسم الشافي والدواء الوافي لما نحن فيه يكمن في الاندماج مع الكيان الصهيوني لمجابهة محور المقاومة…!
وحينما، ولمجرد ان يشيد مخرج فنان هو محمد عادل إمام، وفي تجمّع فني في السعودية، يشيد بالشعب الفلسطيني ومقاومته الأسطورية، فتنهمر عليه كلّ أنواع الانتقادات والشتائم، وتلغى عقود فنية معه من قبل قنوات ومؤسسات تلفزيونية عربية، فعلينا ان نفتح أعيننا ونتساءل، هل تسرّب ذات السمّ في بهيم الليل الى العقول والنفوس والوجود المعنوي كما فعل في أميركا وأوروبا شيئاً فشيئاً، حتى دانت له سدة القرار وعقد السيطرة، وبات السيد المهيمن المطاع؟
ويل لنا ولقيمنا ولكينونتنا الأخلاقية المثالية، وللدين الذي نتشبّث بأوشاجه ولكلّ وجودنا المعنوي إنْ نحن سمحنا لمثل هذا بالحدوث…
سميح التايه