اليهودية ليست ديناً بل تنظيم وجماعة سياسية إلحادية خطرة…
محمد صادق الحسيني
في ثلاث فقرات مكثفة من كتابه «الدين في حدود العقل المحض» يرسم الفيلسوف إيمانويل كانط الصورة الحقيقيّة لذهنيّة مَن يسمّيهم بالجماعة الصحراوية وربها فيقول:
أولاً: اليهودية ليست ديناً على الإطلاق وليس بينها وبين المسيحية رابطة جوهرية مشتركة.
ثانياً: الإيمان باليهودية في أصوله الأولى لم يكن سوى مجموعة أحكام تنظيميّة، لكيان سياسي وليس دينياً.
ثالثاً: الوصايا العشر التي توصف بأنها «أاخلاقيّة» لا تتضمّن أي نية أخلاقية، وأنّ ثوابها وعقابها دنيوي يتمّ في هذا العالم، ولا يُراعي أيّ مفهوم أخلاقي أو ضمير أو وجدان. إنه لا يقتصر على المحسن أو المسيء، بل يشمل الذرية البعيدة التي لا علاقة لها بفعل تلك الحسنات أو السيئات.
رابعاً: حيث لا يمكن تصوّر دين لا يؤمن بالآخرة، فإنّ اليهودية التي لا تؤمن بالآخرة، لا تتضمّن أيّ إيمان دينيّ على الإطلاق فـ «يهوه» مشرّع هذا الشعب لم يولِ الحياة الآخرة أيّ اعتبار لأنّ الهدف هو تأسيس جماعة سياسية، لا أخلاقية ولا دينية.
خامساً: اليهودية باعتبارها «ديانة» شعب خاص اختاره «يهوه» لنفسه أقصت كلّ الجنس البشريّ، وعادت كلّ الشعوب الأخرى واستجرّت على نفسها بذلك عداوة كل الشعوب.
سادساً: لم يكن «يهوه» يريد سوى طاعة أوامره التي لا تكترث بالنية الأخلاقية او بالتربية الأخلاقية، وبالتالي فإنّ إله اليهودية ليس كائناً ذا أخلاق، إنه ليس بذلك الكائن الأخلاقيّ الذي لا يمكن أن يظهر دين بدونه.
يقول البروفيسور منير العكش أستاذ اللسانيات في الولايات المتحدة، إنه واستناداً الى هذا الأساس وبعد مطالعة دامت سنوات، أعددتُ كتابي الجديد الذي تناولت فيه عنف اليهودية وتاريخها.
ويذهب منير العكش في كتابه الجديد (اليهود والعنف) الى أنّ:
النصوص «النبويّة» التي نسجت منها الذهنيّة اليهوديّة وتمحورت حول فكرة «إسرائيل الأرض الموعودة» إنما تضعنا أمام ايديولوجية إبادة جماعيّة لا تتحقق إلا بالعنف المميت.
وان الحركة الصهيونية ليست إلا مجرد مظهر واحد من مظاهر ايديولوجيتها الإبادية.، وسلاحاً واحداً من أسلحتها.
ويضيف العكش في كتابه الذي طبع حديثاً في بيروت (لمؤسسة العربية للدراسات والنشر)، القول:
هذه الايديولوجيا الصحراوية الجلف لا يحتمل جوهرها الدموي المنسوب إلى الآباء «الأنبياء» ذرة من لبس أو تأويل في أنها دين!
أما الزعم بأنّ هذه الفكرة دين… وانّ ما اقتضته من استعباد ونهب وجرائم لا إنسانية من عمل الإله…
فيتطلّب من هؤلاء المؤمنين بها درجة مخيفة من الإلحاد والغرور…
منير العكش الذي يؤسّس في كتابه هذا إلى ثلاثية العنف التي يقول إنها صادرت «الأديان السماوية» الثلاثة باسم ايديولوجيا الصحراء والبداوة والتي بدأ بكتابه الأول بمقدّمة اعتبرها نوعاً من المغامرة عنون لها «كيف يصبح الدين شراً» فيقفز في مقدمته من التاريخ القديم أيّ نحو سبعة قرون قبل الميلاد الى الحاضر ليسجل جوهر ما يريد إيصاله في اللحظة التاريخية الراهنة ليقول:
السؤال عن سبب ارتكاب أشنع أنواع الفظائع والعنف الطائش باسم الدين ليس جديداً… والإجابة عليه أصبحت ملحّة، بعد أن صار مخيفاً وملحاً وتهديدا وجودياً… فما هياج الحكومات الغربية كلها على دم الفلسطينيين اليوم وجعلها كفصيل واحد من الضواري الجائعة، إنما هو إجماع لم يعرفه تاريخ الشرق والغرب منذ الحروب الصليبية. وها هي وجوههم بلا قناع وأيديهم الملطخة بدم الفلسطينيين بلا قفازات، وها هي ضمائرهم وقد أحالها جنون العنف الى جيف نتنة.
الكاتب السوري الولادة، ولكنه الفلسطيني الهوى والهوية، كما وصفه يوماً الشاعر الراحل محمود درويش، وبعد أن يفند مطولاً كون اليهودية ديناً، يورد مجموعة من الأقوال التاريخية الهامة جداً تميط اللثام عن ماهية جزء مهمّ من مواصفات دويلة الكيان العبري، نوردها كما هي نصاً لأهميّتها :
فكلمة «العبري» ليست اسماً لجنس أو عرق بل هي صفة تعني «البدوي»، كما تعني «العابر» و «اللص» وتعني «قاطع الطريق» و»الدخيل النشاز»، كما ترد في تدوينات المؤرّخ وعالم الآثار ثيوفيل ميك…
فيما يقول مرشا إلياد بأنّ عبادة يهوه مثلاً إنما هي المثال البدوي لأنبياء الصحراء، في حين يقول عنهم جون فلايت «إن إلههم أي إله «إسرائيل» ما هو إلا إله صحرواي قح…».
بينما يذهب المؤرّخ المصري أپيون الى وصفهم بالقول: «إنما طردوا من مصر بسبب اشتغالهم بالسحر والشعوذة وأمراضهم التي خيف منها على المصريين…».
البروفيسور منير العكش الذي يستفيض في فضح هذه الجماعة والكيان المصادرين لفكرة الدين الأخلاقيّة لأغراض سياسية في كتابه الجديد يشدّد في مقدّمة كتابه على انّ:
ما يجري في غزة اليوم من مذابح لا تختلف عن مذابح الإسبان في العالم الجديد هو الذي اضطره الى تجزئة الثلاثية ونشر الكتابين أولاً اليهود والعنف والغرب والعنف…
ليثبت بأنّ هؤلاء الذين لا يملّون من البكاء والعويل.. لصالح شخصية الضحية في أفران الغاز هم أنفسهم الذين يلقون على رؤوس أهل غزة الفلسطينيين يومياً آلاف أفران الغاز…!
ثم يختم منير العكش مقدّمته الصارمة والشديدة الحسم حول جذور العنف الحالي في العالم بالقول:
«ما يشهده العالم في غزة اليوم هو عرض طقسيّ حيّ تقدّمه حكومة المتديّنين بالصوت والصورة لهذه الايديولوجيا الإبادية التحريمية التي كانت وما زالت عبادة لهم لازمت فكرة «إسرائيل» من يشوع الى نتنياهو».
إنها نفسها الفكرة الإبادية التي تسرّبت وبقوة إلى فكر التكفيريين جماعات وأحزاباً ودولاً أشبه ما تكون بالقلاع الصليبية التي تمّ تأسيسها لمنع زحف القوى الإنسانية التي تريد تحرير فلسطين والعالم من الفكر التلمودي الإبادي القاتل، كما سيفصل في كتابه الثالث، الذي ينتظر اللحظة التاريخية المناسبة لطباعته ونشره، ربما بعد النصر الكبير المنتظر في نهاية طوفان الأقصى.
بعدنا طيّبين قولوا الله…